سياسة

عودة الجيش للثكنات.. شرط حميدتي للحوار مع البرهان


صرح قائد قوات الدعم السريع الفريق الأول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي استعداده للتفاوض مع قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان. لكن شريطة وقف إطلاق النار والعودة إلى الثكنات. فيما تمكنت قوات الدعم من السيطرة على 90 بالمئة من ولاية الخرطوم.  

وأفاد حميدتي في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” مساء الجمعة “هناك شروط للمفاوضات، بداية وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية، بعد ذلك، يمكننا إجراء مفاوضات”.

وأكد أن ليس لديه مشكلة شخصية مع برهان، لكنه اعتبره خائنًا لإحضاره إلى الحكومة الموالين للرئيس السابق عمر البشير. الذي أطاح به الجيش وقوات الدعم السريع معًا في عام 2019 بعد احتجاجات حاشدة في الشوارع.

واشتهر نظام البشير – الذي ظل في السلطة لمدة ثلاثة عقود – بأيديولوجيته الإسلامية وفرض نسخة متشددة من الشريعة (القانون الإسلامي).

وقال حميدتي “للأسف، البرهان يقود قادة الجبهة الإسلامية الراديكالية”.

في عام 2021، قام حميدتي والبرهان بإلغاء اتفاق لتقاسم السلطة مع المدنيين، والسيطرة الكاملة في انقلاب.

وقد اختلفا هذا العام بشأن العودة المقترحة إلى الحكم المدني، لا سيما بشأن الإطار الزمني لدمج قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، البالغ قوامها 100 ألف جندي، في الجيش.

وقال حميدتي لبي بي سي “أتطلع إلى تشكيل حكومة مدنية اليوم – قبل الغد حكومة مدنية بالكامل. هذا هو مبدئي”.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها قائد قوات الدعم السريع عن التزامه بالديمقراطية. حيث سبق أن أكد ذلك خلال اتصال هاتفي جمعه بوزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في 18 أبريل الحالي.   

وقال حميدتي في المقابلة مع “بي بي سي” إن مقاتليه التابعين لقوات الدعم السريع ليسوا أعداء للجنود العسكريين، موضحا أنهم يقاتلون لحماية البلاد من “آثار حكومة السنوات الثلاثين الماضية”.

ووجه قائد قوات الدعم السريع رسالة إلى الجيش مفادها أن قواته لا تريد الحرب، قائلاً لا نريد محاربتكم .. عودوا إلى ثكناتكم ولن نقاتلكم”.

وتأتي تصريحات حميدتي لبي بي سي في الوقت. الذي لا يزال فيه الملايين محاصرين في العاصمة الخرطوم، حيث يوجد نقص في الغذاء والماء والوقود.

وفي بعض أجزاء المدينة، تم حفر الخنادق بينما تقاتل القوات المتنافسة بعضها البعض شارعا شارعا، حسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

ونفى حميدتي في تصريحاته لبي بي سي ضلوع قواته في أعمال سلب ونهب. وكذلك في وضع يدها على المستشفيات، وفقا لاتهامات من الجيش السوداني وشهود عيان.

وقال إن قواته كانت تحاول مساعدة سكان مدينة تعاني من اشتباكات عنيفة بدأت قبل 14 يوما.

وأضاف حميدتي “إن قواتنا منضبطة جدا ومعترف بها دوليا، حتى من قبل الأمم المتحدة والأميركيين والفرنسيين”.

وتابع “نحن نضحي بأنفسنا من أجل الشعب السوداني… والتحول الديمقراطي”.

وردا على سؤال حول من أطلق الرصاصة الأولى في هذا الصراع، قال حميدتي “نحن لم نطلق الرصاصة الأولى. كان جميع الوسطاء حاضرين. اتفقنا على الجلوس الساعة 10 صباحا والتوقيع على الاتفاقية النهائية. لقد فوجئنا بأن البلد مغلق… وبدأوا في إطلاق النار علينا”.

وكانت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) قد طرحت مبادرة “لتسهيل الحوار بين كافة الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السوادنية”.

واقترحت المبادرة استضافة محادثات مباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. كما أنها تخطط إلى إرسال رؤساء ثلاث دول أفريقية إلى السودان في أقرب وقت ممكن لإجراء مصالحة بين طرفي الصراع هناك.

وفي وقت مبكر اليوم السبت أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على 90 بالمئة من كامل الخرطوم، إضافة إلى إحكام سيطرتها على جميع الطرق المؤدية إلى داخل الولاية.

وأكدت في بيان نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر، أن كل المنافذ المؤدية إلى ولاية الخرطوم باتت في قبضتها، موضحة أن عناصرها صدت عددا من الهجمات على مواقع تمركزها.

وأضافت أنها كثفت عمليات محاربة النهب والسلب وضبطت أعدادا من المجرمين. كما اتهمت الجيش بخرق الهدنة من خلال مواصلة هجماته بالطيران والمدفعية. مجددة “التزامها الكامل” بوقف النار المعلن.

وأتى هذا الإعلان بعد تبادل اتهامات بين الطرفين حول خرق تمديد وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة إضافية، بضغوط أميركية وسعودية.

ومنذ 15 أبريل، أُعلنت هدن عدة، سجلّ خلال بعضها تراجع محدود في حدة المعارك ساهم في حصول عمليات إجلاء رعايا أجانب، لكن لم يتم التزامها بشكل ثابت.

وأعلنت مصر أن موفدا من البرهان سيصل السبت الى القاهرة لمقابلة وزير الخارجية سامح شكري.

والولايات المتحدة التي يتوسط دبلوماسيوها هاتفيا بين الطرفين المتحاربين، اقرت بانتهاك الهدنة.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس اليوم السبت إن الطرفين المتحاربين في البلاد منفتحان بشكل أكبر على المفاوضات. وأقرا بأن الصراع الذي اندلع منذ أسبوعين لا يمكن أن يستمر حيث يمثل ذلك بصيص أمل حتى في ظل تواصل القتال.
وقال المبعوث إن الطرفين رشحا ممثلين عنهما للمحادثات التي اقتُرحت إقامتها إما في جدة بالسعودية أو في جوبا بجنوب السودان. لكنه استطرد قائلا إن ثمة سؤالا عمليا حول إذا ما كان بوسعهما الذهاب إلى أي من المكانين “للجلوس معا فعليا”.

وأضاف أنه لم يُحدد جدول زمني لإجراء محادثات.
وأشار بيرتس إلى أنه قال لمجلس الأمن إن كلا من الطرفين كان يعتقد أن بوسعه الانتصار في الصراع، وذلك خلال أحدث إفادة منذ يومين، لكنه قال أيضا إن المواقف تتغير.

وأضاف “يعتقد كلاهما أنه سينتصر، لكن كليهما أكثر انفتاحا نوعا ما على المفاوضات. لم تكن كلمة ‘مفاوضات‘ أو ‘محادثات‘ حاضرة في خطابيهما خلال الأسبوع الأول أو نحو ذلك”.
وذكر أنه في ظل إلقاء الطرفين بيانات تقول إن الطرف الآخر عليه “الاستسلام أو الموت”، يقولان أيضا “حسنا، إننا نتقبل… شكلا ما من المحادثات”.

وتابع “أقر كلاهما بأن هذه الحرب لا يمكن أن تستمر”.
وقال إن المهمة التي لا تحتمل التأخير هي تطوير آلية مراقبة لتنفيذ الهدنات التي وافق الطرفان عليها عدة مرات لكنها فشلت في إيقاف القتال.

وقال بيرتس إن علامات على قرب اندلاع صراع كانت ظاهرة في بداية أبريل نيسان، إذ كافح الوسطاء الدوليون والمحليون لتخفيف حدة التوتر، لكنهم اعتقدوا أن “وقف تصعيد مؤقتا” تحقق في الليلة السابقة لاندلاع القتال.

تواصلت المعارك الجمعة في الخرطوم وفي إقليم دارفور بغرب السودان. رغم إعلان تمديد الهدنة في النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المستمر منذ منتصف الشهر الجاري والذي أودى بحياة مئات الأشخاص.

وارتفعت حصيلة ضحايا القتال الى قرابة 574 قتيلا مع الكشف الجمعة عن مقتل 74 شخصا في مدينة الجنينة في مطلع الأسبوع.

وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان الجمعة إن المعارك في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، أسفرت الاثنين والثلاثاء عن سقوط 74 قتيلا ولم يتم بعد حصر ضحايا يومي الأربعاء والخميس اللذين شهدا استمرارا للقتال العنيف في المدينة.

وأطلقت منظمات ناشطة الجمعة جرس الإنذار بشأن الوضع في دافور حيث تدور معارك دامية، ولا سيما قرب الحدود التشادية. واندلع القتال في الجنينة قبل خمسة أيام.

وتحدّثت هيئة محامي دارفور عن ظهور مقاتلين مزودين “رشاشات وقذائف ار بي جي ومضادات طائرات” في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وقالت إنهم “أطلقوا قذائف على المنازل”.

وأوردت نقابة الأطباء في بيان أن هناك “عمليات نهب وحرق واسعة طالت الأسواق والمرافق الحكومية والصحية ومقرات منظمات طوعية وأممية والبنوك” في الجنينة. وذكرت أن “الأحداث الدموية لا تزال جارية” في المدينة “مخلفة عشرات القتلى والجرحى”.

وتحدثت الأمم المتحدة عن “توزيع أسلحة على المدنيين” في دارفور.

وحذّرت الأمم المتحدة التي علّقت نشاطها في السودان بعد مقتل خمسة من موظفيها في أولى أيام المعارك، من أن خمسين ألف طفل يعانون “نقص تغذية حادا” محرومون من أي مساعدة غذائية في دارفور.

ويصعب الحصول على معلومات دقيقة عمّا يجري في الإقليم الذي شهد في 2003 حربا دامية استمرت سنوات بين قوات الرئيس السابق المعزول عمر البشير شاركت فيها قوات الجنجويد (قوات الدعم السريع بقيادة دقلو). ومتمردين متحدرين من أقليات إتنية. وتسبّبت بمقتل قرابة 300 الف شخص ونزوح 2.5 مليون.

في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يبذل الأطباء قصارى جهدهم لتوفير رعاية صحية لعدد كبير من المصابين الذين نقلوا إلى المستشفيات.

وقال منسّق نشاط منظمة “أطباء بلا حدود” في الفاشر “الوضع صعب جدا جدا هنا”.

وحذرت نقابة الأطباء السودانيين الجمعة من أن انهيار نظام الرعاية الصحية في البلد “وشيك”. فيما يواجه أكثر من 12 ألف مريض خطر الوفاة لأنهم لا يستطيعون الحصول على غسيل كلى منتظم.

حسب إحصاء وزارة الصحة السودانية، أسفرت المعارك عن مقتل 512 شخصا وجرح 4193 آخرين، لكن حصيلة الضحايا أكبر وفق تقديرات مراقبين.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى