سياسة

سلوك الإخوة العدائي.. متى يتحول التنمّر إلى مشكلة حقيقية؟


بينما يدرك معظم الآباء خطورة التنمّر في المدارس، فإنهم غالبًا لا يرون أن السلوك نفسه داخل المنزل يمكن أن يكون مدمّرًا بالقدر ذاته. فالتنمّر بين الإخوة، الذي يُستهان به عادة ويُعتبر “غيرة طبيعية”، يؤثر على ما يصل إلى 40% من الأطفال، ويحذّر الخبراء من أنه يمكن أن يؤدي إلى أضرار نفسية طويلة الأمد، منها القلق والاكتئاب وتدنّي احترام الذات وضعف التحصيل الدراسي.

وكما في التنمّر بين الأقران، فإن التنمّر بين الإخوة ينشأ من اختلالٍ في ميزان القوة ورغبةٍ في الإيذاء. وعلى عكس الخلافات العادية، التي يشعر فيها الطرفان بالغضب ويكونان مستعدين للمصالحة، فإن التنمّر يتّسم بالقسوة المتعمّدة، وغياب التعاطف، واستمرار الإيذاء.

ويؤكّد الخبراء أنه ينبغي على الآباء الانتباه إلى الأنماط المتكرّرة من العدوان غير المبرّر أو الإيذاء العاطفي أو تدمير الممتلكات، باعتبارها علامات خطر.

ما الحل؟

يبدأ التعامل مع التنمّر بين الإخوة بالاعتراف بوجوده؛ فكثير من الآباء يُقلّلون من شأنه بسبب انحيازهم العاطفي أو لأنهم تعرّضوا لسلوكٍ مشابه في طفولتهم. لكن تجاهل المشكلة يجعل الضحية تكبت ألمها ويُطبع السلوك المسيء كأمرٍ طبيعي. لذلك، يجب على الآباء تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، ومحاسبة المتنمّر بعواقب ثابتة، وتجنّب إطلاق الأوصاف السلبية على أيّ طفل.

كما أن التحيّز بين الأبناء يزيد من احتمالية التنمّر؛ فحتى الفروق البسيطة في الاهتمام أو المديح يمكن أن تولّد الحقد. ويوصي الخبراء هنا بمعاملة الأبناء بعدل، وإبداء نفس القدر من الاهتمام بأنشطتهم، وقضاء وقتٍ فرديّ يومي مع كلّ طفل. وعندما يحتاج أحد الأبناء إلى انضباطٍ أكثر من غيره، يجب أن يُوضّح الوالدان أن التصحيح نابع من الحب والرغبة في تحسين السلوك، لا من الرفض أو المقارنة.

في النهاية، يتعلّم الأطفال من سلوك والديهم؛ لذا فإن البيئة الأسرية القائمة على الصراخ أو الإهانة أو العقاب القاسي تُعزّز أنماط التنمّر. ومن المهم أن يُقدّم الآباء نموذجًا للتواصل الهادئ والاحترام المتبادل وحلّ النزاعات بشكلٍ عادل.

وأخيرًا، يجب مساعدة الأطفال على فهم أسباب سلوكهم، سواء كانت الغيرة أو التوتّر أو انعدام الأمان، وتزويدهم بطرقٍ صحيّة للتعامل مع مشاعرهم. كما يمكن للعقوبات الإيجابية، مثل أداء المهام المنزلية أو التعاون تحت إشراف الأهل، أن تُساعد في بناء الثقة من جديد.
 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى