زيارة الملك محمد السادس للإمارات دفعة قوية للعلاقات المغربية
اختار العاهل المغربي، الملك محمد السادس دولة الإمارات، كوجهة رسمية، في أول زيارة رسمية له بعد انتهاء جائحة كورونا.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة قد استقبل اليوم الإثنين العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يقوم بزيارة دولة إلى دولة الإمارات.
وجرت للعاهل المغربي مراسم استقبال رسمية لدى وصول موكبه قصر الوطن في العاصمة أبوظبي. فيما رافق موكبه ثلة من الفرسان على صهوات الخيول العربية في ساحة القصر.
وكانت آخر زيارة للعاهل المغربي الملك محمد السادس لدولة الإمارات العربية المتحدة. عام 2018، وتعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها في أعقاب انتهاء جائحة كورونا التي توقفت معها جملة من الأنشطة الرسمية للعاهل المغربي الملك محمد السادس.
علاقات عميقة
وباعتبارها أولى الوجهات الرسمية للعاهل المغربي، الملك محمد السادس. بعد جائحة كورنا. فإن زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة. تعتبر دليلاً على أهمية العلاقات المغربية الإماراتية. بحسب حسن بلوان، الخبير المغربي في العلاقات الدولية.
بلوان: هذه الزيارة، والوفد المرافق للعاهل المغربي الملك محمد السادس، يعكسان أهمية العلاقات المغربية الإماراتية، ورقيها إلى مستوى استراتيجي بالنسبة للبلدين”.
وأضاف أن :الزيارة تعكس الأهمية الكبيرة التي يكتسيها التعاون المشترك لدى البلدين على جميع المستويات خاصة الاقتصادي منها من جهة. وعلى مستوى تنسيق المواقف في أفق حلحلة جملة من الملفات الإقليمية العالقة. وعلى رأسها القضية الفلسطينية”.
وتابع قائلا إن “هذه الزيارة تعتبر تاريخية بشتى المقاييس. نظراً لكونها الأولى في الأجندة الرسمية للعاهل المغربي منذ انتهاء كورونا. وأيضاً لكونها الأولى للعاهل المغربي إلى دولة الإمارات بعد تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة دولة الإمارات. مما يعد دفعة قوية للشراكة القائمة بين البلدين”.
وأوضح أن هذه الزيارة تأتي في سياقات دولية وإقليمية خاصة. سواء في أعقاب زلزال المدمر الذي ضرب المغرب، وقدمت فيه دولة الإمارات تضامنا ودعما قويين للبلد الشقيق المغرب، والحرب في غزة، التي عبر البلدان عن مواقف قوية دبلوماسياً وإنسانياً.
وأكد أن هذه الزيارة الرسمية تحظى بأهمية كبيرة. إذ تشكل فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطوير التعاون بينهما في كافة المجالات.
فلسطين على رأس الأولويات
ولأهميتها العظمى في أجندة العلاقات الدولية للبلدين. أكد بلوان، أن القضية الفلسطينية. وخاصة التصعيد الأخير في قطاع غزة. يجعلانها على رأس هرم الأولويات ضمن المحادثات المرتقبة بين قيادتي البلدين.
وأوضح بلوان، أن قيادتي المغرب والإمارات توليان أهمية وأولوية قصويتين للقضية الفلسطينية، ما تُرجم بجملة من الإجراءات الميدانية، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الإنساني خلال الأحداث الأخيرة في قطاع غزة.
وقال إن هذه الأهمية الكبيرة، تجعل من القضية الفلسطينية. نقطة أساسية ذات أهمية كُبرى خلال أجندة هذه الزيارة التاريخية التي يقوم بها العاهل المغربي إلى دولة الإمارات.
ولم يستبعد الخبير في العلاقات الدولية. خروج المحادثات الثنائية لقائدي المغرب والإمارات بمبادرات عملية قوية، من شأنها تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني. والمضي قدما في حلحلة النزاع الممتد لعقود.
علاقات قوية وتاريخية
والعلاقات المغربية الإماراتية ليست وليدة اليوم. بل تمتد لعقود طويلة تقارب نصف القرن، تطبعها الأخوة والتعاون الوثيقين على عدة مستويات.
علاقات، يؤكد حسن بلوان، أنها تعززت بوقوف البلدين إلى جانب بعضهما في المواقف الصعبة، ودعمهما للقضايا والملفات المفصلية للبلدين.
وفي هذا الصدد، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة. داعما أساسياً للمملكة المغربية في قضيتها الأولى، إذ أيدت الوحدة الترابية المغربية الترابية. بدفاعها الدائم عن مغربية الصحراء.
هذا الدعم ترجمته الإمارات بفتح قنصلية في مدينة العيون بالصحراء المغربية نهاية عام 2020، وهي الخطوة التي اعتبرت تتويجاً لعلاقة قوية تكتسي عدة أوجه، منها الاقتصادي والسياسي، بالإضافة إلى الأمني والدبلوماسي، دون إغفال ما هو اجتماعي إنساني. تجليات لعلاقات ما فتئت تتطور يوماً عن يوم.
وكانت بداية العلاقات الإماراتية المغربية، في عهد الراحل. الملك الحسن الثاني، والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وذلك مُنذ أن تأسست دولة الإمارات عام 1971، إذ كان المغرب بقيادة الراحل الحسن الثاني آنذاك، أول الداعمين لها.
ومنذ ذلك التاريخ، عرفت العلاقات بين البلدين نوعاً من الخُصوصية .والتماسك الممزوج بالقوة والاستمرارية، تحت رعاية رشيدة للعاهل المغربي الملك محمد السادس. ورئيس دولة الإمارات الراحل المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وحرص القائدان على تنمية وتعزيز علاقات البلدين الشقيقين. على مختلف الأصعدة. من خلال زيارات مُتبادلة، سواء الرسمي منها أو الشخصي. بالإضافة إلى اللقاءات والاجتماعات المتتالية لمسؤولي البلدين في مجالات الاقتصاد والسياسة والأمن والعدل والقضاء وغيرها من المجالات الحيوية.
وتقف الإمارات العربية المُتحدة إلى جانب المملكة المغربية. داعمة وحدتها الترابية وسيادتها على الأقاليم الجنوبية. منذ المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء من الاحتلال الإسباني.
وقد كان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أصغر مُشارك في المسيرة الخضراء عام 1975.
بدورها، تدعم المملكة المغربية أمن الإمارات ووحدتها. كما دافعت في أكثر من مُناسبة عن أحقيتها في الجُزر التي تحتلها إيران.
ومنذ اعتلاء العاهل المغربي، الملك محمد السادس عرش المغرب عام 1999. وقعت الإمارات والمملكة حوالي عشرات الاتفاقيات الثُنائية. في مجالات متعددة منها الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي والأمني.
تعاون اقتصادي
المجال الاقتصادي، بدوره، يشهد على قوة العلاقات الثنائية بين المغرب والإمارات. إذ شهد التبادل التجاري الثنائي بين البلدين ازدهاراً كبيراً في الأعوام الأخيرة.
وتأتي هذه الزيارة الملكية. لتضع لبنة أخرى في صرح العلاقات الاقتصادية المتينة للبلدين. بحسب محمد جدري، الخبير الاقتصادي المغربي.
وأوضح جدري أن قيمة صادرات المغرب إلى الإمارات العربية المتحدة شهدت خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعاً بـ 300%. وخلال النصف الأول من السنة الجارية تجاوزت قيمة الصادرات من المغرب إلى الإمارات مليار درهم مغربي (1دولار = 10.20 درهم مغربي).
وفي المقابل، فإن واردات المغرب من الإمارات العربية المتحدة.ارتفعت، بنسبة تفوق 200% خلال الفترة ذاتها، وفق الخبير الاقتصادي المغربي.
وأوضح جدري أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي ثاني شريك اقتصادي عربي للمملكة. ومن بين العشرين الأوائل على المستوى العالمي. ما يجعلها شريكاً استراتيجياً ومهما بالنسبة للمملكة المغربية.
وشدد على أن مجموعة من الشركات المغربية. خاصة الناشئة منها وجدت في الإمارات العربية المتحدة أرضا مواتية للاستثمار، ولتوسيع أنشطتها بمنطقة الخليج. وكذا للاستفادة من جاذبية السوق ودينامية بيئة الأعمال.
وقال إن حجم الاستثمارات المغربية المباشرة في الإمارات العربية المتحدة قفز بشكل ملحوظ من 525 مليون درهم سنة 2018 إلى 1.55 مليار درهم سنة 2021. أي نحو ثلاثة أضعاف.