فساد الماضي والإخوان.. تداعيات جديدة في تونس بعد قضية عبد الكافي

تشهد تونس تطوراً لافتاً في ملف مكافحة الفساد بعد توقيف الوزير الأسبق للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، محمد فاضل عبد الكافي، إلى جانب والده أحمد عبد الكافي، على خلفية اتهامات باختلاس أموال عمومية من صندوق الودائع والأمانات.
هذه القضية أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، خصوصاً أن المتهم تولى حقيبة الاستثمار في فترة حساسة ارتبطت بوجود حركة النهضة الإخوانية في الحكم، وهو ما أعاد إلى السطح النقاش حول ماضي تلك المرحلة وإرثها الثقيل في مؤسسات الدولة.
التحقيقات شملت أيضاً المديرة العامة السابقة للصندوق، بثينة بن يغلان، في إطار شبهات بتجاوزات مالية وإدارية طالت واحدة من المؤسسات السيادية ذات الصلة المباشرة بالسياسات المالية للدولة.
ويُنظر إلى هذه التطورات باعتبارها جزءاً من سياسة الدولة في تفكيك شبكات الفساد التي استقرت في مواقع القرار خلال السنوات الماضية، خاصة تلك التي تداخل فيها النفوذ السياسي مع المصالح الاقتصادية.
محمد فاضل عبد الكافي، الذي وُلد سنة 1971، شغل عدة مناصب مالية بارزة من بينها إدارة بورصة تونس ورئاسة “التونسية للأوراق المالية”، قبل أن يُعيَّن وزيراً للتنمية والاستثمار في حكومة 2016.
غير أن موقعه في تلك الفترة التي اتسمت بتغلغل حركة النهضة في أجهزة الدولة جعل الكثيرين يربطون مساره الوظيفي والاقتصادي بمرحلة التحالفات السياسية للإخوان، وهو ما يزيد اليوم من حساسية القضية التي يواجهها.
القضية ليست حدثاً عادياً، بل تحمل أبعاداً سياسية ومستقبلية. فإثارة ملف فساد مسؤول سابق تولى حقيبة في عهد النهضة تعكس اتجاهاً متصاعداً لمراجعة المرحلة التي مكّنت الإخوان من بسط نفوذهم عبر شخصيات تكنوقراطية أو حزبية.
كما يُتوقع أن يكون لهذه التحقيقات انعكاس مباشر على خطاب مكافحة الفساد الذي يتبناه الرئيس قيس سعيّد، خاصة مع اقتراب استحقاقات انتخابية مرتقبة ستُختبر فيها ثقة الشارع التونسي.
هذا وتبدو قضية عبد الكافي أكثر من مجرد ملف فساد مالي، فهي تذكير بأن شبكات النفوذ التي رعتها حركة النهضة خلال فترة حكمها لا تزال تُلقي بظلالها على الدولة. كما أن المحاكمة المنتظرة قد تتحول إلى اختبار لقدرة تونس على القطع مع الماضي، وبناء مشهد سياسي جديد بعيد عن إرث الإخوان وما خلّفه من تشوهات في الإدارة والاقتصاد.