سياسة

فشل برلماني جديد يُمدد الشغور الرئاسي في لبنان


فشل البرلمان اللبناني مجددا في انتخاب رئيس للمرة الثانية عشرة ولم يحصل المرشح المدعوم من حزب الله سليمان فرنجية ولا وزير المالية السابق جهاد أزعور على عدد كاف من الأصوات للفوز في جلسة برلمانية ساخنة. ما يعني استمرار حالة الشغور فيما تضع القوى الشيعية عراقيل أمام إنهاء حالة الجمود السياسي وفسح المجال لانقاذ لبنان اقتصاديا وماليا.

ونشرت قناة ” ال بي سي” اللبنانية نتائج الفرز قائلة ان “أزعور تحصل على 59 صوت وفرنجية على 51 صوت. فيما انقسمت بقية الاصوات على بقية المرشحين وتم الغاء بعض الاوراق واعتبار اخرى بيضاء”.

ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى من التصويت إلى غالبية الثلثين أي 86 صوتاً للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتاً. لكن النصاب يتطلب الثلثين في الدورتين.

وكان من المرجح قبل الجلسة أن ينال أزعور العدد الأكبر من الأصوات في الدورة الأولى. على أن يطيح حزب الله وحلفاؤه بالنصاب لعقد دورة ثانية وهي سياسة اتبعوها خلال الجلسات الماضية.

ومن المتوقع أن يؤدي فشل التصويت إلى تعميق التوترات الطائفية في لبنان الغارق بالفعل في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم. والذي يواجه أيضا شللا سياسيا غير مسبوق في غياب وجود رئيس للدولة ومجلس وزراء كامل الصلاحيات وانقسام البرلمان.

وفي غمار التوتر الطائفي المتزايد، عطلت الفصائل الشيعية الرئيسية خطوة من جماعات منها أكبر حزبين مسيحيين في لبنان لانتخاب جهاد أزعور. وهو وزير مالية سابق ومدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي.
وانتهت الجلسة عقب انسحاب نواب من حزب الله وحركة أمل المتحالفة معه بعد الجولة الأولى مما عطل استمرار النصاب القانوني في الدورة الثانية.

وقال الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار  “بغياب ضغط دولي كبير وتسوية حول مرشح. قد يتطلب الأمر أشهراً عدّة قبل انتخاب رئيس”.

واعتبر أن جلسة الأربعاء، على غرار سابقاتها. عبارة عن “وسيلة للقوى السياسية من أجل تحديد وزنها الانتخابي”.

وعنونت صحيفة الأخبار المحلية، المقربة من حزب الله، صفحتها الأولى بكلمة “الفراغ”.

وأشار النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني، حسن فضل الله وفق ما نقلته عنه قناة الميادين. “الى ان مرشح الحزب يحمل مشروعا سياسيا واضحا وهو قادر على طمأنة كلّ اللبنانيين”.

وأكد أنّ الرئيس اللبناني يحتاج إلى أوسع تأييد داخلي من المسلمين والمسيحيين وهو لا يُنتَج إلا بالتوافق”. معتبرا أن “ما يجمع الذين اتفقوا على المرشح الآخر هو السعي لإسقاط المرشح سليمان فرنجية”.
وقال ان “من اتفق على المرشح الآخر بعضهم في السلطة، وهم اتفقوا مع معارضة كانت في عهد الرئيس ميشال عون”. مشددا على أن “هؤلاء غير مقتنعين حتى بالمرشح الآخر (جهاد أزعور) من دون أن يسميّه”.

وكان رئيس كتلة حزب الله النائب محمّد رعد اعتبر الإثنين إن من يدعمون ترشيح أزعور، من دون تسميته، “لا يريدون إيصاله إلى رئاسة الجمهورية. وإنّما يستخدمونه فقط لمنع أن يصل مرشّح المقاومة”، في إشارة الى فرنجية.

وأكد فرنجية في كلمة الأحد أنه سيكون “رئيساً لكل اللبنانيين” برغم تحالفه مع حزب الله وصداقته مع الرئيس السوري بشار الأسد. ووجه انتقادات لاذعة الى معارضي ترشيحه، الذين يصفونه بـ”مرشّح الممانعة” في إشارة إلى حزب الله.

وقال في كلمة “اذكرّهم في 2016 دعموا مرشّح الممانعة الرئيس ميشال عون”.

وهذه هي المرة الثانية عشرة التي يجتمع فيها مجلس النواب لشغل مقعد الرئاسة، وهو المنصب المخصص لأحد أفراد الطائفة المسيحية المارونية بموجب نظام المحاصصة الطائفية في لبنان. والمنصب شاغر منذ أكتوبر عندما انتهت ولاية ميشال عون المتحالف مع حزب الله.

والفراغ الحكومي في لبنان غير مسبوق بالفعل. فلا تملك البلاد رئيسا أو حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة من شأنها التصدي لانهيار مالي أصاب البلاد بحالة من الشلل.
وتدعم جماعة حزب الله، التي تقول إنها تمارس حقوقها الدستورية، حليفها المسيحي الوثيق سليمان فرنجية وهو صديق للرئيس السوري بشار الأسد الذي يدعم بشدة حق الحزب في حيازة الأسلحة.
وتحدث حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، بلهجة عنيفة في حملته على أزعور، ووصفه بأنه مرشح مواجهة وتحد.
وكثف المفتي الجعفري الممتاز في لبنان الشيخ أحمد قبلان الهجمات اللفظية على أزعور يوم الأحد من دون أن يذكره بالاسم، متهما إياه بأنه مدعوم من إسرائيل وقائلا إن رئيسا “بختم أميركي ممنوع”.

حزب الله مستفيد من حالة الشغور
حزب الله مستفيد من حالة الشغور

وفي عام 2016، وصل عون إلى رئاسة الجمهورية بعد عامين ونصف العام من شغور رئاسي واستناداً الى تسوية سياسية بين الحزب وخصومه. وأقر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في آذار/مارس بأن حزبه وحلفاءه عطلوا حينها النصاب حتى انتخاب عون.

وبينما يبدو الملف اللبناني غائباً عن الاهتمام الدولي. وحتى الإقليمي، تقود فرنسا، بلا جدوى، منذ أشهر حراكاً لتسريع انتخاب رئيس.

ومن المتوقع أن يصل إلى بيروت قريباً وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان الذي عيّنته باريس مبعوثاً خاصاً إلى لبنان، في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر إن بلادها تدعو لبنان إلى أخذ جلسة الأربعاء “على محمل الجد واغتنام الفرصة التي توفرها للخروج من الأزمة”. وأكدت “الأولوية التي توليها الدبلوماسية الفرنسية” لحل الأزمة في لبنان.

من جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر “نعتقد أنّه طالما لم يتمّ انتخاب رئيس، فيجب على البرلمان الاستمرار إلى حين إنجاز المهمّة”.

ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، ويشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي.

ويمكن للانقسام الحاد بين القوى السياسية أن يمهّد الطريق وفق بيطار “أمام مفاوضات ستصل في نهاية الأمر إلى حلّ الرجل الثالث. وانتخابات يمكن أن تُعدّ مسبقاً على غرار معظم الانتخابات السابقة في تاريخ لبنان”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى