سياسة

روحاني في نيويورك


فهد ديباجي
تبادل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني، الاتهامات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تعهد ترامب بالمزيد من العقوبات على طهران، واستغل خطابه السنوي في الأمم المتحدة لمهاجمة الدكتاتورية الفاسدة في إيران، وركز في كلمته إلى سعي إيران امتلاك أسلحة نووية، وتأجيج الاضطرابات في الشرق الأوسط من خلال دعمها لجماعات متشددة في سوريا ولبنان واليمن، وذكر أنهم ينشرون الفوضى والموت والدمار، وأنهم لا يحترمون جيرانهم أو حدودهم أو الحقوق السيادية للدول، في حين وصف روحاني نظيره الأمريكي بأنه يعاني من ضعف في الفَهْم، وقال: إن إيران ستبقى في الاتفاق النووي طالما يخدم مصالحها. وأضاف: “لا نرغب في خوض حرب ضد القوات الأمريكية في أي مكان بالمنطقة”، وتوقع أن تعود الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى الاتفاق النووي الدولي، وزعم أن المحادثات التي تجري هذا الأسبوع في الأمم المتحدة تُظهر عزلة الرئيس الأمريكي، وقال إن أمريكا ستعود يوما ما عاجلا أم آجلا ولا يمكن أن يستمر الوضع الحالي.
روحاني قدم خطابا شبيها بخطاب الأمير تميم بعيدا عن الواقع ولا يعالج مشكلات إيران، كان في خطابه يلعب دور الضحية وأن الإرهاب ضربهم، كما عرض دور إيران في محاربة الإرهاب في المنطقة الذي لم يفصح عن أنه هو من يموله ويحتضنه أو ينشره.
‏لقد جمع خطاب روحاني وتميم من التشابه والتطابق ما جعل الكل يتوقع بأن من صاغ الخطابين كأنه نفس الشخص، إلى أن وصل التشابه بأنهما يتحدثان للمقاعد الفارغة، فهم كانا يستنكران الإرهاب، ويدعيان المظلومية وأن مقاطعتهما فيها ظلم بواح، واتفقا في الادعاء بأن الوضع في اليمن مأساوي، ولعبا وتاجرا بالمشاعر في القضية الفلسطينية كالعادة، وادعى أنهما على استعداد للحوار ، وطالبا بتغيير بعض قوانين الأمم المتحدة.
‏ خطاب روحاني في الأمم المتحدة كان محل تندر حين تحدث عن السلام في المنطقة، فالمعلوم أن إيران في عرف العالم راعية للإرهاب وصانعة لمليشيات الإرهاب، لقد كان خطابه موجَّها للمقاعد الفارغة، لذا نجد إن انسحاب وفود الدول المشاركة في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة عند إلقاء روحاني كلمته، يدل على رفض المجتمع الدولي لنظام الملالي وعزلة هذا النظام دوليا، ومدى الاستياء الدولي الصريح من هذا النظام العدواني المتكبر.
‏إيران دائما تلعب دور الضحية ودور الشريفة وهي المجرمة، فحين يطالب روحاني بتطبيق القانون الدولي مع أمريكا لإلغائها الاتفاق النووي، فالأمر يبدو غريبا نوعا ما، ما دامت إيران تعترف بوجود قانون دولي فلماذا لا تطبقه في اليمن وتترك دعم مليشيات الحوثي؟ وتجهيز الملايين من الشعب السوري، والتحكم في مصير شعب العراق ولبنان، وهي التي تجوب مليشياتها العالم العربي وقارة أفريقيا، والأدهى والأمرّ حين قال لا نتحمل المسؤولية عن أي جماعة خارج إيران تؤيدنا.
‏يبدو لي أن زيارة روحاني كان ضررها أكثر من نفعها على إيران، فمجلس الأمن بالتعاون مع أمريكا قد يعزل طهران عن العالم، بل أصبحت إيران تقف مجدداً أمام مفترق طرق استراتيجية وكما قال عادل الجبير: إما تكون دولة وإما تستمر ثورة، في ظل سقوط الاقتصاد والعملة، والمواطن الإيراني يشتم الشيطان الأكبر ويدوس على صورة المرشد في الشوارع، متجاوزا الحاجز النفسي المسمى الولي الفقيه، وفِي ظل انتظار عقوبات قادمة قد تشل حركة نظام الملالي والحرس الثوري، لهذا لا جدوى من زيارة روحاني عاما بعد عام إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فسجلها المروع لحقوق الإنسان وفِي دعم الإرهاب والمليشيات يجعلها خارج السرب والنظام العالمي، وفِي ظل انتشار مظاهرات الجالية الإيرانية في أمريكا مرددين شعارات ضد نظام ولاية الفقيه مثل (الموت لخامنئي، وروحاني قاتل، وكل النظام باطل).
‏واستشرافاً للمستقبل، فإيران ستحاول كثيرا أن تشتري الوقت في انتظار انتهاء حقبة ترامب مع تقييم الوضع الاقتصادي والداخلي، ومع استمرار التصعيد الإعلامي والكلامي، وصرف انتباه الشعب عن المشاكل وتوجيهه نحو العدو الخارجي، لحشد دعم الجمهور حول راية النظام، والعمل على التفريق بين واشنطن وأوروبا والمجتمع الدولي الذي قد يخشى التأثير الاقتصادي للأزمة في منطقة الخليج العربي، لذا فهي ستعمل على ‏كبح ومنع ظهور أي تحالف غربي موحد ضد إيران، وهو نهج قد ينتج عنه تعويضات اقتصادية محدودة من أوروبا لها ، وتاريخها يؤكد أنها عادة تميل إلى إطلاق التهديدات وزيادة أنشطتها النووية والقبول بقيود مؤقتة على برنامجها متى لزم الأمر وكانت تحت التهديد، بالإضافة إلى الرد على الضغوط المتنامية بعمليات إلكترونية وعسكرية وإرهابية عبر أذرعها في المنطقة.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى