قطعت فرنسا على مدار العامين الماضيين شوطًا طويلاً بمواجهة تيارات التطرف، وعلى رأسهم جماعة الإخوان، التي لطالما حظيت بالحرية والانتشار داخل المجتمع الفرنسي، ويبدو أنّ خطة المواجهة الفرنسية، التي بدأت إثر تحذيرات أمنية واستخباراتية من مخاطر انتشار التنظيم وعلاقته بالتنظيمات الإرهابية الأخرى في الشرق الأوسط، لعل أبرزها (داعش) و(القاعدة)، يبدو أنّها تسير نحو نمط أكثر صرامة وحسماً مع التنظيم الذي اعتمد على أوروبا كملاذ آمن خلال الأعوام الـ (10) الماضية.
مخاطر الإخوان
وقد أقرت باريس خلال الأسبوع الماضي حزمة إجراءات استهدفت قيادات إخوانية على رأس عدة مساجد، بحسب وصف تقارير، وشطبت السلطات عدداً كبيراً من أئمة المساجد وقننت أوضاعهم، ووضعت بعضهم تحت الإقامة الجبرية مثل (عبد الرحمن رضوان) إمام أحد المساجد الكبرى في جنوب غرب فرنسا، بسبب اتهامه بالتطرف.
وفي السياق ذاته، قال المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، إن جماعة الإخوان في فرنسا، أسست امبراطورية كبرى منذ قدومها في عام 1978، ومنذ هذا التاريخ حتى الآن تمتلك الإخوان أكثر من 250 جمعية ومؤسسة، بالإضافة إلى ذلك فعدد الإخوان تزايد منذ عام 2019 حتى 2024، من 50 ألف إلى 100 ألف اخواني
مواجهة قوية
وقال أستاذ العلوم السياسية شريف منصور، إن جماعة الإخوان في فرنسا قامت في السنوات الماضية بأمور غير شرعية كثيرة، مستغلة الحريات المطلقة في فرنسا، حتى بدأت الحكومة هناك تلاحظ الأمر، خاصة مع كثرة الإرهاب والعمليات الإرهابية التي نجح منها البعض والبعض الاخر تم إحباطه.
وأكد منصور في تصريح خاص، أن الجماعة استغلت نفوذها هناك وقامت بتجنيد عدد كبير من الشباب العربي المعدم، وحاولت من خلالهم القيام بعمليات إرهابية، لكن في كل مرة كانت الحكومة الفرنسية تحبط تلك المحاولات.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أنه في القريب العاجل ستواجه جماعة الإخوان الجحيم في فرنسا، لأنه على ما يبدو أن الحكومة الفرنسية قد نفذ صبرها تجاه أفعال الجماعة، خاصة وأن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون هذه المرة جاد للغاية فيما يخص التخلص من تلك الجماعة.
التصدي للإخوان
ومن ناحيتها قالت الدكتورة عقيلة دبيشي، مدير المركز الفرنسي للدراسات الإستراتيجية والدولية، إن فرنسا خلال الفترة الماضية لجأت إلى عدة مستويات تصدت من خلالها لمحاولات تهديدات مخاطر جماعة الإخوان على البلاد.
وأكدت أن من بين تلك الإجراءات العمل على تطويق أيديولوجيا الكراهية لدى الإخوان في أوروبا من خلال حظر التنظيمات المتطرفة المحسوبة على حركة “الإخوان” المتطرفة داخل فرنسا ومحاصرتها.
وأوضحت مدير المركز الفرنسي للدراسات الإستراتيجية والدولية، إن من القرارات التي اتخذتها فرنسا قوانين يصعب الحصول على الإقامة ومنح التأشيرة للأجانب خصوصا المشتبه بهم، وكذلك قوانين لمتابعة الإرهابيين مثل القانون الذي أقرته الجمعية الوطنية الفرنسية، وهو مشروع قانون يسمح للجهات القضائية بمتابعة الذين أدينوا بأكثر من 5 أعوام سجنًا في قضايا إرهاب، بعد خروجهم من السجن.
وأشارت دبيشي، إلى أن الأعمال الإرهابية التي وقعت في أوروبا الفترة الماضية، دفعت حكومات دول أوروبا ومنها فرنسا، إلى العمل على محاربة الجماعة من خلال عدة مراحل، أبرزها تفكيك الأيديولوجية، ومحاصرة مجال امتدادها، بكل الأدوات الثقافية والتربوية والإعلامية والأمنية.