عرش “السلطان” في “لاهاي”
حان الوقت لأن يتحرك المجتمع الدّولي نحو تقديم ملف الرئيس التركي الإخونجي رجب طيب أردوغان لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
لا حق لهذا الرجل في قتل المدنيين، فقط لأن لهم نزعة انفصالية أو تحررية، فهذا حقهم المشروع، وقمعه بالقصف والسلاح والقوة جريمة إنسانية يجب أن يحاسب فاعلها.
الرئيس الحالم باستعادة أمجاد العثمانيين في منطقتنا العربية جعلت تصرفاته مرعونة مع الداخل والخارج.
ففي تركيا يسجن اليوم ويقمع ويقتل كل من يقف في وجه أردوغان حتى وإن كان خيالا. فقد حدث ذلك بعد انقلاب وهمي صنعه سنة 2016 ليستند ويسند عليه كل القمع لحريات الرأي والتعبير. وبين القمع والإرادة يئن الشعب التركي في الداخل والخارج.
لكن بالنسبة لنا عربا ومسلمين علينا عدم السّكوت والتحرك الفوري للحد من المجازر التي يقوم بها أردوغان بين سوريا والعراق وليبيا، الأيديولوجيات الفكرية المسمومة في تونس وباقي دول المنطقة. هو مجرم دولي يجب أن يعرض على لجان التحقيق وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك، ولأمثاله أُسست محكمة “لاهاي”.
أكدت منظمة العفو الدولية تورط أنقرة في قتل مدنيين في هجوماتها الأخيرة على سوريا. السؤال الكبير هو بأي حق أصبحت لتركيا كلمة في التفاوض بشأن الأوضاع على التراب السوري؟ نظام أردوغان أثبت خيانته لشعبه وعززه عبر تصرفاته الأخيرة، وتغيير تحالفاته حسب مصالح التوسع وتحقيق حلم الإمبراطورية.
ولولا سياسة “قصر أردوغان” كما سماها زعيم المعارضة كمال أوغلو المعارض التركي الذي سرد في خطاب أخير أن أردوغان هو السبب في كل إحباطات الجمهورية التركية ومشاكلها. ففي حين تعاني البلاد من مشاكل اقتصادية حادة، وتهوي الليرة التركية في سقوط حر وتتنامى البطالة والديون، يواصل الرئيس التركي تجاهل احتياجات شعبه.
وجه المعارض التركي مجموعة من التساؤلات الإنكارية وهنا نتحدث لغويا حول السياسة التي اتبعها “القصر”، أهمها: مَن الذي فتح الطريق أمام السلاح للعبور نحو المقاتلين في سوريا؟ ومَن الذي مهّد لدخول هذا السلاح برا وبحرا وجوا؟
ونضيف على تساؤلات أوغلو: مَن الذي فتح الطريق أمام شباب أمتنا الذين غسلت عقولهم، وتم شراؤهم ببعض الدولارات للعبور نحو سوريا والالتحاق بداعش؟
مَن الذي أحرق قلوب عائلات بأكملها أنفقت عمرها على أبنائها لتراهم في أحسن المراتب، لكن تحولوا إلى وحوش حيوانية في ساحات الموت، وتحولت بناتهن إلى بائعات هوى على أراضي سوريا والعراق مقابل عقد شرعي نحو الجنة المفترضة.
لم يكن للدواعش أن ينجحوا في مخططاتهم، ولم يكن لأرض سوريا أن تقبل أو تبتلع دماء أبنائها وأبناء المسلمين وغير المسلمين من الأبرياء بدون دعم رجب طيب أردوغان.
التدخل التركي في الشأن السوري بشكل مباشر هو ما أوصل البلاد لما عليه الآن، ولم يكن بالإمكان لـ”الثورة السورية” أن تطول ولا لعشرات الآلاف أن يقتلوا لو لم تفتح الحدود التركية لتلعب دورا مزدوجا.
دعمت أنقرة الأردوغانية شرارة “الأحداث” التي شهدتها سوريا في 2011 بكميات هائلة من الوقود لتأجيجها وتدمير البنية التحتية للبلاد مع سبق الإصرار والترصد. دعم أردوغان المقاتلين، خاصة المرتزقة منهم والمتوافدين نحو سوريا بتسهيل فرص العبور نحو البلاد عبر حدوده، كما دعمهم بالأسلحة والقوات والعتاد.
وفي الوقت نفسه، فتح أبوابه نحو “المعارضين” والمقاتلين ومن ثبت عليهم الإجرام بالعبور نحو تركيا وأعزهم ماديا ومعنويا، وأذل المدنيين الهاربين نحو “ملاجئ” مؤقتة وفرها لهم، ليطالبهم اليوم بالرحيل نحو بلاد لم يبقَ فيها غير أطلال وأرض مثخنة بالدماء. وسيرحل “السلطان” أكيدا وسنرى العدالة الإنسانية تتحقق في “لاهاي”.