فلسطين.. إلى متى القصف والموت؟
يطوون المسافات في سيارات أو سيرا على الأقدام، يبحثون عن ملجأ يقيهم اللهيب المتهاطل من السماء، ينتشرون في الشوارع، لكن إلى أين؟
ففي شوارع مدينة غزة خرج مئات الفلسطينيين، صباح الجمعة، حاملين بعض الأغراض، يحاولون الفرار في اتجاه جنوب القطاع، بينما قال معظمهم إنهم لا يعرفون إلى أين يلجأون.
وسادت حالة من الارتباك والرعب لدى سكان القطاع بعد أن أمرت إسرائيل سكان مدينة غزة وشمالها بإخلائها والنزوح جنوبا، في إجراء رفضته حماس وأكدت الأمم المتحدة أنه يطال 1,1 مليون شخص وستكون له تبعات “مدمّرة“، مع دخول الحرب بين تل أبيب والحركة يومها السابع، وتزايد احتمالات الاجتياح البري للقطاع المحاصر.
إلى أين؟
وقال عدد من سكان القطاع لوكالة فرانس برس إنهم سيبقون حيث هم، لأنه لا مكان يذهبون إليه.
بذعر واضح، قالت سيدة عرفت عن نفسها باسم أم حسام (29 عاما) والدموع تغطي وجهها، بينما يرافقها أربعة أطفال، “إلى متى يبقى القصف والموت؟ لم تبق لنا بيوت، كل منطقة في قطاع غزة مهددة. نطالب العرب بحمايتنا؟ يكفي.. يكفي”.
وتشير إلى أنها كانت لجأت إلى منزل أقارب لها في شمال القطاع في منطقة النصر منذ ثلاثة أيام، بعد تعرض المنطقة التي كانت فيها للقصف في منطقة الفيروز شمال غرب مدينة غزة. “قالوا لي إن المنزل دُمر كليا”.
وألقت طائرات إسرائيلية آلاف المنشورات على مدينة غزة تحث فيها السكان باللغة العربية على الإخلاء جنوبا.
وقبل أسبوع، شن مقاتلون من حماس تسللوا إلى إسرائيل برا وبحرا وجوا هجوما مباغتا على أراض إسرائيلية قتلوا خلاله، أكثر من 1200 شخص في الشوارع وفي منازلهم كما في مهرجان موسيقي.
وترافق ذلك مع إطلاق آلاف الصواريخ في اتجاه إسرائيل التي ترد منذ سبعة أيام بقصف عنيف لقطاع غزة حصد قرابة 1500 قتيل.
ورفضت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، الجمعة، إخلاء شمال القطاع، مؤكدة “ثابتون على أرضنا وفي بيوتنا ومدننا.. ولا نزوح ولا ترحيل”.
لكن عددا من السكان أخلوا منازلهم مع أطفالهم وحملوا بعض مقتنياتهم في أكياس بلاستيكية، وبعض الأمتعة وخرجوا إلى الشارع. وشوهد فتى يحمل وسادته ويسير إلى جانب بالغين.
وبحسب مراسلي فرانس برس، فضّل كثيرون البقاء في شمال القطاع، إذ لا توجد أية مركبات أو سيارات أجرة لتقل الناس إلى الجنوب أو ليس لديهم أي مكان يذهبون إليه.
ويقول رجل يدعى أبوعزام “هذا عدو غاشم وما يريده هو تخويف الناس وتهجيرهم. ولكن بإذن الله سنبقى صامدين في حال أي تهجير”.
وقال محمد خالد (43 عاما) إنه باق. “ماذا يريد العالم منا؟ أنا لاجئ في غزة ويريدون تهجيري مرة أخرى؟ ماذا سنفعل في رفح (جنوب)؟ سننام في الشوارع مع أطفالنا، لن نفعل. لا أريد هذه الحياة المهينة”.
“لا مكان”
وكررت الدعوات لفتح ممرات إنسانية قبل غزو بري محتمل من جانب إسرائيل.
وأمس الخميس، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضرورة أن يبقى سكان غزة “صامدين وموجودين على أرضهم”، محذرا من أن نزوح سكان القطاع قد يعني “تصفية القضية” الفلسطينية.
وفي مخيم الشاطئ في غرب مدينة غزة، وقف محمد أبوعلي (24 عاما) أمام مقر تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) “اليوم، لا نعرف أين نذهب؟ لا يوجد مكان آمن. لجأنا إلى الأونروا، إلى الأمم المتحدة. اليوم إسرائيل ترتكب مجازر بحق المدنيين وأولادنا الآن تحت الركام”.
وأضاف “لا نعرف أين اولادنا؟ لا نعرف ماذا نفعل؟ لا يوجد لدينا طعام ولا مياه. أنا أناشد الأمم المتحدة من أمام مقر الأمم المتحدة: أين نذهب؟”.