فشل ميليشيات الحوثي بضرب إسرائيل يحول تركيزهم للتصعيد في البحر الأحمر
يرجح محلّلون أن تتزايد تهديدات الحوثيين لحركة الشحن حول مضيق باب المندب الذي يعدّ أحد أبرز ممرّات الملاحة في العالم وذلك بعد احتجازهم سفينة شحن بريطانية تعود ملكيتها لرجل أعمال إسرائيلي.
رأى كبير محلّلي الشرق الأوسط لدى مجموعة ‘نافانتي’ الاستشارية الأميركية محمد الباشا أنّ فشل الصواريخ والمسيّرات التي أطلقها الحوثيون في إصابة أهداف داخل إسرائيل “قد أثّر على قرار إعادة التركيز على ساحة البحر الأحمر”.
وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام عبر منصة ‘إكس’، إنّ احتجاز السفينة الأحد هو “البداية”، مضيفا أنّ “أيّ حرص على عدم اتّساع الصراع يكون بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
ونشر الحوثيون الاثنين مقطع فيديو قالوا إنه يُظهر احتجازهم للسفينة المذكورة. وأظهرت اللقطات مسلحين ملثمين يقفزون على السفينة من مروحية بينما كانت لا تزال تتحرك، ويحتجزون أفراد الطاقم تحت تهديد السلاح، على الطريقة الإيرانية ورُفع عليها العلمان الفلسطيني واليمني.
وقالت شركة “أمبري” للأمن البحري إنها علمت أنّ المتمردين صعدوا على متن السفينة، عن طريق الهبوط أو الانزلاق على حبل من طائرة هليكوبتر، وهي الطريقة التي استخدمتها إيران خلال عمليات احتجاز السفن السابقة في مضيق هرمز.
وتمّ تغيير مسار السفينة المتّجهة من تركيا إلى الهند إلى ميناء الصليف اليمني في محافظة الحديدة، وفق “أمبري” ومصدر ملاحي يمني.
وأوضحت شركة “أمبري” أنّ “المجموعة المالكة لحاملة المركبات مسجّلة باسم راي كار كاريرز والشركة الأمّ لهذه المجموعة مدرجة باسم أبراهام رامي أونغار ومقرّها إسرائيل”.
وحذر المتمرّدون الحوثيون في اليمن الاثنين من أنّ السفن الإسرائيلية “هدف مشروع”، بعدما فتح احتجازهم سفينة شحن تعود لشركة بريطانية مملوكة من رجل أعمال إسرائيلي في البحر الأحمر، الباب أمام بعد جديد للحرب في غزة.
وجاء احتجاز السفينة “غالاكسي ليدر” وطاقمها الدولي المكوّن من 25 فردا الأحد، بعد أيام من تهديد الحوثيين المدعومين من إيران باستهداف السفن الإسرائيلية، على خلفية الحرب بين إسرائيل وحماس.
كذلك، أطلق الحوثيون الذين يعتبرون جزء من “محور المقاومة” الذي تقوده إيران، سلسلة هجمات بالصواريخ والمسيّرات من اليمن نحو جنوب إسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين في غزة.
ونقلت قناة المسيرة التابعة للحوثيين عن نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء علي الموشكي، قوله إنّ “السفن الإسرائيلية أهداف مشروعة لنا في أيّ مكان ونحن حذّرنا مسبقا ولن نتردّد في التنفيذ إطلاقا”.
وقال الحوثيون إنّ احتجاز السفينة جاء ردا على الحرب الإسرائيلية على حماس التي اندلعت بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على الأراضي الإسرائيلية والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، فيما أخذت الحركة حوالي 240 شخصا رهينة، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وتوعّدت الدولة العبريّة بـ”القضاء” على حماس وتشنّ حملة قصف جوّي ومدفعي كثيف رداً على الهجوم، تسبّب بمقتل أكثر من 13300 شخص في قطاع غزّة غالبيّتهم مدنيّون، وفق أرقام أدلت بها حكومة حماس مساء الاثنين.
ونددت الولايات المتحدة اليوم الاثنين باحتجاز جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران سفينة شحن في البحر الأحمر ووصفت ذلك بأنه انتهاك للقانون الدولي وطالبت بالإفراج الفوري عن السفينة وطاقمها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي “احتجاز الحوثيين للسفينة غالاكسي ليدر في البحر الأحمر يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي”.
وأضاف “نطالب بالإفراج الفوري عن السفينة وطاقمها وسنتشاور مع حلفائنا وشركائنا في الأمم المتحدة بشأن الخطوات التالية المناسبة”.
من جهته قال الجيش الإسرائيلي إنّ احتجاز السفينة “حادث خطير للغاية ذو عواقب عالمية”، بينما وصفه مسؤول عسكري أميركي بأنّه “انتهاك صارخ للقانون الدولي”.
وقالت “أمبري” إنّ الطاقم كان “يخضع للتحقيق” من قبل الحوثيين. وبحسب المسؤولين الإسرائيليين والرومانيين، فإنّ الطاقم يضمّ أوكرانيين وبلغاريين وفيليبينيين ومكسيكيين ورومانيًا.
من جهتها، أفادت شركة نيبون يوسن المعروفة أيضا باسم “إن واي كاي” اليابانية، بأنّها شكّلت فريق عمل لجمع المعلومات وضمان سلامة الطاقم. وقالت وزيرة الخارجية اليابانية يوكو كاميكاوا إنّ طوكيو “تتواصل بشكل مباشر مع الحوثيين” وتتواصل مع إسرائيل.
وأضافت “ندعو أيضا المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وإيران والدول الأخرى المعنية، إلى حثّ الحوثيين بقوة على الإفراج المبكر عن السفينة وأفراد الطاقم”.
وصف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عملية الاحتجاز بأنها “هجوم إيراني على سفينة دولية”، وهو اتهام رفضته إيران.
ويطل الساحل اليمني على مضيق باب المندب، وهو ممرّ ضيّق بين اليمن وجيبوتي عند أقصى جنوبي البحر الأحمر. ويعدّ أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، حيث يمر حوالي خمس الاستهلاك العالمي من النفط.
وقال توربيورن سولتفيت من شركة “فيريسك مابلكروفت” وهي شركة استخبارية تُعني بالمخاطر، إنّ “التهديد بتعطيل الشحن في المنطقة الأوسع من المرجّح أن يتزايد”، مضيفا “إذا أجبرت المخاوف الأمنية شركات الشحن على تجنّب مضيق باب المندب، ستكون النتيجة ارتفاع التكاليف بشكل كبير بسبب نقص الطرق البديلة”.