سياسة

في ذكرى “ثورة فبراير” في ليبيا.. مسلسل الأزمات لم ينته بعد


مرت 10 سنوات على دخول ليبيا في مسلسل من الأزمات لم ينته بعد، منذ قيام الثورة التي أسقطت نظام معمر القذافي، لتدخل البلاد في حالة انهيار وحروب داخلية دامية، وتعددت الأزمات التي يعانيها المواطنون.

وقال خبراء ليبيون، إن ليبيا تمر بمنعطف حاسم بعد مرور 10 أعوام على ثورة فبراير، مؤكدين أن البلد يمر بأزمات عاصفة، تستدعي توحيدًا للمؤسسات وإزالة جميع الكيانات التي تتصارع على المكاسب السياسية، بعد أم عاشت البلاد عقدا من الزمان، تضخمت فيه فاتورتها الاقتصادية بشكل باهظ، وتغلغل الفساد في مؤسسات الدولة، جراء سيطرة المليشيات على مفاصل حكومة الوفاق، مطالبين السلطة الجديدة بتفعيل ما جرى الاتفاق عليه خلال الشهور الماضية، للعبور نحو ليبيا الجديدة.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، إنه بعد 10 أعوام من ثورة فبراير، لم تتحقق أي من أهدافها التي خرجت من أجلها، وهي تحسين الحياة الاقتصادية للمواطن وتحسين الخدمات والبنية التحتية وضمان العدالة الاجتماعية، موضحا أن تنظيم الإخوان والمجموعات المتطرفة سرقت “ثورة فبراير”، وعاثت في البلاد فسادا، مشيرًا إلى أن ليبيا كانت بيئة خصبة لتلك الجماعات لتنظيم أنفسها والسيطرة على مفاصل الدولة، وفق ما أوردت العين الإخبارية.

وأشار المسلاتي إلى أن نتيجة لسيطرة التنظيم الإخواني والميليشيات المسلحة، شهدت ليبيا فوضى عارمة، فقد فيها الآلاف من الشباب حياتهم، جراء العمليات الإرهابية غير مسبوقة، فيما كثفت الميليشيات المسلحة من وتيرة أنشطتها لنهب المال العام، مشيرا إلى أن المواطنين يأملون أن السلطة التنفيذية الجديدة (الحكومة والرئاسي) من تفعيل ما جرى الاتفاق عليه خلال الشهور الماضية، وأبرزها اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر في جنيف، القاضي بحل الميليشيات المسلحة والقضاء على الإرهاب.

ورغم تأكيد المحلل السياسي الليبي أن الليبيين يهمهم بشكل عام تحسين أوضاعهم الاقتصادية، إلا أنه قال إن ذلك لن يتحقق بدون وضع أمني جديد في ليبيا، يمهد ويسهل لتحقيق الهدف الأعلى الذي ينتظره جميع الليبيين وهو الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر والتي ستؤدي إلى كنس الكيانات الحالية التي تتصارع على المكاسب السياسية.

ومن جانبه، عبر المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، عن توافقه مع رؤية المسلاتي، مؤكدًا أن ما سمي بـثورة 17 فبراير 2011، لم تحقق تطلعات الشعب الليبي في تحقيق الديمقراطية ودولة حكم المؤسسات، موضحا أن الميليشيات المسلحة سيطرت على مفاصل ليبيا، وسعت منذ اللحظات الأولى إلى ربط مصالحها بالقوى الدولية، وترسيخ حكم الفوضى والنهب والسلب.

ووصف المرعاش، ما حدث خلال العشر سنوات الماضية بـالنكبة والعشرية السوداء، التي سادت فيها أعمال القتل والنهب والسلب، في أحداث لم تشهد ليبيا لها مثيلا، منذ الحكم التركي وبعده الاستعمار الإيطالي، مؤكدا أنه خلال هذه العشرية السوداء تناوب على الحكم شخصيات فاسدة وجاهلة وعميلة، آخرها حكومة السراج التي جلبت الاحتلال العسكري للأرض الليبية، وفرطت في سيادة ليبيا، وقسمت البلاد بين شرق وغرب وجنوب.

وأشار إلى الحالة المعيشية للمواطنين التي وصفها بـالأسوأ في تاريخ ليبيا الحديث، فلا أمن ولا صحة ولا تعليم فضلا عن نسيج اجتماعي ممزق، بفعل حروب أشعلها أمراء الحرب والإرهاب، واستفحال الفساد المالي والإداري وسرقة ونهب المليارات وتبييضها في دول الجوار وحتى البعيدة منها.

محمود زاقوب المحلل السياسي الليبي، كان له رأي مختلف، فأشار إلى أن التغيير سنة الحياة السياسية، فما حدث من تغيير في ليبيا كان سيحدث في نفس التاريخ أو قبل أو بعد، بحسب قوله.

ونقلت العين الإخبارية زاقوب قوله إن المربع الحالي هو الأخير أو ما قبل الأخير في الأزمة الليبية للعديد من الأسباب، بينها أن الوضع الأمني للبلاد لم يعد يسمح بالمزيد من التردي، كما أن الحالة الاقتصادية للمواطن الليبي قضت على كل المدخرات الفردية، مشيرا إلى أن دول الجوار لم تعد تسمح بوجود منطقة عدم استقرار وبؤرة غير آمنة بالجوار، مؤكدًا أن الأمم المتحدة وبعثتها دخلت بثقلها في الفترة الأخيرة في الأزمة الليبية للخروج بها من عنق الزجاجة.

الخبير الاقتصادي الليبي عيسى رشوان، كشف في تصريحات للعين الإخبارية، عن أوضاع مأساوية اقتصاديًا تعيشها ليبيا مع مرور قرابة عقد من الزمان على ثورة فبراير، موضحا أن فاتورة الاقتصاد في ليبيا منيت بخسائر تقترب من نصف ترليون دولار، فيما تصدر البلد الأفريقي قائمة أكثر الدول فسادًا ماليًا وإداريًا، مشيرًا إلى أن ليبيا أصبحت ضمن أكثر الدول خطرا في العالم على الأجانب.

وأشار رشوان إلى ظهور شيء غير معروف في ليبيا سابقا وهو المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون والتي يُنفق عليها من ميزانية الدولة ولا تخضع لسلطتها، مؤكدًا أن سيطرة تلك الميليشيات جعلت من ليبيا أكبر دولة في تجارة وتهريب الوقود النفطي الخام والمعالج في البحر المتوسط، كما جعلتها أفضل طريق لعبور تجارة الممنوعات في العالم ممثلا في (من كولومبيا إلى ليبيا إلى إفريقيا وأوروبا وآسيا).

وأكد أن العوامل السابقة دفعت إلى انهيار قيمة العملة الليبية مقارنة بالسابق، متوقعًا أن تلجأ ليبيا إلى صندوق النقد الدولي لطلب قرض، بعد استنزاف المسار الاقتصادي الجاري حاليًا الوقت الذي يعني المال.

وحول الحلول الواجب اتباعها للخروج من الأزمة الحالية، قال الاقتصادي الليبي، إن أي جهود ستبذلها الحكومة الجديدة ستكون عبارة عن معالجات صورية شكلية فقط، مشيرًا إلى أنه من الصعب جدا الآن التعامل مع الجريمة المنظمة في الجهاز الإداري في الدولة الليبية.

ورغم ذلك إلا أن ليبيا في حاجة إلى قوة واحدة تحمي وتطبق القانون، مطالبًا بتفعيل دور الشرطة القضائية والجهاز القضائي الذي جرى تعطيله عن عمد، وتطهير المؤسسات الليبية من الفساد الذي توغل في مفاصلها.

عطية الفيتوري أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي الليبية، عبر عن آماله في أن تسهم الحكومة الجديدة في معالجة الوضع الضبابي.

وأوضح الفيتوري، في تصريحات للعين الإخبارية، أنه من الصعب التكهن بما سيصير عليه الاقتصاد الليبي بعد عشرة أعمال ونحن في هذا الوضع الضبابي، مؤكدًا أنه لا توجد خطة ولا حتى من سيقود الاقتصاد.

وأشار إلى أنه بعد اعتماد الحكومة الجديدة والتعرف على خططها الاستراتيجية، يمكن بعدها التوقع أو التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع في ليبيا.

 

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى