خبير: محاولات تركيا التودد إلى مصر “مراجعات تكتيكية”
قال خبير ودبلوماسي كبير سابق إن محاولات تركيا التودد إلى مصر مجرد “مراجعات تكتيكية” تهدف لكسر العزلة الخانقة التي تعانيها أنقرة.
وأكد الخبير والدبلوماسي ضرورة قيام “أنقرة” بخطوات عملية في إطار تطلعها لإعادة العلاقات مع القاهرة، مثل إنهاء وجودها في ليبيا، ووقف تدخلاتها في شؤون دول المنطقة، ووقف أيضا دعمها لتنظيم الإخوان الإرهابي.
غير أن الخبير التركي قال إن مساعي نظام رجب طيب أردوغان تبدو جدية بعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها في المنطقة وشرق المتوسط؛ منذ قطع العلاقة الدبلوماسية مع القاهرة قبل 8 أعوام.
“الأمن العربي أولا”
وردا على مغازلات أنقرة وحديث عودة “الاتصالات الدبلوماسية”، كسرت القاهرة صمتها، رافعة شعار “الأمن العربي أولا”، إذ قال مصدر رسمي مصري لـ”وكالة أنباء الشرق الأوسط” الحكومية أمس، إنه “ليس هناك ما يمكن أن يطلق عليه توصيف استئناف الاتصالات الدبلوماسية”.
ولفت المصدر إلى أن البعثتين الدبلوماسيتين المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال اللذين يتواصلان مع دولة الاعتماد، وفقاً للأعراف الدبلوماسية المتبعة.
ووضع المصدر المصري شروطا معينة لرفع مستوى العلاقات مع تركيا، حيث قال إن “الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدين يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضيات الأمن القومي العربي”.
وأضاف المصدر أن “مصر تتوقع من أي دولة تتطلع إلى إقامة علاقات طبيعية معها أن تلتزم بقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، وأن تكف عن محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة”.
وشدد المصدر في الوقت ذاته على “أهمية الأواصر والصلات القوية التي تربط بين شعبي البلدين”.
مراجعات تكتيكية
وقال محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، إن “سلسلة المغازلات التركية لمصر خلال الأيام الماضية تعتبر (مراجعة تكتيكية)”، بعد خسائر أنقرة الكثيرة في المنطقة وشرق المتوسط.
وأضاف: “سياسة تركيا الخارجية تقوم على تحمل خسائر تكتيكية من أجل تحقيق انتصارات استراتيجية، هذا هو المبدأ التركي، بعد أن كانوا يسعون لسياسة صفر مشاكل”.
وإذ أشار إلى أنه ليس هناك مانع من الحوار مع أنقرة، أكد وزير الخارجية الأسبق أنه “لا يمكن الارتقاء لمستوى العلاقات الطبيعية دون أن يكون هناك أفعال حقيقية على الأرض”.
عقبة الإخوان
العرابي قال أيضا: “ينبغي أن تقترن تصريحات تركيا بخطوات على الأرض؛ أبرزها إنهاء تواجدها من ليبيا، ووقف تداخلاتها وجرائمها في سوريا العراق، واحترام القانون الدولي”.
وحول ملف الإخوان، أكد العرابي أن “أردوغان لن يقدم تنازلات حقيقية، أو يقدم على ترحيل قيادات التنظيم لارتباط الرئيس التركي العضوي بالتنظيم الدولي للإخوان”.
ويرى الدبلوماسي المصري السابق أن “أنقرة غير جادة في طلب إقامة علاقات طبيعية مع مصر”، موضحا: “يسعى أردوغان إلى تثبيت وجوده في ليبيا، والانضمام لمنتدى شرق المتوسط عن طريق مغازلة مصر ونيل رضاها”.
وفي وقت سابق، أعلنت 6 دول وهي قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا ومصر والأردن وفلسطين، دخول ميثاق منتدى غاز شرق المتوسط حيز التنفيذ.
ويسعى المنتدى إلى خلق حوار منظم وممنهج، فيما يتعلق بموضوعات الغاز الطبيعي، فضلا عن وضع برنامج من أجل صياغة السياسات الإقليمية في هذا الخصوص، ودعم مجهودات الدول المنتجة أو الدول التي لديها احتياطيات من الغاز بالمنطقة.
كسر العزلة
وفسر محلل سياسي تركي، فضل عدم ذكر اسمه، محاولات تركيا التقارب مع مصر، قائلا: “النظام التركي يحتاج للقاهرة في الوقت الحالي، ويسعى لتقارب جدي معها؛ بعد أن شعرت أنقرة بحجم العزلة التي باتت تواجهها في المنطقة”.
وأوضح المحلل السياسي، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن “الحكومة التركية ترغب في تأسيس علاقات جديدة مع مصر بعد خسائرها في العديد من الملفات، والاستفادة بمكانة القاهرة الهامة في المنطقة، وعلاقاتها القوية بدول شرق المتوسط وبينها قبرص واليونان”.
ولفت إلى أن هناك أنباء تحدثت عن نية السلطات التركية ترحيل عدد من الإعلاميين المحسوبين على تنظيم الإخوان، إلى بلد ثالث، في محاولة للتودد للقاهرة.
ومنذ 8 أعوام، تشهد العلاقات بين مصر وتركيا ما يشبه القطيعة؛ بسبب ملفات عدة أبرزها سياسة أنقرة في المتوسط ودعم الإخوان والتدخل في ليبيا.
وأمس الجمعة، واصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ما بدأه مسؤولون في نظامه من أجل إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال أردوغان إن تعاون تركيا مع مصر “مستمر بالفعل” في مجالات الاستخبارات والدبلوماسية والاقتصاد، مشيرًا إلى عدم وجود أي مشكلة في ذلك.
وتابع الرئيس التركي في تصريحات صحفية: “نتمنى من قلوبنا أن نواصل عملية المباحثات مع مصر بقوة، وبعد أن تسفر المفاوضات الاستخباراتية والدبلوماسية والسياسية عن نتيجة، بالطبع سنخطو خطوة للأمام”.
وفي وقت سابق الجمعة، أعلن جاويش أوغلو، ما سماه “بدء الاتصالات الدبلوماسية” بين تركيا ومصر، من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها، زاعمًا عدم وضع البلدين أي شروط مسبقة من أجل ذلك.
وقال في تصريحات صحفية: “(تطبيع العلاقات) يتم، لكن ببطء من خلال المباحثات ورسم خريطة طريق والإقدام على خطوات في تلك المواضيع”.
ومضى قائلاً “بطبيعة الحال يحدث هناك نقص في الثقة مع الأخذ بعين الاعتبار القطيعة لأعوام طويلة، وهذا أمر طبيعي يمكن أن يحدث لدى الطرفين؛ ولهذا تجري مباحثات في ضوء استراتيجية وخريطة طريق معينة وتتواصل (المحادثات)”.
وقبل ذلك، خرج عدد من كبار المسؤولين الأتراك، كوزيري الدفاع خلوصي آكار، والخارجية، برسائل مغازلة لمصر وصل عددها إلى 4 في 10 أيام، من أجل إعادة العلاقات بين البلدين بشكل كامل.
وتقطع الاتفاقيات الثنائية التي تربط اليونان ومصر وقبرص الطريق على أي وجود تركي بمياه البحر المتوسط، وهو الأمر الذي سعى إليه رجب طيب أردوغان من خلال اتفاق مشبوه أبرمه، في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مع حكومة فايز السراج.وقبل ذلك، خرج عدد من كبار المسؤولين الأتراك، كوزيري الدفاع خلوصي آكار، والخارجية، برسائل مغازلة لمصر وصل عددها إلى 4 في 10 أيام، من أجل إعادة العلاقات بين البلدين بشكل كامل.