دراسة تكشف سعة تخزين الدماغ البشري
وقدَّم فريق من العلماء طريقة مبتكرة لفحص حجم المعلومات المخزنة، ودقة اللدونة، وقوة المشابك العصبية، وهي الخصائص الثلاث الحاسمة في فهم الذاكرة البشرية، وعمليات التعلم، بما في ذلك تدهورها بسبب الشيخوخة أو الأمراض.
ويتفوق هذا النهج الجديد، الذي يرتكز على نظرية المعلومات، على المنهجيات القديمة بكونه أكثر شمولاً وقابلية للتطوير، وهو يمثل زيادة تقدر بعشرة أضعاف في سعة تخزين المعلومات، ويمكن تطبيقه على مجموعات بيانات واسعة ومتنوعة، مما يوفر نظرة ثاقبة لأنواع مختلفة من المشابك العصبية.
وشددت كريستين هاريس، الأستاذة في جامعة تكساس في أوستن والمؤلفة المشاركة في الدراسة، على الفوائد المحتملة لأبحاث اللدونة التشابكية، حيث قالت: “هذا التحليل التفصيلي لقوة التشابك العصبي واللدونة يمكن أن يُحدث ثورة في فهمنا للتعلم والذاكرة، إنه يتيح لنا استكشاف هذه الآليات في أنواع مختلفة من الدماغ، بما في ذلك أدمغة الإنسان، والحيوان، والشيخوخة“.
وسلّط كبير مؤلفي الدراسة، البروفيسور تيرينس سيجنوفسكي، الضوء على أهمية النهج في المساعي البحثية المستقبلية. وأشار إلى أنه لا يقدّر بثمن بالنسبة لمبادرات مثل “BRAIN” التابعة للمعهد الوطني الأمريكي للصحة، والذي أنشأ أطلس خلايا الدماغ البشري في أكتوبر 2023.
ولا يساعد هذا النهج في فهرسة أنواع خلايا الدماغ ووظائفها فحسب، بل يوفر أيضًا وسيلة جديدة لفحص الاضطرابات المرتبطة بتخزين المعلومات، مثل مرض الزهايمر.
وقد يستفيد الباحثون في جميع أنحاء العالم، قريبًا، من هذا النهج للكشف عن تفاصيل جديدة حول قدرات الدماغ في الاحتفاظ بالذاكرة على المديين القصير والطويل، وتعلم مهارات جديدة، واستدعاء الأحداث اليومية.
واللدونة التشابكية هي قدرة الدماغ على التكيف والاستجابة للمعلومات الجديدة، وتحديدًا في المشابك العصبية حيث تتصل الخلايا وتتواصل.
ويشير هذا المفهوم، الذي اقترحه عالم النفس الكندي “دونالد هب” لأول مرة في العام 1949، إلى أن المشابك العصبية يمكن أن تتغير بناءً على مستويات نشاطها، مما يلعب دورًا حاسمًا في تخزين الذاكرة.
وتعدل اللدونة المشبكية قوة الاتصال بين الخلايا العصبية، على غرار ضبط مستوى الصوت في المحادثة. هذه القوة، أو اللدونة التشابكية، ليست ثابتة لكنها تختلف بمرور الوقت، مما يسمح بحدوث تغييرات على المديين القصير والطويل.
وتتضمن اللدونة التشابكية قصيرة المدى تغييرات تحدث خلال ثوانٍ، على غرار التعديلات السريعة في التحكم في مستوى الصوت، بينما تمتد اللدونة التشابكية طويلة المدى من دقائق إلى سنوات، مما يدعم قدرة الدماغ على تخزين المعلومات، وتكوين ذكريات طويلة الأمد.
ويعد هذا التمييز أساسيًا بفهم كيفية معالجة الدماغ للمعلومات وتخزينها واسترجاعها، مما يوفر نظرة ثاقبة لآليات التعلم والاحتفاظ بالذاكرة. كما يعد هذا الإنجاز بفهم قدرة التخزين لدى الدماغ البشري دافعًا للأبحاث المستقبلية في علم الأعصاب.
ومن خلال تقديم طريقة أكثر تفصيلاً وقابلة للتطوير لدراسة اللدونة التشابكية، يمكن للعلماء تعميق تحقيقاتهم في وظائف الدماغ واختلالاته، مما يمهد الطريق للتقدم في علاج الاضطرابات المرتبطة بالذاكرة.