متابعات إخبارية

فرقاء ليبيا.. تأجيج الانقسام في قضية أبوعجيلة


تتفاعل قضية أبوعجيلة مسعود المريمي الليبي المحتجز في الولايات المتحدة والذي تتهمه السلطات الأمريكية بأنه أحد منفذي اعتداء لوكربي في العام 1988 باعتباره مسؤولا عن صناعة القنبلة التي سببت الانفجار، محليا وسط انقسام بين شرق وغرب ليبيا.

وكأن القضية جزء من حالة الانقسام السياسي بعيدا عن تفاصيلها الجنائية وبغض النظر عن كونها نموذجا صارخا عن انتهاك السيادة الليبية من قبل دول أجنبية.

وإلى أبعد من حالة الانقسام (محليا) تتحرك القضية أميركيا وبتعاون مع قوى غربية أخرى في مسار يبدو عنوانه عودة للمساومات على الطريقة ذاتها التي جرى بها تسوية القضية قبل أكثر من ثلاثة عقود مع النظام الليبي السابق.

وفي الوقت الذي واجهت فيه الحكومة المنتهية ولايتها في طرابلس بقيادة عبدالحميد الدبيبة، اتهامات بالخيانة في ما يتصل بهذا الملف. أظهرت وثيقة صادرة عن مجلس النواب الليبي في شرق البلاد. مطالبة بتحريك دعوى جنائية ضد المتورطين بـ”خطف” المواطن أبوعجيلة مسعود المريمي.

وأتت وثيقة البرلمان الليبي بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة احتجازه في قضية لوكربي، في خطوة تعيد مسار القضية بعد 36 عاما من إغلاق هذا الملف. إلى الواجهة من جديد في ما يعتبر حدثا نادرا تتداخل فيه السياسية بالجنائي أو ما يراه آخرون عودة لمسار الابتزاز في قضية يراد أن تُحمل فيها الدولة الليبية المنقسمة المسؤولية الأخلاقية والجنائية رغم التسويات السابقة التي تمت في عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

البرلمان الليبي يريد محاسبة الجهة التي تواطأت في اختطاف ابوعجيلة
البرلمان الليبي يريد محاسبة الجهة التي تواطأت في اختطاف ابوعجيلة

وحول تفاصيل تحرك البرلمان الليبي، جاء في رسالة من المستشار القانوني لمكتب رئاسة مجلس النواب أشرف المبروك الدوس إلى النائب العام المستشار الصديق الصور. إن “هذه القضية جرى تسويتها نهائيا مع الحكومة الأميركية سابقا بموجب اتفاق رسمي وترتب عنه عدم المسؤولية الجنائية للدولة الليبية وتعويض المتضررين على خلفية هذه الواقعة تعويضا ماديا”.

وتشير الرسالة بوضوح إلى أن البرلمان الليبي وهو السلطة التشريعية الوحيدة الناظمة للعمل النيابي والتشريعي منذ العام 2014. يتوجس من جولة جديدة من الضغوط مع وجود دفع لإحياء قضية لوكربي.

وتواجه حكومة الدبيبة اتهامات بأنها متورطة بشكل أو بآخر وراء عملية اختطاف أبوعجيلة من منزله وان الرجل قدم لجهات أجنبية استرضاء وليس بحثا عن عدالة مفقودة. بينما تبحث حكومة الوحدة المنتهية شرعيتها عن دعم دولي اضافي يعزز مكانتها في مواجهة السلطة المنافسة في شرق ليبيا.

واللافت أن إعادة أبوعجيلة للواجهة يأتي بعد عملية اختطاف ثم احتجاز في الولايات المتحدة بتهم لا علاقة لها بحادث لوكربي. فقد وجهت له واشنطن تهما تتعلق بالإرهاب قبل أن يتم الإشارة له باعتبار أنه متهم مفترض في تفجير رحلة بان أميركان في عام 1988.

