فتح جبهات متعددة: المعارضة تضع الأسد في موقف حرج
من المتوقع أن تكون الساعات القادمة حاسمة بالنسبة لمصير النظام السوري الذي يواجه وضعا صعبا لم يواجهه حتى في ذروة الحرب الأهلية مع فتح فصائل المعارضة أكثر من جبهة من شمال وشمال غرب البلاد وجنوبها، فيما يشير الوضع الميداني إلى انهيارات في صفوف قوات الجيش النظامي مع تكبده خسائر في العتاد والأرواح اضطرته للانسحاب من أكثر من منطقة استراتيجية تحت عنوان إعادة التموضع.
-
تعزيزات عسكرية ضخمة في ريف حماة: الجيش السوري يفرض السيطرة والمسلحون يفرون
-
المعارضة السورية تقترب من حلب مع تصاعد المواجهات
وبدا توقيت الهجمات المباغتة التي شنتها فصائل معارضة مدعومة من تركيا تتقدمها هيئة تحرير الشام أكبر فصيل إسلامي متشدد، مدروسا إذ جاء على وقع انحسار نفوذ حزب الله اللبناني الذي تلقى ضربات إسرائيلية قاصمة وهو الذي كان إلى وقت قريب إلى جانب الميليشيات الأخرى الموالية لإيران، رأس الحربة في مواجهة المتمردين السوريين.
ولا تبدو إيران أيضا في وضع يسمح لها بتقديم دعم للأسد يغير موازين القوى خلافا للسنوات التي تلت ثورة مارس/آذار 2011. كما أن روسيا التي تدخلت عسكريا عام 2015 ونجحت في قلب المعادلة لصالح الرئيس السوري، لا تبدو هي ذاتها في وضع يسمح لها بإلقاء ثقلها لإنقاذ النظام.
-
57 قتيلاً في أعنف المواجهات بين الجيش السوري وهيئة تحرير الشام
-
فصائل المعارضة السورية تحقق تقدمًا باتجاه حمص
وتشير تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي عبر فيها عن أمله في مواصلة فصائل المعارضة التقدم نحو العاصمة دمشق بلا مشاكل، إلى أن تركيا التي كانت إلى وقت قريب تسعى إلى مصالحة مع الأسد، استعادت فكرة الإطاحة بالنظام السوري وهي الفكرة التي دعمتها عمليا في السنوات التي تلت الثورة السورية من خلال احتلالها لأجزاء من سوريا وتشكيلها ودعمها للفصائل المسلحة وبينها فصائل متطرفة.
ويكشف الوضع بتجلياته الراهنة أن النظام السوري فقد جزءا كبيرا من أحزمة الدعم الخارجي في ذروة تطورات متسارعة على أكثر من جبهة.
-
المعارضة السورية تقدم نموذجًا بديلًا لإدارة الأسد في حلب
-
الجيش السوري ينسحب من حماة: تعهد باستعادة المناطق المفقودة
وقد تحرك مسلحو المعارضة على أكثر من جبهة في توقيتات تكاد تكون متقاربة وقد تشجع مناطق أخرى تحت سيطرة النظام على التمرد. وفي ما يلي أهم التطورات التي قد تشكل المشهد الجديد في سوريا.
قتل ثلاثة أشخاص على الأقل في اشتباكات بين مسلحين دروز وقوات الأمن في مدينة السويداء السورية التي شهدت في وقت سابق احتجاجات عارمة على تدهور الأوضاع المعيشية وتطورت إلى المطالبة برحيل الأسد.
وأكد شهود عيان أن مقاتلين معارضين للحكومة سيطروا أيضا على مركز الشرطة الرئيسي وأكبر سجن مدني بعد ساعات من احتجاج مئات الأشخاص في ساحة رئيسية للمطالبة بإسقاط الرئيس السوري.
-
عقوبات أمريكية مشددة على حزب الله وشبكات الكبتاغون السورية
-
هيئة تحرير الشام تشن أعنف هجوم على الجيش السوري: مقتل 12 جنديًا
وقال ريان معروف رئيس تحرير موقع السويداء 24 الإلكتروني الرئيسي الذي يغطي المحافظة التي تحمل نفس الاسم لرويترز “الناس تلقت اللي صاير انه عمليه تحرير وإنها فرصة لإسقاط النظام”.
ونشرت صفحة السويداء على موقع فيسبوك مشاهد من قيادة حزب البعث في المدينة السويداء بعد سيطرة مقاتلي الفصائل المحلية عليه.
وأمهلت فصائل مسلحة في السويداء قوات النظام 24 ساعة للانسحاب من المحافظة ذات الأغلبية الدرزية.
وأفادت مصادر محلية بأن ممثلي الفصائل عقدوا اجتماعا مع وفد للنظام في السويداء، مضيفة أنها طلبت انسحاب قوات النظام السوري من المحافظة كلها دون اشتباكات.
-
رعاية أميركية لصفقة بين الأكراد والأسد: بوابة الحل للأزمة السورية
-
التقارب السوري التركي: آفاق المصالحة وتحدياتها وسط رفض شعبي في الشمال
ولا ترتبط الفصائل المسلحة في السويداء بشكل مباشر ببقية الفصائل العسكرية المعارضة للنظام السوري.
وتشهد السويداء مظاهرات مناهضة للنظام منذ أكثر من عام، يتم خلالها رفع “علم الثورة”. وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اندلعت اشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب شمال البلاد.
واستطاعت الفصائل بسط سيطرتها على مركز مدينة حلب في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، ومعظم مناطق محافظة إدلب شمال غرب البلاد.
وأمس الخميس، طردت الفصائل قوات النظام خارج محافظة حماة وسط البلاد. عقب اشتباكات عنيفة بين الجانبين والجمعة واصلت تقدمها لتسيطر على مناطق جديدة بمحافظة حمص (وسط)، التي تحظى بأهمية استراتيجية على طريق دمشق.
-
العلاقات السورية التركية: تعقيدات الملفات العالقة تبطئ مسار التطبيع
-
الجيش السوري يتراجع في دير الزور مع ضربات التحالف لميليشيات إيران
وفي خطوة عالية الرمزية، قام حشد من الأشخاص في مدينة حماة بإسقاط تمثال للرئيس السوري السابق حافظ الأسد وفق مشاهد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم الجمعة. أظهرت لقطات لوكالة فرانس برس سيارة تجرّ رأس التمثال في أحد شوارع المدينة.
وتذكّر المشاهد التي بدأت تنتشر مساء الخميس بمشاهد إسقاط تمثال الرئيس العراقي السابق صدام حسين في ساحة الفردوس بوسط بغداد في التاسع من أبريل/نيسان 2003. بعد سقوط نظامه إثر الغزو الأميركي للبلاد. وقامت في ذلك الحين مدرعة أميركية باقتلاع التمثال عن قاعدته قبل أن يدوسه عراقيون غاضبون.
-
مساعٍ تركية لتقليص عدد الفصائل المسلحة السورية وسط جهود التطبيع
-
إسرائيل تقصف أهدافا للجيش السوري في الجولان
وفي حماة بوسط سوريا، استخدمت ذراع آلية ضخمة لقلب تمثال والد الرئيس الحالي بشار الاسد، فيما تحلّق حشد احتفى بالحدث مطلقا النار في الجو وسط هتافات “الله أكبر” وسمع صوت يردّد “الحمد لله”، فيما كان التمثال يميل ويهوي.
وأظهرت مشاهد أخرى صورها صحافي متعاون مع قسم الفيديو في وكالة فرانس برس الجمعة رأس التمثال تجرّه شاحنة صغيرة في أحد شوارع حماة.
وتجمّع شبان للاحتفال بسيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة المتحالفة معها على المدينة هاتفين “رغما عنك يا أسد، حرية للأبد”.
واحتفل مدنيون في الشوارع بدخول الفصائل المعارضة. فيما جال المقاتلون في آليات واعدين بالسير نحو دمشق وتحرير المعتقلين من سجون النظام.
ويعدّ هذا القتال الأعنف منذ العام 2020 في البلد الذي شهد حربا أهلية اندلعت لدى قمع النظام السوري الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية عام 2011.
وأفاد المرصد السوري الذي يتخّذ من بريطانيا مقرّا ويعتمد على شبكة واسعة من المصادر في سوريا، عن سقوط 826 قتيلا، من بينهم 111 مدنيا، في المعارك. مشيرا إلى أن 222 مقاتلا في الإجمال قضوا منذ الثلاثاء في محيط حماة. كما نزح 280 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة التي حذّرت بأن هذا العدد قد يرتفع إلى 1.5 مليون.
ومع سقوط حماة الخميس، يشتدّ الضغط على نظام بشار الأسد، لا سيما مع اقتراب الفصائل من مدينة حمص.
وفي حال سيطرت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها على حمص. فلن تبقى بين المناطق الإستراتيجية سوى العاصمة دمشق ومنطقة الساحل المطلة على البحر الأبيض المتوسط في أيدي حكومة الرئيس بشار الأسد.
-
محكمة العدل الدولية تطالب بوقف التعذيب في السجون السورية
-
زعيمة حزب تركي معارض تدعو لنقل اللاجئين السوريين إلى غزة
وبعد دخول الفصائل إلى حماة، نزل سكان من المدينة إلى الشوارع يهتفون تأييدا لهم. وفق مشاهد لوكالة فرانس برس، وأضرم بعضهم النار في صورة عملاقة للرئيس معلقة على مبنى تابع للبلدية.
وشهدت مدينة تدمر التاريخية شرقي محافظة حمص اشتباكات بين “جيش سوريا الحرة”، وهو فصيل مدعوم من أميركا، مع قوات النظام السوري.
وبحسب مصادر محلية، تقدمت قوات سوريا الحرة. التي تتمركز في منطقة التنف بالبادية السورية قرب الحدود الأردنية العراقية، بعد سيطرتها على مساحات من مناطق سيطرة جيش النظام ومازالت الاشتباكات تدور بين الجانبين في المناطق الجنوبية من تدمر.
-
مناشدات دولية لإنقاذ اللاجئين السوريين من الكوارث الإنسانية
-
دراسة جديدة تكشف تدهور أوضاع اللاجئين السوريين في هولندا
وفي دمشق قرّر الطالب الجامعي شادي الجمعة ملازمة منزله في عطلة نهاية الأسبوع. لمتابعة الأخبار المتسارعة، مع تقدّم فصائل معارضة الى مدن رئيسية خلال الأيام الماضية، ما يعكس قلقا يشاطره إياه كثيرون من سكان العاصمة.
ويقول الشاب الذي رفض ذكر اسمه الكامل “لم أرغب بالخروج من المنزل. والجميع فضّل أن يتابع الأخبار داخل منزله وأن يبقى قرب عائلته”.
ويٌضيف بينما تصل إشعارات متلاحقة إلى هاتفه الخلوي تثير قلقه “لم نعد نفهم شيئا. فتطورات الأخبار أسرع من قدرتنا على استيعاب كل ما جرى خلال أسبوع واحد فقط”.
-
“صراع العروش” مقتبس من المسلسل السوري “الكواسر”.. ما الحقيقة؟
-
إغلاق الحدود السورية العراقية: ما هي أهداف إيران؟
ومنذ أيام، يعيش سكان دمشق على غرار مدن سورية أخرى على إيقاع الأخبار والرسائل النصية حول التطورات الميدانية التي لم تشهد البلاد لها مثيلا منذ سنوات.
ويقول شادي “القلق معد لكنه لا يفيد في أوقات مماثلة، ومن الأفضل الحفاظ على الهدوء”. وشدّدت الحواجز الأمنية المنتشرة في محيط العاصمة خلال الأيام الماضية إجراءات التفتيش والتدقيق.
وشهدت مطاعم ومقاهي منطقة باب شرقي في المدينة القديمة حركة محدودة للغاية. بينما أغلقت بعض المحلات أبوابها باكرا في ظل نقص عدد الزبائن.
وتغذّي التطورات وحالة القلق انتشار الشائعات والأخبار المضلّلة. فيما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر تصاعد الدخان قرب ساحة الأمويين في دمشق، مرفقا بتعليق يفيد عن اشتباكات قرب مبنى الأركان لكن تبيّن أن المقطع المتداول قديم ولا علاقة له بالأحداث الحالية.
وفي وقت لاحق، نبّهت وزارة الدفاع من مقاطع فيديو “كاذبة ومفبركة حول حدوث انفجارات في مقرّ الأركان”. ودعت المواطنين “إلى الوعي بهذه الأكاذيب ومعرفة أبعادها التي تستهدف نشر الفوضى والذعر في صفوف المدنيين”.
وتقول جورجينا (32 عاما)، من دون ذكر عائلتها، “أسمع الكثير من الشائعات نزلت إلى دمشق القديمة ووجدت أن الحركة روتينية.. لكن الجميع يتابعون الأخبار”.
-
بالدعوة إلى مفاوضات مع النظام.. المعارضة السورية تسعى لفكّ عزلتها
-
السوريون يدفعون ثمن الأزمات حول العالم
ونقلت وكالة أنباء “ريا نوفوستي” الروسية عن مراسلها أن “الوضع هادىء في دمشق ولا انفجارات أو قتال”.
ودعا خطباء المساجد في دمشق إلى “عدم الهلع والخوف والوقوف صفا واحدا خلف الجيش العربي السوري للدفاع عن الوطن”، وفق وكالة الأنباء الرسمية “سانا”.
وعلى وقع التطورات الميدانية، أرجأت جامعة دمشق الامتحانات إلى موعد يحدّد لاحقا. كما أرجأ الاتحاد السوري لكرة القدم مباريات الدوري “حتى إشعار آخر” بسبب “الأوضاع الأمنية الراهنة”. بينما توقفت بعض الإذاعات المحلية عن بثّ البرامج الترفيهية وحوّلت برامجها إلى نشرات أخبار وأغان وطنية.
-
واشنطن تعلق تقديم المساعدات النقديّة للاجئين السوريين
-
لاحتلال التركي متورط في نهب القمح والنفط السوري
وخصّصت قنوات التلفزة الرسمية تغطيتها لاستقبال محللين سياسيين ومراسلين من مناطق تدور فيها المعارك. وبين وقت وآخر، تبث لقطات من ساحات رئيسية وتنفي “الشائعات” عن سيطرة الفصائل المسلحة على مناطق إضافية.
وفي موازاة ذلك، سجّل سعر صرف الليرة مقابل الدولار مستوى غير مسبوق. إذ بلغ 19 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، وفق التجار.
ويقول أمين (56 عاما)، وهو صاحب متجر لبيع المواد الغذائية “يندفع الناس لشراء الخبز والأرز والسكر ومواد التنظيف. اليوم طلبت من المستودعات مرتين إحضار بضاعة لتلبية الطلب المتزايد”.