على غرار الصفقة التي أبرمتها أنقرة مع واشنطن والتي أسفرت عن إطلاق سراح القس الأمريكي، آندرو برانسون قبل أيام، تداولت وسائل إعلام تركية ودولية تكهنات عن قُرب الإفراج عن رجل الأعمال، والناشط في حقوق الإنسان، عثمان كافالا، في صفقة مع الاتحاد الأوروبي. وغادر برانسون تركيا بعد حكم قضائي بإطلاق سراحه، بعد اعتقاله لأكثر من عامين، حيث برأته المحكمة من تهم الإرهاب التي سبق أن وُجهت للرجل. وجاءت هذه التكهنات بعد نشر الكاتب المقرب من النظام التركي، عبد القادر سلفي، مقالة له الثلاثاء الماضي في صحيفة حرييت، رأى فيها أن تركيا لديها فرصة لإعادة العلاقات المضطربة مع الاتحاد الأوروبي بإطلاق سراح كافالا، على غرار ما حدث مع برانسون، في إشارة واضحة على أن احتجاز الناشط أمر سياسي بحت وليس حكما قضائيا. ولكن كافالا المعتقل منذ عام في السجون التركية، دون تقديم أية أسباب، باستثناء ما قالته الشرطة حينها، لأن عملية القبض تأتي في إطار تحقيق سري، أعرب عن رفضه لهذه الصفقة، في رسالة بعثها من محبسه، الخميس، ونشرتها العديد من الصحف، ووسائل الإعلام التركية. وكانت محكمة تركية أمرت بعد 13 يوما من توقيف كافالا، أي في 1 نوفمبر 2017، بسجنه بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري وإسقاط الحكومة، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016. ويشتهر كافالا بإسهاماته في المنظمات غير الحكومية، لاسيما دعمه للناشطين الأكراد السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان في تركيا. وفي الرسالة التي بعثها كافالا، الخميس، إلى كاتب في صحيفة قرار التركية، يلدراي أوغور، عبر عن رفضه لما أسماه تعمد السلطات التركية ربط مسألة تحقيق العدالة بالمقابل الذي تدفعه أوروبا، وقال أن هذه الطريقة في التفكير والانتهازية لتحقيق العدالة تؤلمني جدا، ما يعني رفضه الشديد لفكرة استغلاله ليصبح جزءا من صفقة بين الرئيس رجب طيب أردوغان والزعماء الأوروبيين. كما أوضح في رسالته: الاعتماد على صفقة ستجري مع أوروبا والاستغناء عن العدالة مسألة غير مريحة بالنسبة لي…الأمل في أن تضع المؤسسات الأجنبية قيمة أكبر لحريتي، يُضيع ثقتي بنفسي كوني مواطنا تركيا. وأضاف: رغم كل شيء، لا أظن أنه من الصعب أن تصبح ممارسات الاحتجاز السابق للمحاكمة، أكثر توافقا مع الدستور التركي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بعض الملاحظات الإيجابية من قادتنا يمكنها بسهولة تغيير ممارسات الاعتقال هذه. وسبق أن نشر كافالا رسالة تحدث فيها عن ظروف سجنه، قال فيها: من على شاكلتي داخل السجن، ممن ينتظرون منذ شهور إعداد لوائح الاتهام بحقهم، عددهم ليس بالقليل. ولا شك أن هذا الوضع يشير بشكل واضح وصريح لما تعانيه آلية المحاكمة العادلة من عدم توازن. وإذا لم يتم قبول قرينة البراءة منذ البداية كأحد أسس عملية المحاكمة، فإن هذا كفيل بالإبقاء على حالة عدم التوازن كما هي. أنهي خطابي على أمل إعادة التوازن المفقود لصوابه في أقرب وقت ممكن… الكاتبة التركية، هايلي أكاي، ذكرت في تصريحات لها اليوم، أنّ من أبرز الاتهامات الموجهة لكافالا، أنّ منظمات المجتمع المدني التي يشارك فيها، تلقت أموالا من الاتحاد الأوروبي من أجل أنشطة تروج للديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية الثقافية. كما أن أحد أصدقاء كافالا سأله عن كيفية الوصول إلى تمويل الاتحاد الأوروبي لصحيفة معارضة؛ وترى أكاي أنه لسوء الحظ لا يبدو أن كافالا يمثل بيدقا مناسبا للمساومات الثنائية أو الدولية. وتابعت: ولهذا السبب، في ذروة الخلاف الدبلوماسي بين واشنطن وأنقرة بشأن احتجاز تركيا للقس برانسون، نشرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة مقالا تلو الآخر تقول فيه إنه في حالة إطلاق سراح القس، فإن القوى الأجنبية ستطالب بإطلاق سراح كافالا في المرة القادمة. ومن هذا المنطلق، كانوا يريدون قول: لدينا أيضا كافالا، لماذا لا تعيرونه اهتمامكم؟ وتؤكد الكاتبة أنّه ما من اتهامات حقيقية بحق كافالا، باستثناء نظريات المؤامرة التي تنشرها وسائل الإعلام الموالية للحكومة، والتي ربما تستند إلى معلومات ينشرها جهاز الأمن التركي.