وأعلن مكتب النائب العام في إسكتلندا مشاركة ممثلي الادعاء والشرطة الإسكتلنديين. مع نظرائهم من لندن وواشنطن في متابعة التحقيق مع أبوعجيلة مسعود المريمي المحتجز في الولايات المتحدة، وهو ما يحيل إلى جهود مشتركة لإحياء قضية لوكربي من جديد.

ويوم الأحد الماضي نقل موقع ‘لوتون’ السويسري عن ناطق باسم هيئة مكتب النائب العام قوله إنه أبلغ عائلات ضحايا قضية لوكربي باحتجاز أبوعجيلة. مضيفا “هدفه الوحيد هو تقديم أولئك الذين تواطئوا مع عبدالباسط المقرحي إلى العدالة”.

أبوعجيلة مسعود المريمي

أبوعجيلة مسعود المريمي

والمقرحي الذي ظل يدفع ببراءته حتى وفاته كان المتهم الوحيد المفترض في خضم أزمة انتهت إلى تسوية تبقى كثير من تفاصيلها وحيثياتها وظروفها غامضة. لكن نتيجتها كانت معلومة بالنسبة لطرفي التفاوض وهي تسوية على المقاس أنهى ليّ أذرع في تلك الفترة بين القذافي وقوى غربية تتقدمها الولايات المتحدة.

وفي بيان جاء عقب اعلان واشنطن عن احتجاز ليبي يشتبه في صلته بتفجير لوكربي، قال أهالي الضحايا ممن حصلوا على تعويضات ضخمة. إن اعتقاله خطوة مهمة في السعي لتحقيق العدالة، معبرين عن تطلعهم لإجراء محاكمة وهي إحالة أخرى إلى أن الهدف أبعد من مجرد البحث عن الحقيقة والعدالة، فالمحاكمة سينجر عنها حتما عودة لتحميل ليبيا المسؤولية الجنائية والأخلاقية عن الاعتداء وكذلك جرها إلى مربع المساومات في الوقت الذي تكابد فيه في مواجهة انقسامات داخلية ونذر صراعات مسلحة بفعل أزمة الشرعية بين سلطتين تتنافسان على الحكم.

و قال الناطق باسم وزارة العدل الأميركية في بيان الأحد الماضي “إن أبوعجيلة موقوف وسيمثل أمام قاض في العاصمة واشنطن”، لكنه لم يقدم تفاصيل حول تحديد موعد للمحاكمة.

وبالرغم أن قضية أبوعجيلة بدأت تأخذ مسارا أكثر جدية سياق الدفع نحو تسوية لن تخرج عن سياق مساومة الليبيين. ويفترض حسب المعلن أن لا تخرج من دائرة الهالة الإعلامية والرسمية في الولايات المتحدة، غلا أن وزارة العدل الأميركية اكتفت بنشر بيان وحيد تعلق فقط باعتقال أبوعجيلة.

وتثير عملية اختطاف المريمي مخاوف من أن تعاد محاكمته من جديد ومطالبة الدولة بتعويضات جديدة، وهو ما يعتبر تجاوزا خطيرة لحقوق المتهمين وحقوق الدولة التي قدمت في السابق تعويضات لضحايا ‘لوكربي’.

وكان مستشار الأمن القومي الليبي إبراهيم أبوشناف قد عبر في بيان عن استغرابه من محاكمة أبوعجيلة مسعود المريمي في الولايات المتحدة في قضيّة لوكربي التي تمت تسويتها بمقتضى اتفاقية وقع توقيعها في يونيو من 2006.

وقال في بيان الأحد الماضي إن “اختطاف المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي تجعله أسيرا لدى الولايات المتحدة باعتبار أنها وقعت على اتفاقية تنص على الإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية وإقفال أي قضايا فتحتها عائلات الضحايا سواء أكان أمام المحاكم المحلية أم الأجنبية”.

وتنص اتفاقية يونيو 2006، على أنّه “لا يجوز بعد دفع الأموال والتعويضات، فتح أي مطالبات جديدة عن أيّ أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ الاتفاقية”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى