سياسة

صراعات الإخوان الداخلية ومعركة كراسي القيادات


خلافات داخلية تعصف بجماعة الإخوان المدرجة على قوائم الإرهاب في عدد من الدول، وتكشف عن معركة تكسير عظام بين جبهاتها.

معركةٌ فجرتها خلافات بين ما عُرف بجبهتي لندن وإسطنبول داخل جماعة الإخوان، وهو ما كشفت عنه وثيقة مسربة.

واندلع الخلاف بين جبهتي لندن وإسطنبول بعد فترة من إلقاء القبض على القائم بأعمال مرشد الإخوان الأسبق محمود عزت، في أغسطس/آب 2020.

وطفت تلك الخلافات على السطح منتصف عام 2021، وأدت إلى حدوث انقسام هيكلي بين جبهتي لندن وإسطنبول، وأصبح لكل منهما:

خطة المرحلة الجديدة

وحملت الخطة المسربة، عنوان “مرحلة جديدة”، ويفترض أنها خرجت من “جبهة لندن” التي قادها، وقت صياغتها إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد الإخوان حينها والذي خلفه في منصبه صلاح عبد الحق.

وتضمنت الخطة مجموعة من الخطوات والإجراءات المقترحة لإعادة السيطرة على الجماعة.

وتقول مصادر مطلعة إن الكواليس الحقيقية لكتابة هذه الخطة تكشف فصلا من فصول الحرب الداخلية التي تعيشها جماعة الإخوان، واستحلال قيادات منها التزييف والكذب من أجل تحقيق مصالح شخصية وتنظيمية.

ووفقا لمصادر قيادية شرط عدم الإفصاح عن هويتها، فإن خطة “مرحلة جديدة” لم تعدها جبهة لندن، وإنما الجبهة المناوئة لها في إسطنبول “حتى تزرع الشك في نفوس أنصار جبهة لندن، متبعة أسلوب الاغتيال المعنوي ونشر الشائعات والأخبار المزيفة ضد خصومها”.

وفي هذا الصدد، تؤكد هذه المصادر أن جماعة الإخوان دأبت قبل الانقسام، “على استخدام تكتيك الاغتيال المعنوي ضد خصومها وأعدائها، وروجت الشائعات والأخبار المفبركة في أكثر من مناسبة لتحقيق هذا الغرض، غير أن قادة الجماعة لم يجدوا حرجًا من استخدام نفس السلاح ضد بعضهم البعض من أجل حسم الصراع التنظيمي”.

“جيل 65”

وتبدأ الوثيقة، التي كُتبت في أواخر 2020، بالحديث عن القيادة التاريخية وإمساكها بزمام الأمور في جماعة الإخوان، وذلك في إشارة لما يُعرف بمجموعة التنظيم القطبي أو “جيل 65” المسيطرة على الجماعة منذ سنوات.

وتشير إلى أن من ترمز له بـ”د. ع”، ويُقصد به عضو مكتب الإرشاد والمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح “حاول من قبل إزاحة جيل 65 وتصادم معهم في أكثر من مناسبة من بينها أثناء سجنه في سجن مزرعة طرة عام 1996، لكن تلك المحاولات لم تنجح وتم التعامل معه ومع فريقه”.

وقالت الوثيقة إن مؤيدي “أبو الفتوح” حاولوا ثني الجماعة عن اتخاذ قرار الترشح للرئاسة حتى تتاح له الفرصة للوصول للرئاسة، لكن انحياز الجماعة لقرار الترشح أضاع الفرصة.

ثم تنتقل الوثيقة للحديث عن المرحلة التي سبقت القبض على محمود عزت، القائم بأعمال المرشد الأسبق.

في تلك المرحلة، جرى التشكيك في وجود عزت وإدارته لملفات الجماعة، مما دفعه لتكثيف التواصل وهو ما أدى إلى رصده من قبل أجهزة الأمن المصرية وإلقاء القبض عليه.

وهو ما اعتبرته الوثيقة بمثابة فرصة تاريخية لابد من استثمارها لإزاحة القيادات التاريخية “جيل 65” خصوصًا، في ظل تولي نائب المرشد والقائم بعمله السابق إبراهيم منير مقاليد الأمور في تلك الفترة.

وأثارت تلك الفقرة شكوكًا حول ضلوع وتورط قيادات إخوانية في الإيقاع بمحمود عزت الذي وُصف بأنه كان الرجل صاحب النفوذ الأكبر في الجماعة خلال السنوات الماضية.

ووفق الوثيقة فإن “إمكانية الوصول إلى تغيير قيادي داخل الجماعة مستحيلة طالما بقي جيل 65 متحكمًا فيها”.

وفي هذه الجزئية، استشهدت الوثيقة بالخلاف الشهير الذي حدث بين محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد ورئيس اللجنة الإدارية العليا الأولى للجماعة بعد 2013، وبين محمود عزت والقيادات التاريخية، عامي 2015 و2016، والذي احتكمت فيه الجماعة إلى القيادي الإخواني العراقي محمد أحمد الراشد والذي جاء حكمه لصالح عزت ورفاقه مما أجهض محاولة عزل القيادات التاريخية.

واقترحت الوثيقة مجموعة من الإجراءات التنفيذية منها: 

  • تشكيل خلية عمل تحيط بإبراهيم منير، القائم بالأعمال وقتها، ويتواصلون معه طوال اليوم حتى يؤثروا على قراراته.
  • تشكيل لجنة معاونة لإبراهيم منير لتتولى إدارة عمل الجماعة في الداخل والخارج تضطلع بمهام مكتب الإرشاد ويكون من أولوياتها إنهاء الانقسام الإخواني.

«العين الإخبارية» تكشف معركة تكسير عظام داخل الإخوان

ومن الجدير بالذكر أن اللجنة التي اقترحتها الوثيقة جرى تأسيسها قبل ذلك التاريخ باسم “الهيئة الإدارية العليا” لتكون بديلا لمكتب الإرشاد وكان رئيسها إبراهيم منير نفسه.

كما شغل عضوية تلك الهيئة محمود حسين، عضو مكتب الإرشاد وأمين عام مكتب الإرشاد وقتها والقائم بأعمال المرشد- جبهة إسطنبول حاليا، بحسب وثيقة تأسيس الهيئة.

وتحرض الوثيقة على العمل من أجل إيجاد فجوة نفسية بين محمود حسين وإبراهيم منير، والعمل على إلغاء الأمانة العامة ومنصب الأمين العام الذي شغله الأول منذ عام 2010.

كما تحرض على تعميق الأزمة القيادية لتشمل القائمين على قيادة الجماعة في مصر وإدارة رابطة الإخوان المصريين في الخارج، ومسؤول مكتب تركيا، والمتحدث الإعلامي، والقيادي “ع. ع”، ومن ثم عزل هؤلاء القادة، وانتزاع الملفات التي تديرها الرابطة.

ويُلاحظ أن القادة المذكورين كلهم محسوبون على محمود حسين، وهم: 

  • محمد عبد الوهاب، مسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج وقتها وعضو مجلس شورى الإخوان.
  • مدحت الحداد، مسؤول مكتب تركيا وقتها وعضو مجلس الشورى أيضا.
  • طلعت فهمي عضو مجلس شورى الجماعة وما يزال يشغل منصب المتحدث الإعلامي في جبهة إسطنبول.
  • بالإضافة للقيادي “ع. ع” وهو علي عبد الفتاح مدير مكتب محمود حسين في الوقت الحالي والذي شغل في تلك الفترة الإشراف على الملف السياسي للجماعة بتكليف من “حسين” نفسه.

وبحسب مصدر قيادي فإن إبراهيم منير سعى، خلال عام 2021، إلى انتزاع الملفات التي تديرها رابطة الإخوان المصريين بالخارج من قيادة الرابطة وخصوصًا الملف المالي ونقلها لتكون من مسؤولية الهيئة الإدارية العليا التي أسسها.

بيد أن مسؤول الرابطة محمد عبد الوهاب رد عليه بالقول: “الرابطة لن تسلم أية ملفات للهيئة وليس لديها ملفات تقع ضمن اختصاصها”، وهو ما فاقم الخلافات والانقسام الإخواني في حينه.

وحثت الوثيقة المعنونة بـ”مرحلة جديدة” على استخدم الإعلام في إدارة الجماعة عن طريق تسريب قراراتها قبيل إعلانها الرسمي، وتوظيف لجان إلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لتلك القرارات لتحظى بالدعم والتأييد من عموم الصف الإخواني.

وتلمح الوثيقة إلى ضرورة الاستفادة من تنظيرات “م. أ”، والمقصود به أيمن عبد الغني صهر خيرت الشاطر، ومنشورات “ي. م”، وهو يحيى موسى المتهم بقيادة الجناح المسلح للإخوان وحركات حسم ولواء الثورة، عن العنف.

بالإضافة إلى استنفار “خ. ع”، وهو خيري عمر، الأكاديمي والباحث الذي كان منتميًا في السابق للإخوان وشغل عضوية اللجنة السياسية بها، على الكتابة حول الفشل السياسي للإخوان من أجل رسم صورة ذهنية سلبية للقيادات التاريخية مما يهيء الأجواء أمام عملية التحول القيادي.

حملة إعلامية وخطوات تنظيمية

وأفردت الوثيقة فقرة للحديث عن الحملة الإعلامية المقترحة من أجل دعم الحراك التنظيمي، والتي تركز على: 

  • رسم صورة ذهنية لإبراهيم منير كمجدد لدعوة الجماعة.
  • تحفيز الإعلاميين المحسوبين على الجماعة للحديث عن إبراهيم منير، ومن بينهم “ص. م” وهو الإعلامي المقرب من الإخوان صابر مشهور.
  • مع التمهيد لحلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي للجماعة- جبهة لندن حاليا، ليقود الجماعة من تركيا بالاستعانة بأيمن عبد الغني، صهر خيرت الشاطر الذي تُوفي في 2020، لعلاقته بالعديد من المجموعات الشبابية الإخوانية.

 

«العين الإخبارية» تكشف معركة تكسير عظام داخل الإخوان

رسالة بديع من محبسه

وحثت الوثيقة على التركيز على رسالة سابقة لمرشد الإخوان محمد بديع أرسلها من محبسه وطلب فيها من القيادات التاريخية للجماعة الاستعانة بآراء 3 من قيادات الجماعة في أي مسألة خلافية منهم حلمي الجزار.

وهذه الرسالة روجها “ع. ت” وهو عصام تليمة، القيادي المحسوب على الإخوان ومدير مكتب يوسف القرضاوي سابقًا.

كما تحدثت الوثيقة عن “مساعد النائب” وهو القيادي البارز بجماعة الإخوان وعضو مجلس الشورى العام بها محيي الدين الزايط، قائلةً إنه الصندوق الأسود وبيديه العديد من الملفات والاتصالات الدولية، موصية بالاستعانة به من أجل إنجاح الخطة.

أربع فئات في مقدمتها: فريق السمع والطاعة

وأشارت إلى أعضاء مجلس الشورى العام للإخوان ودعت لتصنيفهم من حيث الناحية النفسية إلى 4 فئات هم: 

  • فريق السمع والطاعة.
  • فريق الشخصنة ممن يرون أنه من الضروري إزاحة محمود حسين من قيادة الجماعة.
  • فريق الأنا الذي يطمح لقيادة الجماعة.
  • فريق الموائمات الذي يخشى الانشقاق في داخل الجماعة وأصحاب المصالح الشخصية.

أصحاب المنافع الشخصية

وذكرت الوثيقة مجموعة ممن تصنفهم على أنهم أصحاب مصالح شخصية وهم: المرموز لهم بالأحرف: “س”، و”خ. س”، و”ه. س”،ة و”ق. ع”.. إلخ، وهم: 

  • باحث مصري يُعلق على خيانات الإخوان وغدرهم
  • السعداني أحمد، مسؤول الملف الإعلامي سابقًا ومسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج- جبهة لندن حاليا.
  • خالد السلكاوي، القيادي الإخواني الذي صعد مؤخرا لعضوية مجلس الشورى.
  • هيثم سعد مسؤول ملف مواقع التواصل الاجتماعي سابقا، وآخرون.

«العين الإخبارية» تكشف معركة تكسير عظام داخل الإخوان

المنشقون

وأوصت الوثيقة بالاستعانة بمجموعة المكتب العام وهم: 

رأس الحربة من تركيا

واعتبرت الوثيقة أن رأس الحربة وبداية التغيير الحقيقي ستكون من مكتب الجماعة في تركيا.

وفي هذا الصدد، رأت أنه يجب الضغط من أجل إجراء انتخابات الجماعة في تركيا أو على الأقل الدفع باتجاه شغل “م. أ”، و”ع. ف” عضوية المكتب. وهما أسامة سليمان عضو مجلس الشورى والمتحدث الرسمي باسم جبهة لندن حاليا. وعمار فايد نائب رئيس المكتب السياسي في جبهة لندن في الوقت الحالي.

ومن الجدير بالذكر أن الضغط باتجاه إجراء انتخابات مكتب تركيا نجح بالفعل.وتم إجراء هذه الانتخابات في 2021، وكان رئيس لجنة الانتخابات وقتها أسامة سليمان.

وجاءت نتيجة تلك الانتخابات باستبعاد مدحت الحداد ومجموعة مكتب تركيا التي تدعو الوثيقة المذكورة للتخلص منهم.

لكن المستبعدين قدموا طعونًا بلغت نحو 16 طعنًا في النتائج. ونشبت خلافات عديدة في تلك الفترة، مما دفع بإبراهيم منير لإصدار قرار، في يوليو/ تموز 2021. بحل مكتب تركيا وتأجيل انتخابات القطر لمدة 6 أشهر.

وكان ذلك القرار سببًا في ظهور الخلافات بين مجموعتي/ جبهتي لندن وإسطنبول للعلن. وهي الخلافات التي تعصف بالجماعة حتى الآن.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى