منذ 3 سنوات، وتحديدا عند طرد جحافله من عدن في يوليو 2015، لم يحدث أن ظهر زعيم مليشيا الحوثي الانقلابية بمثل هذه الدرجة من الارتباك والفزع، ليتكرر المشهد مجددا، في خطاب متلفز له، كسى القلق والتوتر ملامحه، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشرا على علامات السقوط الوشيك.
وعادة ما ينتظر زعيم المليشيا الانقلابية عبد الملك الحوثي موعد المناسبات الدينية والوطنية للظهور على أتباعه عبر شاشات التلفزيون، لكن وبصورة مفاجئة ظهر مساء الأربعاء، في كلمة متلفزة لم يتم الترويج لها مسبقاً عبر إعلامهم كما جرت العادة في المرات السابقة.
وقال محللون إن الظهور المفاجئ لزعيم المليشيا دون مناسبة لم يكن التحول الوحيد في طقوس حضوره الممل كما يقول البعض، بل كان لافتا التحول الكبير في لهجة الخطاب وانتقاء نوعية الكلمات التي حاول من خلالها الابتعاد عن مفردات التخوين والتخاذل إلى اختلاق المبررات لمقاتليه الفارين من جبهات القتال.
ووصف الزعيم المليشاوي عناصره الهاربين من أتون المعارك المشتعلة بـ العائدون لأسباب طبيعية دون أن يذكر ماهيتها وطبيعتها، غير أنه عاد ووجه الدعوة لهم بالعودة مجددا إلى جبهات القتال لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الخطير.
وبدا جليا على الحوثي حالة من الارتباك والهلع، انعسكت بوضوح في ملامحه الوجلة وعباراته المتناقضة، التي لم يستطع من خلالها مداراة شعوره بالمرارة جراء الهزائم التي منيت بها مليشياته في عدة جبهات أبرزها جبهة الساحل الغربي، ورغم محاولته اليائسة إظهار شيء من التماسك ورباطة الجأش عند توجيه دعوته لمن أسماهم المعنيين في الجبهات الاقتصادية والإعلامية والتعبوية لبذل جهود أكبر في التصدي للتصعيد العسكري، إلا أن حالة الفزع الملتبس في ذهول عينيه الزائغتين كانت تخذله في كل مرة.
وللمرة الأولى منذ بدء الحرب التي أشعلها في 2014؛ اعترف زعيم الانقلابيين بثقل المعاناة التي تعيشها مليشياته وحجم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها مؤخرا، وقال مخاطبا أتباعه: التحالف يضغط علينا في محاور عديدة، واتجه في عملية التصعيد نحو المناطق الوسطى، في إشارة للانتصارات التي حققها الجيش خلال اليومين الماضيين في دمت والبيضاء.
وعلى الرغم من فشله الذريع في إقناع كثير من القبائل بحشد مقاتلين جدد من أبنائها، إلا أن زعيم مليشيا الانقلاب بدا مصمما على المضي والاستمرار في الخداع والتضليل، محاولا بعباراته الفارغة وشعاراته الزائفة استعطاف اليمنيين الذين أنهكتهم حروب جماعته العبثية في طول البلاد وعرضها على مدار 4 سنوات.
وكشيطان يرتدي ثوب الواعظين، حاول الحوثي، المختبئ منذ بدء الحرب في مكان غير معروف، إقناع الهاربين من مقاتليه بالعودة مرة أخرى إلى جبهات القتال، حيث ينتظرهم قدرهم الذي لا مفر منه. وحاول زعيم الانقلاب في خطابه الحفاظ على ما تبقى من جبهاتهم التي تتهاوى في كثير من المحافظات اليمنية. وخلال الأيام الماضية، تمكن الجيش الوطني اليمني وبإسناد من التحالف العربي من تحقيق انتصارات نوعية في مدينة الحديدة، وكذلك في صعدة والبيضاء وحجة والضالع، ما أسفر عن مقتل وإصابة مئات الحوثيين.