سياسة

فشل الإعلام الموجَّه.. وانتصر الوطن


لا يعترف أحد بالتدخل في شؤون الغير، وتتذرع الدول بحرية الرأي حين يتعلق الأمر بالإعلام الموجه لدولة أخرى.

لكن حين لا يؤدي هذا الإعلام هدفه الذي وجد من أجله فإن ذلك بالتأكيد يعني نهايته.

في العقد الأخير، أصبحت الحرب الإعلامية أكبر تأثيراً من أي وقت مضى، تسابقت الدول المتنافسة لتأسيس قنوات لإثبات منظورها في الأحداث الدولية، بكل لغات العالم حتى يتسع تأثيرها لما وراء البحار، في حين استضافت دول إقليمية معارضين وأسست منصات إعلامية لمهاجمة الدول العربية والتدخل في شؤونها وزعزعة أمنها واستقرارها، وتأليب الدول والمجتمعات والمنظمات عليها. ورغم ذلك، بقي بنيان الدول العربية مرصوصاً، ولم تحصل تلك الدول إلا على العداوات المجانية، والخسارات المتتالية .

وبالحديث عن الوسائل الإعلامية المشبوهة والموجهة، والتي وجدت لتحقيق أغراض داعميها، فإن الرأي العام العربي عرى تلك المنصات وأدرك مبكراً أهدافها وطرقها الملتوية لإثارة الفوضى وتهديد أمن وسلم دول بعينها، باستخدام شاشات القنوات الفضائية أو الصحف أو منصات التواصل الاجتماعي، فلم يتابعها إلا المؤدلجون والمتطرفون.

يعد مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول من المبادئ الأساسية التي قامت عليها الأمم المتحدة ونصّ ميثاقها على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها: “ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما”، ووفقاً لهذا المبدأ أليس التدخل “إعلامياً” في الشؤون الداخلية للدول انتهاكاً لهذه المادة؟

نعم، فقد أسهمت تلك السياسات الإعلامية في دعم الكراهية في كثير من الدول، واستغل الإرهابيون خطابها لتعزيز العنف ونشر التطرف، وقد ترك ذلك أثراً عميقاً في آليات التعامل مع الفعل الإرهابي، وحول مفاهيم التناقض والكذب الواضح إلى ظواهر ملموسة .

لا يكفي وضع ميثاق يتم الالتزام به اليوم ونقضه في اليوم التالي، بل يجب تقديم جميع الضمانات بألا تعود قنوات الكراهية إلى البث مرة أخرى أبداً، حيث تسهم في خدمة التطرف بشكل واضح عبر ترسيخ وجود المتطرفين ومنحهم منصات لتضخيم صورتهم بهدف الترويج لهم، ولذلك لا بد أن يكون هناك قانون دولي يحاسب القنوات الإعلامية التي تتناول الشؤون الداخلية للدول بتزوير الحقائق ونشر الشائعات والكذب.

خلاصة القول.. تعهدت قنوات “معادية” بالالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية، والحقيقة أن ذلك غير مهم في هذا التوقيت، فاستخدامها كورقة مفاوضات كان كفيلاً بفقدها مصداقيتها بل ووجودها، ليعلم من كان يثق بها قدر أنملة أنها ألعوبة في يد الخارج، تأتمر بأمره وتنفذ مخططه وتقبل إملاءاته وشروطه، فهل سيبقى متابع لها – يحترم عقله – بعد اليوم؟

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى