سياسة

غزة تطيح بالشريك الأميركي.. مساعدات تحت المجهر وانتقادات تتصاعد


مبادرة بدعم أمريكي لإغاثة سكان غزة المحاصرين تواجه صعوبات في أسبوعها الأول، مع استقالة مسؤولين تنفيذيين بارزين، وسقوط قتلى في طرق المساعدات.

ووفق صحيفة “واشنطن بوست”، فقد انسحبت، الجمعة الماضي، شركة الاستشارات الإدارية الأمريكية الرائدة “مجموعة بوسطن الاستشارية”. التي تم التعاقد معها في الخريف الماضي لتصميم البرنامج وإدارة عملياته، من العمل ميدانيا في تل أبيب.

وصرح متحدث باسم الشركة بأن المجموعة أنهت عقدها مع “مؤسسة غزة الإنسانية”. ووضعت أحد كبار شركائها، الذين يقودون المشروع، في إجازة بانتظار مراجعة داخلية.

وذكر ثلاثة أشخاص على صلة وثيقة بالمؤسسة والشركة، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، في حديثهم للصحيفة، أن استمرار عمل المؤسسة سيكون صعبا دون المستشارين الذين ساعدوا في إنشائها.

ولفتت الصحيفة إلى أن “مجموعة بوسطن الاستشارية” لعبت دورا حاسما في تطوير المبادرة بالتنسيق مع إسرائيل. وتحديد الأسعار للمقاولين الذين أنشأوا أربعة مراكز توزيع في جنوب غزة وأشرفوا على تسليم المساعدات.

وقال متحدث باسم “مجموعة بوسطن الاستشارية” إن الشركة قدمت دعما “مجانيا” للعملية الإنسانية، ولن تتقاضى أجرا عن أي عمل قامت به نيابة عن المؤسسة. لكن شخصا آخر مطلع على عملياتها ناقض رواية الشركة، قائلا إنها “قدمت فواتير شهرية تزيد على مليون دولار”.

وأفادت المؤسسة في رسالة بريد إلكتروني صباح الثلاثاء. بأنها وزعت أكثر من 7 ملايين وجبة خلال الأيام الثمانية الأولى من عملياتها. 

وكتب جون أكري، الذي عُيّن الأسبوع الماضي مديرا مؤقتا لمؤسسة الصحة العالمية: “يثبت هذا أن نموذجنا فعال، وهو وسيلة فعّالة لتقديم مساعدات منقذة للحياة لسكان غزة في ظل الظروف الطارئة”.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة عقب الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت عمليات تسليم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة متقطعة .وغير كافية على الإطلاق لسكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة. 

وقد اتهمت إسرائيل، التي تحكم قبضتها على وصول المساعدات الإنسانية عبر معابرها الحدودية، حماس بالاستيلاء على جزء كبير من المساعدات. التي قدمتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى في الماضي.

وتقول “مؤسسة غزة الإنسانية” والحكومة الإسرائيلية. ورواد أعمال من القطاع الخاص، ومستشارون، وبعض الجهات الإنسانية الفاعلة. إن آلية المساعدات الجديدة صُممت للحماية من عمليات النهب والاستيلاء التي تقوم بها حماس، وقد تم التعاقد مع متعاقدين أمريكيين مسلحين لتأمين قوافل المساعدات والإشراف على مراكز التوزيع.

وجاءت أول عملية توزيع للمساعدات بعد حصار دام 11 أسبوعا. منعت خلاله إسرائيل دخول أي مساعدات إلى قطاع غزة. 

وأعلنت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطط لنقل جميع سكان غزة تقريبا إلى الجزء الجنوبي من القطاع الذي تبلغ مساحته 141 ميلا مربعا. وذلك في إطار شنها هجوما جديدا في الشمال للقضاء على ما تبقى من مقاتلي حماس

وحتى الآن، قُتل أكثر من 54 ألف فلسطيني جراء الهجمات الإسرائيلية خلال الحرب المستمرة منذ 19 شهرا، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.

وتعمل ثلاثة من أصل أربعة مراكز توزيع الآن في الجنوب. وعادة ما تعمل لبضع ساعات فقط في الصباح حتى تنفد شحنات الطعام المعبأة لهذا اليوم، بحسب الصحيفة.

واليوم الثلاثاء، أعلن الدفاع المدني في غزة، مقتل 27 فلسطينيا على الأقل وإصابة العشرات جراء إطلاق نار إسرائيلي، أثناء احتشاد آلاف الأشخاص قرب مركز للمساعدات في رفح بجنوب القطاع. فيما وصفت الأمم المتحدة الواقعة المأساوية وهي الثانية خلال يومين بأنها “جريمة حرب”.

وفي تبريره لما حدث، اعترف الجيش الإسرائيلي بالواقعة، وقال إنه “أطلق النار باتجاه مشتبه بهم رفضوا الامتثال لأوامر جنوده”، مشيرا إلى أن يجري تحقيقا.

وفي بيان لها، قالت “مؤسسة غزة الإنسانية”. إن حادثة الثلاثاء وقعت “في منطقة تقع خارج موقع التوزيع الآمن ومنطقة العمليات لدينا. نحن ندرك صعوبة الوضع وننصح جميع المدنيين بالبقاء في الممر الآمن عند السفر إلى مواقعنا”.

ولطالما أعربت الأمم المتحدة وخبراء إغاثة آخرون. بالإضافة إلى بعض الجهات المانحة الأجنبية، عن مخاوفها بشأن جدوى هذه المبادرة وسلامتها، إذ يقتصر توزيع الغذاء على مواقع محدودة في الجنوب. ويترك لإسرائيل السيطرة على كمية المساعدات التي تدخل القطاع.

ورفضت جميع المنظمات الإنسانية الرئيسية تقريبا المشاركة في المبادرة. معتبرة إياها “انتهاكا لقواعد الحياد، ويبدو أنها مصممة لخدمة أهداف الحرب الإسرائيلية”.

وتواجه إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة الذي تحول إلى ركام.

فيما تؤكد الأمم المتحدة أن كل سكان القطاع المحاصر معرّضون للمجاعة. معتبرة أن المساعدات التي سُمح بدخولها بعد حصار مطبق، ليست سوى “قطرة في محيط”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى