سياسة

قرار العفو عن قتلة خاشقجي يصدم النظام التركي


من المؤكد أن الجانب التركي والقطري قد تكهنا بكل السيناريوهات المتعلقة بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، غير أنهما لم يضعا في الحسبان إمكانية حدوث الأمر الوحيد الذي لم يتخيله، ألا وهو قرار بالعفو عن قتلة خاشقجي أعلنه أبناءه بعد مرور نحو خمسة أشهر على صدور أحكام بالإعدام والسجن في القضية، وفق ما غرد به ابنه صلاح خاشقجي يوم الجمعة من خلال حسابه بموقع تويتر.

بينما يؤكد مراقبون بأن هذا القرار قد نزل كالصاعقة على المحاولات التركية القطرية لتسييس الجريمة التي وقعت في 2018 بالسفارة السعودية في إسطنبول، والركوب عليها ساعية نحو التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة.

لقد وجه هذا القرار الرصاص بقلب أجندة أنقرة والدوحة، وأذرعها الإعلامية المسمومة التي توظف أقلامها المأجورة لتشويه السلطات السعودية، ومحاولة تأليب الرأي العام المحلي بالمملكة والدولي ضدها، بالرغم من أن الرياض تؤكد دائما على محاسبة المتورطين.

تغطية على الفشل

وعندما حدثت قضية مقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر 2018 بسفارة المملكة في إسطنبول، فقد اعتقد من جهته الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه حصل على ورقة ابتزاز تمنحه صلاحية الضغط على السعودية، واعتقد أيضا للحظة بأن حيثيات القضية يمكن أن تتم فبركتها بطريقة تقوده إلى قيادة المملكة، غير أن هذه الأخيرة اكتشفت سريعا الأجندة التركية الخبيثة، وقطعت الطريق على مساعي التوظيف السياسي للقضية، وأعلنت اتخاذ سلسلة من الإجراءات قانونية.

وفي هذا الشأن، أعلنت المملكة اعتقال المتورطين في قتل خاشقجي، وإقالة مسؤولين بينهم سعود القحطاني وأحمد عسيري نائب مدير المخابرات ومحاسبة المقصّرين، وشددت على ضرورة عدم إخراج القضية عن حيزها الجنائي.

لكن أنقرة التي تختنق تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، وموصومة بسجل حقوقي أسود لاسيما في ما يتعلق بحريات التعبير والصحافة، لم تتمكن من تقبل نجاعة القضائي النزيه في غيرها من الدول، وواصلت شن حملات إعلامية واسعة، بالتعاون مع حليفتها قطر وأبواقها الإعلامية، سعيا منها نحو توجيه الرأي العام، ومنح القضية أبعادا سياسية.

في حين أن شفافية المملكة في التعامل مع القضية، وحزمها في التدابير القضائية المتعلقة بها، خيبت كل آمال أنقرة والدوحة، وكشفت التقارير المفبركة للأساطيل الإعلامية الضخمة والتي بقيت لأسابيع طويلة تلخص عملها في تناول ملابسات الملف.

وبالرغم من كل هذا، فإن أنقرة لم تقتنع بأن ملف خاشقجي قد استنزف إعلاميا وسياسيا ولم يعد من الوارد استثماره في ابتزاز جديد للسعودية، بل إنها استمرت بإثارته كلما اشتدت أزماتها الداخلية، وتزايد الاستياء الشعبي من أدائها ومن التضييق على الحريات.

أطماع بدعم مالي

لقد أظهرت الرياض رفضا شديدا لسياسة الابتزاز التركية، الأمر الذي أفقد أنقرة هامش المناورة طمعا في الحصول على تنازلات في عدد من القضايا أو على دعم مالي يظهر بأن النظام التركي في أمس الحاجة إليه مع انهيار مؤشرات اقتصاده الذي عجز عن تحمل تداعيات فيروس كورونا.

كلها أطماع كشفتها وأكدتها تحركات أردوغان لإثارة قضية خاشقجي في الوقت الذي ينشغل فيه العالم أجمع بالأزمة الصحية الناجمة عن انتشار جائحة كورونا وما يطرح الاستفهامات بخصوص المغزى من تصريحات وقرارات حول قضية حسمتها الرياض باتخاذ جميع الاجراءات القضائية اللازمة لمعاقبة المتورطين.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى