سياسة

رفح: مأساة إنسانية ترويها دموع الناجين


في زاوية من العالم حيث السماء تبكي غضبًا والأرض ترتجف حزنًا، تلوح في الأفق مدينة رفح، التي تحولت إلى مسرح لأحد أشد المآسي الإنسانية، في هذا اليوم المشؤوم. انهمرت السماء بوابل من النيران على مخيم النازحين، حيث كان الأمل يحتضر بين أحضان الأبرياء.

الغارات الجوية: الفصل الأسود في تاريخ رفح

الهلال الأحمر الفلسطيني يعد العدة للأرواح التي ارتقت. والأجساد التي أُصيبت، فقد شنت طائرات الاحتلال أكثر من أربعين غارة جوية، تحولت معها خيام الأمان إلى رماد.

أكثر من خمسين روحًا طاهرة، بينهم نساء وأطفال، قد غادروا دون وداع. في حين أكدت وزارة الصحة بغزة، أن القصف لم يميز بين الملاذ الآمن والميدان المفتوح، مضاعفًا بذلك حجم الكارثة.

الناجون يروون: الحياة بين أنقاض الأمل

الناجون من المجزرة يتشبثون بالحياة، يروون قصصهم للعالم. علّ صوتهم يصل إلى قلوب الناس. “كنا نظن أن الخيمة ستحمينا، لكنها أصبحت قبرًا لأحلامنا”. يقول أحد الناجين، وهو يحتضن ذكريات عائلته التي غيبها القدر.

ومن بين الركام الذي كان يومًا مليئًا بآمال الأطفال في أن يعودوا يومًا إلى منازلهم التي هجروها. يظهر صوت محمد موسى، محملًا بثقل الأسى الذي لا يُحتمل. يقول: “كانت الخيمة ملاذنا الصغير، جدرانها الرقيقة كانت تحمينا من قسوة العالم. لكن في لحظة، انقلبت إلى فخ مميت.

وتابع موسى النيران اندلعت كالوحش الغاضب، محولة كل شيء إلى رماد ودخان، الألعاب، الصور، حتى أصوات ضحكات أطفالي، كلها اختفت في غمضة عين. لم يتبقَ لي سوى صدى ذكرياتهم التي تتردد في أذني، وصورهم التي تحترق في ذاكرتي”.

في ركن مظلم من المخيم، حيث الأمل يبدو كالضوء الخافت في نهاية نفق طويل. تجلس طفلة لم تتجاوز الـ12 من عمرها بجوار ما تبقى من أمها، عيناها. التي كانت يومًا مليئة بالفضول والبراءة، الآن تغرق في بحر من الدموع.

تقول فاطمة: “كانت أمي تحتضننا بقوة كل ليلة. تهمس لنا بأن كل شيء سيكون على ما يرام و”المهم أن نبقى معًا”.

لكن في تلك الليلة، عندما اشتعلت النيران. لم تستطع كلماتها أن تحمينا، النار كانت أسرع وأقوى، وأخذتها منا.

صرخة العالم: دعوات للعدالة والسلام

في أروقة الأمم المتحدة ومكاتب المنظمات الإنسانية حول العالم. تتعالى الأصوات المطالبة بإجراءات عاجلة وفعّالة لمواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة، “نحتاج إلى ممرات آمنة لا تخضع للتفاوض. ممرات تضمن وصول المساعدات الحيوية إلى المحتاجين دون عوائق”. هذا ما يؤكده ممثلو المؤسسات الإنسانية، الذين يعملون على مدار الساعة لتنسيق الجهود الدولية.

تُطالب هذه المؤسسات بتحقيق دولي شامل ومستقل يُلقي الضوء على الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، ويُحاسب المسؤولين عنها. “لا يمكن السماح بأن تمر هذه الجرائم دون عقاب. يجب أن يُعرف العالم بأسره حقيقة ما حدث، وأن يُحاسب كل من تسبب في هذه المأساة”.

من جانبها، تُصدر الأمم المتحدة بيانات متتالية تُندد بالأعمال العدائية وتُطالب بحماية المدنيين وفقًا للمعاهدات الدولية. “المدنيون ليسوا أهدافًا، وحمايتهم يجب أن تكون أولوية قصوى في جميع الأوقات”، تُعلن المفوضية السامية لحقوق الإنسان. مُشددةً على ضرورة الالتزام بالقواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني.

وفي ظل هذه الدعوات، تُطالب منظمات حقوق الإنسان بتدخل دولي فوري لوقف العنف وتوفير الحماية للمدنيين. “الوقت ليس في صالحنا وكل لحظة تمر دون تحرك يعني المزيد من الأرواح المفقودة”. تُحذر هذه المنظمات، مُطالبةً بإجراءات عملية تُسهم في إنهاء المعاناة وتُسرع من وتيرة الإغاثة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى