خلع الحجاب في إيران يتحول إلى قضية طبية ونفسية
تستعد السلطات الإيرانية لإنشاء عيادة لتقديم العلاج النفسي للنساء والفتيات اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، فيما حذر نشطاء ومنظمات حقوقية من مساعي النظام الإيراني إلى تصنيف المتمردات على قواعد اللباس الصارمة مريضات نفسيا بما يؤدي إلى التشكيك في قدراتهن العقلية وبالتالي إيداعهن المستشفيات بدلا عن السجون.
وقالت رئيسة قسم المرأة والأسرة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طهران مهري طالبي دارستاني إن العيادة ستقدم “علاجا علميا ونفسيا لخلع الحجاب”، مضيفة أنها تركز على “جيل المراهقين والشباب والنساء الباحثات عن الهوية الاجتماعية والإسلامية”، وفق موقع “شفق نيوز” الكردي العراقي.
وتأتي هذه الخطوة بعد تزايد عدد النساء والفتيات المتمردات على قانون الحجاب، لا سيما بعد الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول 2022، بعد احتجازها لدى شرطة الأخلاق في طهران بذريعة انتهاكها قواعد اللباس.
وبات مشهد خروج الشابات الإيرانيات إلى الشارع دون حجاب مألوفا رغم تشديد العقوبات وتوعد السلطات بوضع حد للتمرد على القانون الإلزامي.
وأدان نشطاء وحقوقين اعتزام السلطات الإيرانية إنشاء عيادة نفسية، مشيرين إلى أنها “تندرج ضمن مساعي السلطات لتصنيف معارضة الحجاب كمرض نفسي”.
وقالت الناشطة الإيرانية ليلى جزايري في تصريح لموقع “الحرة” إن “قمع النساء تحت ذريعة عدم الالتزام بالحجاب الإجباري يعد أحدث أدوات النظام لإسكات أي صوت معارض”.
وأضافت أن “النظام يكافح لقمع معارضي سياسات الحجاب الإجباري”، معتبرة الخطوة الجديدة “محاولة أخرى لقمع النساء، تثير غضبا شعبيا وتكشف أكثر عن الصراعات الداخلية بداخل النظام”.
واعتبرت أن “العنف والقمع ضد النساء إلى جانب الإعدامات اليومية هما الوسيلتان الوحيدتان اللتان يمكن للنظام من خلالهما البقاء في السلطة وهو الذي يغرق في الأزمات الداخلية والخارجية”.
ويأتي هذا التطور بعد أيام قليلة من اعتقال الشرطة الإيرانية طالبة جامعية ونقلها إلى مستشفى للأمراض النفسية إثر خلع ملابسها، في احتجاج على تعرضها لاعتداء من قبل حراس الأمن في الحرم الجامعي بسبب مخالفة قانون الحجاب.
“العيادات الطبية ستكون بديلا عن غرامات عدم ارتداء الحجاب، إذ سيتم إحالة النساء إليها بأمر قضائي”.
وقالت منظمة العفو الدولية “أمنستي” إن الطالبة “اعتُقلت بعنف بعد أن خلعت ملابسها احتجاجا على فرض مسؤولي الأمن الحجاب الإلزامي بشكل مسيء”.
وتراهن السلطات الإيرانية على توظيف مؤسسات الصحية النفسية في مواجهة المعارضة النسائية المتنامية لقواعد اللبس الصارمة، في أحدث أسلوب للانتقام من اللواتي يتمردن على القوانين.
وتقول الناشطة الحقوقية الإيرانية مسيح علينجاد إن “النظام الإيراني يفتتح في القرن الحادي والعشرين ما يسمى بعيادة الحجاب في طهران، حيث سيتم التعامل مع النساء اللواتي يتحدين بشجاعة قواعد اللباس القمعية للنظام على أنهن مريضات نفسيا”.
وأضافت في منشور على منصة إكس “هذه ليست رعاية صحية، بل هي تكتيك آخر من تكتيكات الفصل العنصري القائم على النوع الاجتماعي. النظام يريد أن يمارس التلاعب النفسي على النساء لإقناعهن بأن رغبتهن في الحرية هي اضطراب نفسي”.
وقال نائب رئيس الشؤون الاجتماععية والثقافية في هيئة الأمر بالمعروف، محمد رضا مير شمسي، أن خطة “العيادات الطبية ستكون بديلاً عن غرامات عدم ارتداء الحجاب، إذ سيتم إحالة النساء إليها بأمر قضائي”، وفق كالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان “هرانا”.
وأوضح أن “فئة من النساء اللواتي سيراجعن هذه المراكز هن ممن ارتكبن العمل غير القانوني المتمثل في خلع الحجاب، وقد قرر القضاة في السلطة القضائية اعتبار الحضور في هذه المراكز حكما بديلاً عن الغرامة”.
بدوره أكد المرصد القانوني “دادبان” المتخصص في تقديم الاستشارات القانونية للناشطين أن الإحالة الإجبارية للنساء إلى هذه العيادات كعقوبة بديلة عن السجن “غير قانونية تماما”، مشيرا إلى أن مثل هذه العقوبة لا وجود لها في القوانين الجنائية الإيرانية.
وهي ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطات الإيرانية إلى استخدام الاضطرابات النفسية كذريعة لمعاقبة النساء المحتجات على قانون الحجاب الإلزامي.
وتقول منظمات حقوق الإنسان إن هناك أدلة على استخدام التعذيب والعنف والأدوية القسرية ضد المتظاهرين والمعارضين السياسيين الذين تعتبرهم السلطات غير مستقرين عقليا ويتم وضعهم في المؤسسات الصحية التي تديرها الدولة.