سياسة

داعش.. كيف سيحارب أردوغان العدو الذي ساهم في انتشاره؟


قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة له على تويتر: أردوغان أبلغني بقوة أنه سيجتث كل ما تبقى من داعش، وهو الرجل القادر على فعل ذلك، وعبر عن ثقته الكبيرة في أن يكمل نظيره التركي المهمة، لكن كيف سيحارب أردوغان العدو الذي ساعد في انتشاره؟

طالما لاحقت الرئيس التركي اتهامات وتقارير موثقة تفيد بدعمه لتنظيم داعش في سوريا، فالتنظيم المتطرف حصل على مدار سنوات على مواد أولية لصنع المتفجرات وإمدادات لوجستية من 13 شركة تركية، بحسب تقرير لمؤسسة أبحاث التسلح في الصراعات نشر عام 2016.

ونقل موقع سكاي نيوز عربية عن الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية ماهر فرغلي قوله: لا يمكن الوثوق في تركيا فيما يتعلق بالحرب ضد داعش. أردوغان يستغل وجود التنظيم طول الوقت من أجل دخول الأراضي السورية ومحاربة الجماعات الكردية، وبالتالي يمكن القول إن وجود داعش هو مصلحة تركية في الأساس.

والأربعاء الماضي، أعلن ترامب وبشكل مفاجئ عزمه سحب القوات الأمريكية من سوريا، في قرار مثّل تحولا في السياسة الأميركية في المنطقة، وترك قوات حماية الشعب الكردية التي ساهمت بشكل كبير في دحر تنظيم داعش، عرضة للمطامع العسكرية التركية.

لكن الدور الذي أوكله ترامب لحليفه أردوغان، يجد ترجمة مختلفة في أنقرة، حيث لا يوجد إرهابيين في هذه المنطقة بالنسبة لها سوى الأكراد.

تركيا، التي تتقاسم حوالي 822 كيلومترا (511 ميلا) من الحدود مع سوريا، تعتبر عناصر قوات سوريا الديمقراطية تهديدا لأمنها القومي، بتحالفهم مع حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وواشنطن إرهابيا.

وكانت الحكومة التركية رفضت، في بداية الأمر، الانضمام للتحالف الدولي الذي بدأ عملياته ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة في سبتمبر 2014، وتذرعت بعدم المشاركة بوجود رهائنها في قنصلية الموصل في قبضة التنظيم المتطرف، ولكن رغم الإفراج عنهم في وقت لاحق، استمرت أنقرة في رفض المشاركة في التحالف سواء في سوريا أو العراق، وكانت تصريحات المسؤولين الأتراك تشكك دوما في حقيقة التنظيم ومن يقف وراءه.

وقال ماهر فرغلي: التعامل التركي مع داعش مر بعدد من المراحل، بدأت برفض التعاون مع التحالف الدولي بذريعة أن ضرب التنظيم سيكون في صالح النظام السوري، الذي كانت أنقرة تجاهر بالرغبة في إسقاطه.

وبينما كان تنظيم داعش يحاصر بلدة كوباني الكردية المحاذية للحدود التركية عام 2014، كان الجيش التركي يفضل المشاهدة فيما ترتفع أعمدة الدخان جراء التفجيرات والاشتباكات، وتمكنت قوات حماية الشعب الكردية من فك الحصار وهزيمة التنظيم في كوباني في يناير 2015، ليمثل ذلك نقطة تحول في الحرب ضد التنظيم المتشدد.

ولا يخفى على أحد، وهنا تجدر الإشارة إلى أجهزة المخابرات الغربية وتسريبات وسائل الإعلام، الدور التركي الكبير في دعم تنظيم داعش، وفتح الممرات الحدودية لعناصره القادمين من أوروبا وآسيا الوسطى ودول عربية، بحسب فرغلي.

وقد عثرت ميليشيات كردية وغيرها ممن سيطرت على مدينة منبج شمالي سوريا بعد طرد داعش منها عام 2016، على العديد من الوثائق والصور التي تؤكد علاقات تركيا مع التنظيم وغيره من الجماعات الإرهابية في سوريا، وتظهر تسهيل أجهزة تركية عبور مقاتلين أجانب إلى سوريا للانضمام إلى داعش وغيرها، وكذلك تسهيل نقل العتاد والمعدات للتنظيم سواء من تركيا أو عبرها.

ونشر الأكراد صورا لوثائق سفر لمقاتلين من دول الاتحاد السوفييتي السابق، ومن إندونيسيا وصربيا والبوسنة، دخلوا عبر تركيا منذ عام 2013 إلى سوريا.

وفي عام 2014، انفجرت فضيحة كبرى بوجه السلطات التركية، عندما كشفت صحيفة جمهورييت المحلية عن تورط جهاز المخابرات الوطنية التركي في توصيل أسلحة إلى مناطق في سوريا يسيطر عليها جماعات متطرفة، من بينها تنظيم داعش، في أواخر عام 2013 ومطلع 2014.

وذكرت وثائق قضائية أن ضباطا قالوا أمام القضاء إن الشحنات تضمنت أجزاء صواريخ وذخائر وقذائف مورتر، نقلت برفقة مسؤولين من جهاز المخابرات الوطنية.

واختارت السلطات التركية الرد على هذه الفضيحة باعتقال رئيس تحرير الصحيفة جان دوندار والحكم عليه قضائيا بالسجن 5 سنوات و10 أشهر، وسجن زميله الصحفي أردم غل 5 سنوات، بعد إدانتهما بـ إفشاء أسرار الدولة.

وعندما نجحت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي في دحر داعش وتحرير ما اعتبرها التنظيم عاصمته في الرقة عام 2017، شنت وسائل إعلام تركية حكومية حملة تشكيك واسعة.

ويقول فرغلي: صورت وسائل الإعلام دخول قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا إلى الرقة على أنه ناجم عن اتفاق بين التحالف وداعش. 

وفي ديسمبر 2017، حذر الرئيس التركي من أن مقاتلي التنظيم سينتقلون إلى سيناء في مصر وسيتسللون إلى دول أوروبية وذلك بعد أن نحو شهرين من تسجيل صوتي لزعيم داعش أبو بكر البغدادي أشار فيه إلى أن مرحلة السيطرة على المدن انتهت بالنسبة للتنظيم، داعيا أتباعه إلى شن هجمات بالسكاكين والسيارات المفخخة.

وبعد أن رسخت تركيا وجودا عسكريا لها شمالي إدلب وفي عفرين وعدد من البلدات الكردية المحاذية لحدودها، وضعت أنقرة مناطق شرق الفرات ذات الأغلبية الكردية نصب عينها، لتطلب مرارا من واشنطن الكف عن دعم قوات سوريا الديمقراطية.

ويرى فرغلي أن المرحلة الحالية تستدعي استحضار داعش مرة أخرى لإعطاء تركيا ضوءا أخضر لتنفيذ مخططاتها في شرق الفرات ومحاربة الأكراد هناك، محذرا من أن المرحلة المقبلة ستشهد ظهورا ميدانيا جديدا لداعش لإعطاء ذريعة أكبر للجيش التركي للعمل بحرية على الأرض السورية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى