سياسة

خطة أوروبية عاجلة لمواجهة زحف المسيّرات الروسية


يواجه الاتحاد الأوروبي اختباراً صارخاً لهشاشة جاهزيته العسكرية في ظل تسارع سباق التسلح بالطائرات المسيّرة بين روسيا وأوكرانيا.

ومع تصاعد التهديدات الروسية على حدود الاتحاد الأوروبي الشرقية، تسارع بروكسل جهودها لبلورة استراتيجية دفاعية طارئة تحت شعار: “التأهّب السريع قبل فوات الأوان”

ودق أندريوس كوبليوس، أول مفوض دفاع في تاريخ أوروبا، ناقوس الخطر خلال زيارته لواشنطن، محذرا من أن: “روسيا تواصل تطوير جيشها بشكل متسارع، حتى بات أقوى مما كان عليه عند بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا 2022، فهي تمتلك اليوم جيشا متمرسا يعتمد على ملايين الطائرات المسيّرة.. ونحن غير مستعدين لمواجهته”.

كما حذر كوبليوس من احتمال أن تختبر موسكو المادة الخامسة لميثاق الناتو باستهداف دول البلطيق خلال السنوات القليلة المقبلة.

ووفق تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز”، فقد أظهر النجاح الروسي في استخدام الطائرات المسيّرة كيف يمكن للعدد الكبير والتكلفة الزهيدة أن تُربك حتى أنظمة الدفاع الجوي المعقّدة، كما أن الابتكار الروسي المستمر يجعل من الصعب على أوكرانيا مجاراة التطورات.

وتمكنت المسيّرات الروسية التي تحلّق على ارتفاعات أعلى وبسرعات أكبر، من تجاوز قدرات الدفاع الجوي التقليدية، ما دفع الأوروبيين إلى دق ناقوس الخطر حول مدى جاهزيتهم في حال امتد النزاع إلى أراضيهم.

ورداً على هذا التهديد، أعلنت دول الاتحاد تعهدها بإنفاق 4.2 تريليون يورو على الدفاع بحلول 2035. غير أن كوبليوس يرى أن هذه الأموال لن تحل أزمة الجاهزية الفورية، مشيراً إلى أن “أوكرانيا تحتاج إلى هذه القدرات اليوم، لا بعد عشر سنوات”، خاصة مع تراجع الضمانات الأمنية الأمريكية.

وسعيا وراء تحديث جيش الاتحاد الأوروبي، أطلق الاتحاد مبادرة “بريف تك إي يو” “BraveTech EU”، وهي خطة شاملة بقيمة 150 مليار يورو كتمويل مباشر لمشاريع صناعية دفاعية مبتكرة، ضمن استثمار إجمالي بقيمة 800 مليار يورو لدمج دروس الحرب الأوكرانية في الصناعة العسكرية الأوروبية.

وحدد كوبليوس أولويات الاستثمار في 3 ركائز: تحقيق أهداف الناتو عبر تعزيز الدفاع الصاروخي والجوي وتطوير أسلحة بعيدة المدى، وبناء قدرات أوروبية مستقلة في مجالات الاستطلاع الفضائي والنقل الجوي الثقيل، وتعزيز المشاريع المشتركة عبر الحدود لتطوير أنظمة مسيّرات ودفاع جوي شرقي.

وتحولت أوكرانيا إلى شريك استراتيجي في هذه الخطط، حيث كشف مسؤولون خلال زيارة كوبليوس الميدانية عن تحديث الأنظمة القتالية كل شهرين لمواكبة التطورات الروسية، وإنتاج 40 بالمائة من الأسلحة محلياً، فضلاً عن صفقة تصدير مسيرات لأمريكا بقيمة 30 مليار دولار ونقل أجزاء من الصناعة العسكرية لألمانيا والدول الاسكندنافية.

رغم امتلاك الاتحاد قوة اقتصادية تفوق روسيا بتسعة أضعاف، يصفها مسؤول أوروبي رفيع بأنها “عملاق نائم” في المجال الدفاعي.

وبينما يرى مراقبون أن زيادة الإنفاق قد تكون “خطوات متأخرة”، ويختتم كوبليوس بالتحذير: “لا يمكننا أن نطلب من بوتين تأجيل خططه… يوم الصفر قادم”.

وهكذا تتحول ساحات القتال الأوكرانية إلى جرس إنذار لأوروبا، حيث لم يعد سباق التسلح بالطائرات المسيّرة تحدياً بعيداً، بل اختباراً لمصير القارة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى