سياسة

شهادات التعذيب في معتقلات الحوثي


نقلت مليشيات الحوثي تجارب إيران، الدولة الراعية للإرهاب العابر للحدود، في قمع معارضيها عبر تطبيق تلك الأساليب مع المعتقلين اليمنيين.

فلا يزال التعذيب واحدا من أكثر الجرائم الوحشية التي تمارسها مليشيات الحوثي بحق المدنيين المحتجزين في سجونها سيئة الصيت.

مأساة مختطف

وبدأت مأساة محمد خالد عندما قرر البحث عن عمل في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية ولم يخبر أسرته عن الوجهة التي يريدها، وعندما وصل إلى منطقة الحوبان شرق مدينة تعز الخاضعة لمليشيات الحوثي، استوقفته نقطة تفتيش حوثية وأنزل من المركبة التي تقله، ونقل إلى سجن مدينة الصالح سيء الصيت، فيما فقدت أسرته أي أثر له.

وخضع الرجل البالغ من العمر نحو 40 عاما لجرائم تعذيب وحشية، ورغم محاولته إقناع خاطفيه بأنه مجرد عامل بناء كان في طريقه للبحث عن عمل، أصر عناصر المليشيات على التهمة التي وجهت له “معاونة الحكومة الشرعية والتحالف العربي” وإرسال إحداثيات عن المواقع العسكرية“.

ويقول خالد في تسجيل مرئي إن “سجانيه قيدوا يديه إلى الخلف وعصبوا أعينه بقطعة من القماش، فيما وضعت قيود على أطرافه السفلية، وبينما كان يوجه له المححق الأسئله كان هناك من يتولى ضربه على مؤخرة رأسه بشيئ صلب لدفعه على الاعتراف“.

وكانت الضربات القوية تجعله يدخل في غيبوبة نتيجة الآلام المبرحة، لكن عناصر المليشيات كانوا يصبون المياه الباردة على رأسه وجسمه لإيقاظه كلما غشي عليه ويعاودون تعذيبه.

وأكثر أساليب التعذيب إجراما كانت عندما استخدم عناصر مليشيات الحوثي قضبان حديدية مصنوعة من الصلب لتهشيم عظام أطرافه السفلية.

ويفيد خالد في التسجيل المرئي أن “عمليات التعذيب التي امتدت لأشهر أقل ما توصف بالوحشية، ولو كانت هناك كاميرات تصوير لشاهد العالم مدى الفظائع التي يتعرض لها المعتقلون في سجون المليشيات المدعومة من إيران“.

الكسور التي يتعرض لها المعتقل تجعله يعيش آلام لا يمكن وصفها وتلازمه طوال فترة التعذيب“، يقول خالد متحدثا عن المأساة التي عايشها.

وتابع: “ما يزيد الألم أكثر هو تعمد عناصر المليشيات في الأيام اللاحقة على الضرب في الأعضاء التي تعاني من كسور أو جروح مسبقة“.

كان المحققون يدوسون بأحذيتهم على أماكن الجروح ويبقون ذلك لدقائق مع توجيه السباب والشتائم وكلمات التخوين يقول ذلك المعتقل الذي أفرج عنه آخيرا بعد عام من الاعتقال والتعذيب الذي تسبب له بإعاقه دائمة.

ويضيف هناك من يقضون نحبهم تحت التعذيب، ويدفنون في مقابر لا يعلم بهم أحد، إذ عادة ما تطمئن مليشيات الحوثي لعدم انكشاف أمرها، لأن الاعتقال لا يعلم به أهالي الضحية أو المنظمات الحقوقية التي ترصد تلك الجرائم.

وخلال التعذيب يشكو الضحية من آلام لا تفارقه طوال فترة الاحتجاز، ولا يحصل المختطف خلالها على مسكن، أو دواء يخفف عنه تلك الآلام، أو أن يتم تطبيب الجروح التي أصيب بها، بل إن المحققين يستمتعون بأنين المعتقلين ويتلذذون بمعاناتهم.

ويشير خالد الذي أصيب بإعاقه بدنية إلى أن المعتقل المفرج عنه من سجون مليشيات الحوثي، يعود إلى أهله فاقدا الحركة وعاجزا عن القيام بأي شيء بعدما أصيب بإعاقة مستديمة.

وسائل مميتة

 الصعق بالكهرباء هي إحدى أدوات مليشيات الحوثي الأكثر إيلاما، إذ يتم صعق أعضاء معينة من جسد الضحية إلى أن تفقد وظيفتها.

يقول المعتقل المفرج عنه نديم جابر لـ”العين الإخبارية”، إن “الصعق بالكهرباء يستمر طوال أشهر التعذيب التي يتعرض لها الضحية فضلا عن التعليق والحرمان من الغذاء والدواء والتهديد بالقتل“.

إضافة إلى أن “الضرب بالعصي أسلوب آخر في تعذيب الضحايا إذ لا تكون الضربات مركزة في مكان معين، بل عشوائية وفي أماكن متفرقة من الجسم“.

وبحسب جابر، فإن “الضرب العشوائي هو لدفع الضحية على الاعتراف نتيجة الترهيب الذي يتعرض له“.

لكن بالنسبة للضحايا المدنيين ما عساهم أن يعترفوا به، إذا كانوا يجهلون السبب في احتجازهم من الأساس.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان واضحا استعانة المحتجزين المفرج عنهم من سجون مليشيات الحوثي ضمن صفقة تبادل الأسرى، بالعكاكيز لمساعدتهم على السير، في دليل واضح على مدى وحشية التعذيب الحوثي الذي تعرضوا له.

وكان غالبية المفرج من المدنيين ممن قامت باعتقالهم مليشيات الحوثي بطريقة غير قانونية من نقاط التفتيش التي تقيمها في مداخل المدن، وكانوا يبدون بحالة ضعف شديد، لكن اللافت في الأمر هو عدم قدرتهم على السير دون استخدام العكاكيز ما يشير إلى مدى الإجرام الحوثي الذي تعرضوا له.

وفي وقت لاحق كشف بعض المفرج عنهم جانبا من جرائم التعذيب، إذ تحدثوا عن تعرضهم للضرب بكابلات كهربائية، وقضبان حديدية مصنوعة من الصلب أفضت إلى تهشم عظام أطرافهم السفلية.

تلك الشهادات ذكرتها منظمة العفو الدولية في تقرير لها صدر في مايو/أيار الماضي، مؤكدة أن مليشيات الحوثي تمارس جرائم تعذيب الضحايا عبر الضرب باستخدام قضبان مصنوعة من الصلب، وما زال العديد منهم يحمل إصابات بدنية ومشكلات صحية مزمنة بعد أشهر من الإفراج عنهم. 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى