فرنسا وجهة القادة العرب في 10 أيام
تحوّلت باريس لوجهة رئيسية للقادة العرب في 10 أيام، ما يعكس أهمية العلاقات الأوروبية مع الشرق الأوسط في السياسة الدولية.
واستقبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون خلال الأيام الماضية، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.
خلال أيام، ضمن جولة خارجية تشمل أيضا أثينا كما يصل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي، إلى باريس.
كما كشف مصدر دبلوماسي في السفارة الفرنسية في الرياض، لوكالة الأنباء الألمانية، إن “المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها ومواجهة التحديات المشتركة وصون الأمن والاستقرار في المنطقة ومحاربة الإرهاب ستكون في صلب محادثات الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس إيمانويل ماكرون خلال لقائهما في قصر الإليزيه”.
لافتا الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن زيارة ولي عهد السعودية تأتي تلبية لدعوة من الرئاسة الفرنسية.
وحسب المصدر، فإن الجانبين سيبحثان عدة ملفات مهمة ورئيسية: هي الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة الطاقة، والملف النووي الإيراني، والوضع في اليمن في ظل استمرار التدخل الإيراني من خلال تهريب الأسلحة والذخائر وإرسال خبراء عسكريين إلى مليشيات الحوثي.
لكن زيارة الأمير محمد بن سلمان في فترة تشهد توافد قادة عرب على باريس، ولقاء ماكرون، تعكس الأهمية المتزايدة للشرق الأوسط في المنطقة، وتبلور دور فرنسي قوي يرمي لتقوية الروابط وتعزيز العلاقات مع الدول العربية.
الإمارات وفرنسا
البداية كانت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والذي اختار باريس لتكون أول وجهة دولية رسمية له، الأسبوع الماضي، ما حرك إشادات قوية من الجانب الفرنسي.
وقال جون بول ماتيي، رئيس مجموعة الوسط في البرلمان الفرنسي في مقابلة مع وكالة أنباء الإمارات “وام”: “ممنونون للشيخ محمد بن زايد آل نهيان على اختياره فرنسا لتكون وجهة لأول زيارة رسمية خارجية له منذ توليه الحكم في دولة الإمارات، ضيف عزيز علينا وتعرفنا عليه أكثر خلال زياراته السابقة لفرنسا حين كان وليا للعهد”.
وأضاف: “علاقاتنا الفرنسية الإماراتية متميزة وناجحة وتربطنا بأصدقائنا الإماراتيين شراكة قوية ومتينة تشمل كل المجالات بما فيها الاقتصاد والدفاع والثقافة وحماية التراث والمناخ؛ لكننا نعتبر الثقافة حجر الزاوية في هذه العلاقات المتميزة”.
بدوره، أشاد كاستور جان فيكتور، عضو البرلمان الفرنسي، بزيارة الدولة التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى فرنسا؛ واصفا إياها بالتاريخية .
وأضاف فيكتور: “آخر زيارة دولة قام بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى فرنسا كانت عام 1991 وتركت زخما كبيرا في فرنسا، واليوم ذات الزخم حملته زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان”، مشيرًا إلى أن العلاقات بين فرنسا والإمارات متميزة.
محمود عباس في باريس
والأربعاء الماضي، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في قصر الإليزيه، إلى استئناف “الحوار السياسي المباشر” بين الإسرائيليين والفلسطينيين، المتعثر حاليا، مؤكدا “ليس لدينا بديل عن إحياء جهودنا من أجل السلام”.
وجاءت زيارة عباس إلى فرنسا بعد أسبوعين من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد ولقائه إيمانويل ماكرون.
السيسي ضيفا على فرنسا
والجمعة الماضية، حل الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، ضيفا على باريس، حيث التقى الرئيس ماكرون في قمة ثنائية تعكس عمق العلاقات.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، إن اللقاء شهد إجراء مباحثات بين الرئيسين، والتأكيد على اعتزازهما بالروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين، والالتزام بدعم مسيرة العلاقات الثنائية المشتركة في مختلف المجالات على نحو بناء وإيجابي.
وأوضح المتحدث أن اللقاء شهد التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية، لا سيما مستجدات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام، حيث أعرب الرئيس الفرنسي عن تقدير بلاده البالغ تجاه الجهود المصرية ذات الصلة، سواء بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو في الداخل الفلسطيني بما فيها جهود إعادة إعمار غزة.
ووفق مراقبين، أظهرت جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة في الشرق الأوسط، الأهمية المتزايدة للمنطقة في السياسة الدولية، وخاصة في ملفات السلام والأمن والطاقة، ما دفع القوى الغربية إلى تكثيف محاولاتها للتقارب مع دولها.
وفي هذا الإطار، تعمل فرنسا على تقوية الروابط وتعزيز العلاقات مع الدول الرئيسية في الشرق الأوسط، وفتح ملفات المنطقة الرئيسية، وفي مقدمتها مباحثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فضلا عن ملف الطاقة.
كما تحاول فرنسا لعب دور بارز في قضايا المنطقة في إطار محاولاتها تعزيز علاقاتها مع الدول الرئيسية، وفي مقدمتها دولة الإمارات والسعودية ومصر، وفق مراقبين.