سياسة

غالبية سكان غزة لا يثقون في حماس


كشف استطلاع للرأي أجري في الأراضي الفلسطينية قبل يوم من اندلاع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة أن الفلسطينيين يرجعون معاناتهم إلى الاحتلال الإسرائيلي وتسلط كّل من حركة حماس والسلطة الفلسطينية، ما يسلط الضوء مجددا على الانتقادات والاتهامات التي تواجهها حركة المقاومة الإسلامية بسوء توظيف التمويلات التي تتلقاها من قطر لدفع رواتب موظفيها، بينما أخمدت بالقوة أي حراك شعبي يطالب بتحسين الأوضاع المعيشية ورفع الظلم.   

وأشارت الباحثة الأميركية الفلسطينية أماني جمال الأستاذة في جامعة برينستون استنادا إلى استطلاع اللرأي إلى أن الفلسطينيين يعزون معاناتهم إلى الاحتلال الإسرائيلي وتسلط الفصائل الفلسطينية في آن.

ورأت عميدة كلية الشؤون العامة والدولية في الجامعة الأميركية المرموقة أنه إن كان سكان قطاع غزة يخضعون منذ 2007 لحصار فرضته إسرائيل بعد سيطرة حماس على القطاع، فإن ثلثيهم لا يثقون في قدرة حركة حماس التي يتهمونها بـ”التسلط” و”الفساد” على تحسين مصيرهم.

وقالت جمال “لدينا ذلك الاحتلال الإسرائيلي” للأراضي الفلسطينية. وفي المقابل “لدينا نظاما حماس والسلطة الفلسطينية اللذان ازدادا دكتاتورية وتسلطا على مرّ الزمن”.

وتابعت الأستاذة الجامعية البالغة من العمر 52 عاما والتي ولدت في كاليفورنيا وقضت شبابها في رام الله في الضفة الغربية المحتلة أن هذا ما يجعل “الفلسطيني العادي المعتاد على احتلال السلطة الوحيدة الإسرائيلية يعيش الآن تحت احتلال” نظامين إسرائيلي وفلسطيني.

وأسست أماني جمال مع زميلها مايكل روبينز مشروع “البارومتر العربي” الذي يجري تحقيقات اجتماعية واستطلاعات رأي كلّ سنتين منذ العام 2006 في 16 دولة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وشملت الدراسة التي تحمل عنوان “ما رأي الفلسطينيين الحقيقي في حماس؟” 790 شخصا في الضفة الغربية و399 شخصا في قطاع غزة وأجريت بين نهاية سبتمبر/أيلول و6 أكتوبر/تشرين الأول وتوقفت عند شن حماس هجومها على إسرائيل في السابع من الشهر وفاجأت النتائج الخبيرين.

وأوضحت جمال أنه “قبل هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول كان 67 في المئة من فلسطينيي غزة لا يثقون أو قلما يثقون في حماس“.

وتؤشر هذه النتيجة وفق رأيها على أنه “لا يجب بالتالي اعتبار قطاع غزة بكامله مسؤولا عن الأعمال المروعة التي ارتكبتها حماس” المصنفة حركة “إرهابية” لدى إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ونشر الباحثان قبل شهر استخلاصاتهما غير المتوقعة في مجلة “فورين أفيرز” وعلقت عليها جمال في مدوّنة صوتية لصحيفة نيويورك تايمز.

وفي غزة ركز الباحثان دراستهما على الحصار الاقتصادي الإسرائيلي وسئل المستطلَعون “من تحملونه مسؤولية مشكلاتكم الاقتصادية؟” وقالت جمال “كنا نعتقد أن المذنب الأول سيكون إسرائيل بسبب الحصار، لكن معظم الناس ذكروا بالأحرى فساد حماس“.

وتابعت “ما يقوله سكان الضفة الغربية وغزة في استطلاع الرأي هذا إن فساد حكومتيهما يضاف إلى الحصار الإسرائيلي”، هو السبب، مشيرة بصورة خاصة إلى تراجع التأييد لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي انتخب عام 2005 ولا يحظى اليوم سوى بـ9 في المئة من الآراء الإيجابية.

ولفتت جمال إلى أنه في قطاع غزة قبل السابع من الشهر الماضي “أعلن ثلثا المستطلعين أنه لم يكن لديهم ما يكفي لإطعام عائلاتهم خلال الأيام الثلاثين السابقة”، ما يشير إلى أن سكان غزة “معدمون” اقتصاديا ويعانون من “سلطة حماس الفاسدة”.

وشددت الأستاذة الجامعية على أن معظم فلسطينيي غزة “ينددون بتسلط حماس“، في حين لم تجر انتخابات منذ العام 2006، موضحة أن “60 في المئة قالوا إنه لا يمكنهم التعبير عن رأيهم بحرية وصراحة و72 في المئة منهم إنه لا يمكنهم التظاهر سلميا خشية التعرض لأعمال انتقامية”.

فهل تعزز عداء الرأي العام الفلسطيني تجاه حماس أو تراجع بعد سبعة أسابيع من حرب ضارية تسببت بسقوط 1200 قتيل في إسرائيل وحوالي 15 ألف قتيل من الجانب الفلسطيني جراء القصف الإسرائيلي المكثف والعمليات البرية الواسعة داخل القطاع؟

رد الباحثان جزئيا على هذا السؤال في مجلة فورين أفيرز في نهاية الشهر الماضي، فكتبا أن “المعاناة التي يتكبدها الفلسطينيون حملتهم على الأرجح على التطرف، ما قد يقوض على المدى البعيد السلام والاستقرار”.

وأفادت الباحثة أنه قبل تنفيذ عملية طوفان الأقصى كان “80 في المئة من الفلسطينيين المستطلعين يتمنون تسوية دبلوماسية مع إسرائيل، مع تأييد  56 في المئة منهم حلا على أساس دولتين، والنسبة المتبقية حلا بدولة واحدة أو كونفدرالية” ورأت أن “سكان غزة يبدون انفتاحا على حل الدولتين، على مصالحة سلمية مع إسرائيل على أساس حدود 1967″، لافتة إلى أن الـ20 في المئة المتبقين وحدهم يميلون إلى “المقاومة المسلحة”.

وتعتمد حركة حماس على تمويلات من قطر لدفع رواتب موظفيها، بينما يئن معظم سكان قطاع غزة تحت وطأة الفقر والبطالة ويحمّلونها مسؤولية توظيف الأموال في قمع معارضيها في وقت تزداد فيه الأوضاع المعيشية تدهورا.

وشهدت غزة أكثر من حراك شعبي اجتماعي خلال السنوات الأخيرة ضد الفساد .والانقسامات وتردي الأوضاع. لكن الحركة الإسلامية التي تتلقى دعما من إيران وقطر واجهت بالقوة كل تحرك مندد بالظلم وسوء المعيشة وبالتضييق على الحريات.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى