سياسة

خبراء يجيبون: هل التوترات بين حزب الله وإسرائيل ستقود إلى حرب شاملة؟


تتصاعد حدة التوتر بين حزب الله وإسرائيل يومًا بعد يومٍ، مما يثير قلقًا عالميًا بشأن احتمال نشوب حرب شاملة في المنطقة. هذا التوتر يعزز المخاوف من تصعيد عسكري قد يشمل اجتياحًا بريًا إسرائيليًا لجنوب لبنان، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة ليس فقط على لبنان وإسرائيل بل على المنطقة بأسرها.

تداعيات خطيرة

في ظل تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل، تزداد المخاوف من احتمال نشوب حرب شاملة قد تشمل اجتياحًا بريًا إسرائيليًا لجنوب لبنان، وإطلاق صواريخ تدمر البنية التحتية في شمال إسرائيل. هذا السيناريو يحمل في طياته تداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها. 

وعلى الرغم من تهديدات المسؤولين الإسرائيليين باجتياح جنوب لبنان، يرى مراقبون أن إسرائيل لن تقدم على ذلك إلا إذا كانت الأرض محروقة، موضحين أن إسرائيل تستطيع تحقيق أهدافها من الجو باصطياد أعضاء الصف الثالث والثاني وحتى الأول من حزب الله وضرب مراكز القيادة والسيطرة وقطع أوصال الإمدادات اللوجستية لكل ميليشيات إيران أينما كانت.

وأشار المراقبون إلى أن إعراب الولايات المتحدة عن استعدادها لحماية أمن إسرائيل ووجودها دفع إيران وحلفاءها إلى الصمت. ولكن مع تأكيد النهج الأميركي بعدم توسعة الجبهات وإشعال حرب في المنطقة، وقرار الإدارة الأميركية بتحديد تزويد إسرائيل بالسلاح النوعي اللازم لعملياتها الكبرى، رفعت إيران من نبرة خطابها وادعاءاتها واستغلت الوضع لتعزيز نفوذها.

وأكد مراقبون، أن الفترة المقبلة حتى نهاية السنة ستكون حاسمة، وأن إسرائيل ستستغل الانشغال الأمريكي لحشد الدعم في الكونغرس من أجل الإفراج عن الأسلحة التي تحتاجها للقيام بعمل عسكري كبير في لبنان، حيث ما تزال لديها النية لذلك، وبوادر ذلك تتصاعد شيئًا فشيئًا.

تطالب إسرائيل اليوم حزب الله بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي أنهى حرب تموز عام 2006. ينص هذا القرار على انسحاب مسلحي حزب الله إلى جنوب نهر الليطاني وإنشاء منطقة عازلة ينتشر فيها الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “يونيفيل”.

استعدادات إسرائيلية

من جانبها، تستعد إسرائيل لما قد تكون حرباً أخرى في شمال البلاد مع حزب الله، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن إسرائيل تجري استعداداتها فوق الأرض وتحتها، إذ يُتوقع أن تؤثر هجمات حزب الله على المدن والبلدات القريبة من شمال إسرائيل. 

على سبيل المثال، تجري استعدادات لتجهيز مبنى تحت الأرض في مجمع رمبام للرعاية الصحية، بما يشمل أربع غرف عمليات وجناحًا للولادة ومركزًا لغسيل الكلى، وضعت كلها في طوابق المواقف التي كانت مخصصة للسيارات.

يشير الدكتور مايكل هالبيرثال، مدير مجمع رمبام للرعاية الصحية، إلى أن “نتوقع سقوط آلاف الضحايا هنا.. هذا ما نحن مستعدون له”، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال.

تستعد مراكز الرعاية الصحية في شمال إسرائيل لحرب قد تفوق أضرارها الحرب الجارية مع حماس، إذ أن حزب الله لديه تنظيم أفضل تدريباً وتسليحاً، مقارنة بحماس، فيما يقدر خبراء مخزونه من الصواريخ بـ 150 ألف صاروخ قادر على إحداث أضرار جسيمة.

إذا وقعت الحرب بين حزب الله وإسرائيل، يُرجح عمال إغاثة ورؤساء بلديات حظوا بإيجاز من الجيش الإسرائيلي سقوط نحو 4000 قذيفة صاروخية على البلدات الإسرائيلية يومياً؛ مما قد يؤدي إلى إنهاك لمنظومة الدفاع الجوي، وحدوث الحرائق وتدمير البنية التحتية.

قرار صعب

من جانبه، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني، العميد ناجي ملاعب، أن “الوضع الداخلي في إسرائيل يجعل من الصعب على حكومة نتنياهو اتخاذ قرار اجتياح لبنان برياً”.

ويشير “ملاعب” إلى أن حزب الله تمكن في عام 2006 من تدمير 72 دبابة ميركافا 3 في يوم واحد في وادي الحجير، والآن يمتلك الحزب صواريخ مطورة من الكورنيت وصواريخ ألماس الفعالة ضد الآليات.

يعتبر ملاعب أن الاجتياح البري صعب، سواء نتيجة استعدادات حزب الله أو النقص في القدرات الإسرائيلية الحالية. ويؤكد أن الوضع في لبنان يختلف تمامًا عن غزة، حيث يمكن للجيش الإسرائيلي دخول أي شارع ومكان في غزة، بينما في لبنان الاستعدادات أكبر والجبهة مفتوحة وليست محصورة على حزب الله.

كل الخيارات مطروحة

من جانبه، يقول د. محمد عباس ناجي، خبير الشؤون الإيرانية بمركز الأهرام الاستراتيجي: إن إيران اتخذت موقفًا متحفظًا في البداية بعد عملية “طوفان الأقصى” والهجوم الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023. 

ومع ذلك، أصدرت طهران تهديدات مباشرة لإسرائيل، محذرةً من العواقب المحتملة لأي حرب شاملة ضد حزب الله.

وفي 12 يونيو 2024، نصح القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، إسرائيل “بعدم السقوط في البئر اللبنانية”.

وأضافت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، في منشور على موقع “إكس” في 29 يونيو، أن أي عدوان شامل على لبنان سيشعل حرب إبادة، مشيرة إلى أن “كل الخيارات مطروحة، بما في ذلك المشاركة الكاملة لمحور المقاومة”.

وأشار ناجي، إلى أن هذا التباين في الموقف الإيراني يعكس ثلاثة أمور رئيسية: أولاً، هناك فارق كبير في مكانة حزب الله وحماس ضمن الاستراتيجية الإيرانية، حيث يلعب حزب الله دورًا إقليميًا يتجاوز حماس. 

ثانيًا، إيران كانت على علم مسبق بعمليات حزب الله، بينما فوجئت بعملية حماس. ثالثًا، حدود الخيارات الإيرانية تختلف في الحالتين؛ ففي حين تستطيع إيران التعامل مع تراجع قدرات حماس، فإن تدمير قدرات حزب الله يمثل أزمة أكبر.

ويرى ناجي أن إيران لا ترغب في تصعيد الحرب إلى مواجهة شاملة، لكنها تدرس خيارات متعددة تشمل عدم التدخل المباشر أو دعم حزب الله عبر وكلائها، أو السعي لتسوية سياسية تنهي الأزمة.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى