سياسة

شركات التسليح الغربية تزدهر بدروس حرب أوكرانيا


لم تعد شركات الصناعات الدفاعية الغربية تكتفي بتوريد أسلحة إلى أوكرانيا، بل باتت تتخذ من أراضيها قاعدة مباشرة لها، ما يعكس عمق الشراكة العسكرية بين كييف وحلف الناتو.

ويشير موقع بيزنس إنسايدر إلى أن شركات الدفاع الغربية اتجهت إلى فتح مكاتب داخل أوكرانيا، وإنشاء خطوط إنتاج، والعمل من كثب مع الشركاء المحليين. وكانت النتيجة هي تسريع عمليات تسليح القوات الأوكرانية، وتوفير حلول قتالية مخصصة، مقابل استفادة الغرب من دروس ميدانية لا تُقدّر بثمن في ساحة حرب حديثة متطورة.

ويمثل هذا التعاون ما وصفه ممثلو قطاع الدفاع الأوكراني بـ”المكسب المزدوج”، حيث تحصل الشركات الغربية على خبرات ميدانية نادرة، بينما تتلقى أوكرانيا دعمًا تقنيًا ولوجستيًا يعزز قدرتها على مقاومة العملية الروسية الخاصة.

كما اعترف قادة أوروبيون بأنهم وجدوا في التجربة الأوكرانية نموذجًا يستحق الاستفادة منه، لا سيما في مجالات السرعة والابتكار والإنتاج الحربي.

عربة لينكس الألمانية خلال الإنتاج

ويقول إيهور فيديركو، رئيس مجلس الصناعة الدفاعية الأوكراني، إن الشركات الغربية العاملة داخل أوكرانيا تكتسب فهماً عمليًا لواقع الحرب، مؤكدًا أن طبيعة الصراع القائم تُسرّع وتيرة التغيير، خصوصًا في مجالات مثل الطائرات المسيّرة التي أعادت تشكيل طبيعة المعارك.

حضور غربي متزايد على الأرض

لفت التقرير إلى أن عدة شركات دفاعية بارزة عززت حضورها داخل أوكرانيا مؤخرًا، مثل شركة كوانتم سيستمز الألمانية المتخصصة في إنتاج الطائرات المسيرة والاستخبارات الجوية التي أعلنت مضاعفة طاقتها الإنتاجية في البلاد، فيما افتتحت مجموعة كندس (كيه إن دي إس) الفرنسية-الألمانية فرعًا جديدًا لها هناك.

أما الشركة البريطانية العملاقة بي إيه إي سيستمز (BAE Systems) فقد دشّنت مقرًا لها في أوكرانيا، في حين أبرمت الشركة النرويجية نامو (Nammo) اتفاقية تعاون مع شريك محلي. وتخطط رينميتال (Rheinmetall) الألمانية لإنشاء مصانع متعددة، تشمل خطوط إنتاج ذخائر ومركبات لينكس القتالية.

وحتى الشركات التي لم تطلق إنتاجًا فعليًا داخل أوكرانيا، مثل ميلرم روبوتيكس الإستونية، فتستفيد من اختبار معداتها القتالية على الجبهات الأوكرانية بالتعاون مع الجنود المحليين، ما يسمح بتطويرها وفقًا لاحتياجات المعركة الفعلية.

ووفقًا لمديرها التنفيذي، كولدار فيرسي، فإن هذا التعاون يمكّن أوروبا من تحديد ما ينجح على الأرض، وما يجب تحسينه.

كما طرحت الحكومة الأوكرانية عبر مبادرة “الشجاع1” (Brave1) مساحة مفتوحة للشركات الأجنبية لتجريب تقنياتها مباشرة في ميدان القتال.

دروس للناتو من جبهات القتال

وفي تصريحات لموقع بيزنس إنسايدر، قال وزير الدفاع الدنماركي ترولز لوند بولسن: “لدينا الكثير لنتعلمه من أوكرانيا”. وأشار إلى أن النموذج الدنماركي، الذي يسمح بشراء الأسلحة مباشرة من الشركات الأوكرانية لصالح كييف، يُسرّع عمليات التسليم، ويخفض التكلفة، ويقلل الضغط على الصناعات الدفاعية الأوروبية.

عربة لينكس الألمانية خلال الإنتاج

وأكد أن أبرز ما يميز الصناعة الأوكرانية هو القدرة على الانتقال السريع من مرحلة البحث والتطوير إلى الإنتاج الفعلي، مع مرونة عالية في التجريب، واكتشاف العيوب، والتعديل السريع.

في الوقت ذاته، تحذر قيادات الناتو من الاعتماد المفرط على الأنظمة المعقدة والباهظة على حساب إنتاج أسلحة أكثر بساطة وفعالية بتكلفة أقل وبكميات أكبر. ويُنظر إلى التجربة الأوكرانية على أنها نموذج لتحقيق هذا التوازن بين “الكتلة النارية الرخيصة” و”القوة المتقدمة الدقيقة”.

وتتضح أهمية ذلك في ملف الذخائر، إذ حذّر الأمين العام للناتو من أن روسيا تنتج خلال ثلاثة أشهر ما يعادل إنتاج الحلف في عام كامل، ما يمنحها أفضلية ميدانية قد تكون حاسمة في المعارك.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى