سياسة

طهران وإسرائيل تتبادلان الاتهامات في مجلس الأمن


قالت إيران الأحد في الأمم المتحدة إنّه “لم يكن لديها خيار سوى ممارسة حقّها في الدفاع عن النفس” من خلال إطلاقها مئات المسيّرات والصواريخ على إسرائيل التي دعت من جهتها مجلس الأمن الدولي إلى فرض “كلّ العقوبات الممكنة” على طهران.

وتوازيا دعا قادة العالم الأحد إلى ضبط النفس بعد شنّ طهران هجومها غير المسبوق على الدولة العبريّة ردّاً على قصف قنصليّتها في دمشق، في ظلّ إدانات غربيّة واكبتها دعوات لضبط النفس خشية امتداد العنف الى مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وقال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن عقدت بطلب بلاده، إن “القناع سقط. إيران، الداعم الرئيسي للإرهاب في العالم، كشفت وجهها الحقيقي بوصفها مزعزعة لاستقرار المنطقة والعالم”. وأضاف “القناع سقط”، داعيا مجلس الأمن إلى “التحرك”.
وفي المقابل قال سفير طهران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إرافاني “لقد فشل مجلس الأمن في تأدية واجبه بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين” من خلال عدم إدانته الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، مشيرا إلى أنه “في ظل هذه الظروف، لم يكن أمام جمهورية إيران الإسلامية خيار آخر سوى ممارسة حقها في الدفاع عن النفس”. وأكد أن طهران لا تريد التصعيد لكنها سترد على “أي تهديد أو عدوان”.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد إن “لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل نشوب حرب أخرى”، حاضا خلال اجتماع مجلس الأمن على ممارسة “أقصى درجات ضبط النفس”.
وحذرت الولايات المتحدة، أكبر حلفاء إسرائيل، من مغبّة أيّ تصعيد بعد الهجوم الذي أُحبِط بدرجة كبيرة ومع إعلان الجيش الإسرائيلي اعتراض 99 بالمئة من الصواريخ والمسيرات التي أطلِقت.
وأكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي “لا نريد أن نرى تصعيدا في الوضع. لا نسعى إلى حرب أكثر اتساعا مع إيران”. غير أن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت قال إن “الحملة لم تنتهِ بعد… يجب أن نبقى في حال تأهب”.

وبينما أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية أن الهجوم الذي شنّته طهران “حقق كل أهدافه”. حذّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن أي رد إسرائيلي “متهور” سيستدعي “ردا أقوى وأكثر حزما”.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري “إحباط” هذا الهجوم المباشر الأول الذي تنفذه الجمهورية الإسلامية على إسرائيل.
ودانت مجموعة السبع في اجتماع الأحد، “بالإجماع” الهجوم الإيراني. ودعت “جميع الأطراف” إلى “ضبط النفس” مؤكدة “دعمها الكامل” لإسرائيل.
وتزامنا مع الهجوم الإيراني، نفّذ حلفاء لطهران في المنطقة هجمات ضدّ إسرائيل. إذ أطلق حزب الله اللبناني صواريخ كاتيوشا في اتّجاه هضبة الجولان المحتلة. وأطلق المتمرّدون الحوثيّون في اليمن مسيرات في اتّجاه جنوب الأراضي الإسرائيليّة.

واستهدف قصف جوي إسرائيلي الأحد موقعا تابعا لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران في شرق لبنان قرب الحدود مع سوريا، وفق ما أكّد مصدر في الحزب والجيش الإسرائيلي.
وأعادت إسرائيل فتح مجالها الجوي بعد إغلاقه تزامنا مع الهجوم. كذلك فعل الأردن ولبنان والعراق.
وأتى الهجوم الذي أكدت واشنطن حليفة إسرائيل مشاركتها في التصدي له، في خضم الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة. والتي تثير منذ أشهر مخاوف من تصعيد إقليمي واسع النطاق. وجدد الرئيس الأميركي جو بايدن حليف إسرائيل الرئيسي، دعم بلاده “الثابت” للدولة العبرية.

وأعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنه دعا إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية الأوروبيين الثلاثاء إثر الهجوم مؤكدا “هدفنا المساهمة في احتواء التصعيد و(ضمان) أمن المنطقة”.

الدفاعات الاسرائيلية نجحت في احباط الهجوم الايراني
الدفاعات الاسرائيلية نجحت في احباط الهجوم الايراني

وأفاد هغاري بأن إيران “أطلقت الليلة الماضية (السبت) أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصواريخ كروز” باتجاه إسرائيل.
وأوضح أن 170 مسيَّرة و30 صاروخ كروز أطلقت من دون أن تخترق المجال الجوي الإسرائيلي. وأن 110 صواريخ بالستية أطلقت كذلك وبلغ عدد قليل منها إسرائيل.
وقال إن أشخاصا عدة أصيبوا إصابات طفيفة فيما أدخلت فتاة بدوية في السابعة. في جنوب إسرائيل، إلى العناية المركزة.

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانيّة الرسميّة (إرنا) أنّ أكبر قاعدة جوّية في النقب في جنوب إسرائيل. تعرّضت “لأضرار جسيمة” بعدما أصابتها صواريخ إيرانيّة.
وأقر الجيش الإسرائيلي بإصابة القاعدة. مؤكدا أن الأضرار “طفيفة” ولم تؤدِّ الى إخراجها من الخدمة.
أتى الهجوم الإيراني ردا على قصف نُسب الى الدولة العبرية في الأول من نيسان/أبريل. ودمّر مبنى قنصلية طهران في العاصمة السورية. في ما عدّته إيران بمثابة اعتداء على أراضيها.
وقبيل الساعة الثانية من فجر الأحد بالتوقيت المحلّي (23,00 ت غ ليل السبت). سمع دويّ في القدس التي امتلأت سماؤها بأضواء حُمر وصفر. في مشهد تم تصويره وتداول سكّان لقطات له على منصات التواصل.
وسرعان ما انتشرت على هذه المنصات مقاطع مصورة لافتة لمقذوفات تعبر بجانب قبّة الصخرة في الحرم القدسي.

وبعد ساعة تقريبا على بدء الهجوم، ذكرت وكالة الانباء الإيرانية أن “دفعة أولى من الصواريخ البالستية” أطلقت “في عمق” الأراضي الإسرائيلية.
ونقل التلفزيون الرسمي عن الحرس الثوري أن “القوة الجيوفضائية للحرس الثوري أطلقت عشرات الصواريخ والمسيّرات على أهداف محددة”.
وأسقطت لندن من جهتها “عددا” من المسيّرات. التي أطلقتها طهران خلال هجومها على إسرائيل ليل السبت الأحد. وفق ما أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، داعيا إلى “الهدوء” و”نزع فتيل” التأزم في المنطقة.
وطلبت طهران من واشنطن عدم التدخّل في هذا التصعيد. وأكدت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة “هذا نزاع بين إيران والنظام الإسرائيلي المارق، ويجب على الولايات المتحدة البقاء في منأى منه”. وتجمع آلاف الإيرانيين في مدن البلاد الرئيسية احتفالا بالهجوم مرددين “الموت إسرائيل” و”الموت لأميركا”.

وبُعيد بدء الهجوم قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي على منصة إكس “هذا النظام الشرير سيُعاقَب”.
وأكدت دمشق بلسان وزير خارجيتها فيصل المقداد أنّ “ما قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو الرد المناسب.. وحق مشروع لها”. مستنكراً “المواقف الغربية المتخاذلة وسكوتها عما يقوم به الكيان الصهيوني من مجازر وأفعال ضد الإنسانية”.
وحذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأحد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي من أن اي تصعيد اسرائيلي “سيؤدي إلى توسيع دائرة الصراع في المنطقة. مشددا على أن بلاده “لن تكون ساحة لحرب إقليمية”.

كما حذرت مصر من “خطر التوسع الإقليمي للنزاع”. فيما دعت وزارة الخارجيّة السعوديّة جميع “الأطراف إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب”.
وقالت واشنطن الأحد إنها لن تشارك في أي رد إسرائيلي محتمل على إيران بعد الهجوم الجوي لطهران على الدولة العبرية.
ويأتي هجوم طهران في سياق وتيرة متصاعدة من التوتر والعداء بين إيران وإسرائيل. منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وخلّفت الحرب آلاف القتلى والجرحى .ودمارا واسعا وأزمة إنسانية حادة في القطاع أوصلت سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليون شخص إلى حافّة الجوع، حسب تقديرات الأمم المتحدة. وتستمر الحرب من دون أفق للتهدئة.

فقد أعلن جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) .الذي يتولى المفاوضات مع حماس بهذا الشأن. الأحد أن الحركة رفضت مقترح الوسطاء لهدنة تشمل الإفراج عن الرهائن في القطاع وإطلاق معتقلين فلسطينيين.
وقال الموساد إن “رفض المقترح… يُظهر أن (رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة يحيى) السنوار لا يريد اتفاقا انسانيا ولا عودة الرهائن، ويواصل استغلال التوتر مع إيران” .ويسعى الى “تصعيد شامل في المنطقة”.
وكانت حماس قد أكدت ليل السبت أنها ردّت على المقترح. وأعادت تأكيد مطالبها القائمة على “وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الجيش (الإسرائيلي). من كامل قطاع غزة وعودة النازحين الى مناطقهم وأماكن سكناهم وتكثيف دخول الإغاثة والمساعدات والبدء بالإعمار”.

وينص مقترح الوسطاء على إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل 800 إلى 900 فلسطيني تعتقلهم إسرائيل. ودخول 400 إلى 500 شاحنة من المساعدات الغذائية يوميا وعودة النازحين من شمال غزة إلى بلداتهم، بحسب مصدر من حماس.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر مع شن حركة حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم مدنيون. حسب تعداد أجري ويستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وتعهدت إسرائيل “القضاء” على الحركة، وتشن عمليات قصف أتبعتها بهجوم بري في قطاع غزة. ما أدى إلى مقتل 33729 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

وخُطف خلال هجوم حماس نحو 250 شخصا ما زال 129 منهم رهائن في غزة. ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وأعلنت إسرائيل الأحد أن حماس تحتجز رهائن في رفح جنوب قطاع غزة. وقالت المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري “حماس لا تزال تحتجز رهائننا في غزة… لدينا أيضا رهائن في رفح وسنبذل كل ما بوسعنا لإعادتهم”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى