خاص العملات الرقمية.. أسباب للانهيار
تعيش العملات الافتراضية على عوامل صعود وهبوط، مرتبطة بالعرض والطلب، وهو أمر طبيعي.
تجاوزت القيمة السوقية للعملات الافتراضية 2.22 تريليون دولار أمريكي في التعاملات الصباحية، الإثنين، في اتجاه صعودي نحو قمتها السابقة البالغة 2.53 تريليون دولار، المسجلة منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وعلى الرغم من الاستثمارات الهائلة التي ضخها المستثمرون حول العالم في هذه العملات منذ عام 2008، إلا أن فرضية تعرضها لضربة تنهي وجودها إلى غير رجعة، قائمة لدى عديد البنوك المركزية حول العالم.
حتى اليوم، تعيش العملات الافتراضية على عوامل صعود وهبوط، مرتبطة بالعرض والطلب، وهو أمر طبيعي، إلا أن غياب أية أسس قانونية أو مرجعية تحفظ حقوق المتعاملين، يجعل إمكانية تعرضها إلى هزة قاضية أمر حتمي.
وترى بنوك مركزية كبرى، كالفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي، أن أسعار العملات الافتراضية الحالية تفوق بكثير قيمتها الفعلية، مشكلة فقاعة وصلت ذروتها منتصف أبريل/نيسان الماضي، قبل أن تتراجع بنسبة 40% الشهر الماضي.
لكن هذه البنوك، تؤمن أن قيمة الاستثمارات النقدية الحقيقية، في العملات الافتراضية لا تتجاوز 800 مليار دولار في أفضل الأحوال، بينما القيمة السوقية الحالية لها، نتاج مضاربات وتحكم في معروض هذه العملات.
ولا تملك أسواق العملات الافتراضية أية اختبارات سنوية أو نصف سنوية للجهد أو المخاطر، كما هو حال البنوك المركزية والقطاعات المصرفية حول العالم، لقياس أثر أية ضربات قد تتعرض لها.
وغالبية العملات الافتراضية تضع عددا محددا للوحدات المسموح تداولها، مثل بيتكوين على سبيل المثال، التي تطرح 21 مليون وحدة، بينما يبلغ حجم التداول الحالي 18.78 مليون وحدة، وهو ما يعطي جزءا من قيمة هذه العملات.
وبالعودة إلى السؤال المركزي، كيف ستتعامل الأسواق مع انهيار العملات الافتراضية؟ تؤمن البنوك المركزية ومن بعدها الأسواق المالية أن القيمة السوقية للعملات الافتراضية، وهمية، ولا تعكس قيمتها الحقيقية.
لكن أي انهيار في العملات الافتراضية قد يدفع لهبوط متباين في أسواق الأسهم، خاصة تلك التي يملك مستثمروها كميات من العملات الافتراضية، مثل إيلون ماسك على سبيل المثال.
إلا أن أسواق الأسهم قد تكون مستفيدة من هذا الهبوط، خاصة أن جزءا من هذه السيولة التي توجهت للعملات الافتراضية، كانت من نصيب أسواق الأسهم أو الاستثمارات الأخرى قليلة المخاطر (الذهب، الودائع).
بحسب بيانات البنك الدولي، بلغت القيمة السوقية لأسواق الأسهم العالمية، حتى نهاية 2019، نحو 83 تريليون دولار أمريكي، وتشير تقديرات لصعودها إلى 87 تريليون دولار بحلول النصف الأول من العام الجاري.
ويعني ذلك، أن القيمة السوقية للعملات الافتراضية بنهاية النصف الأول 2021 البالغة 1.55 تريليون دولار، تبلغ قرابة 1.7% من إجمالي القيمة السوقية للشركات المدرجة في أسواق المال العالمية.
الخلاصة، أن أي انهيار للعملات الافتراضية قد يشكل ضربة للأسواق المالية العالمية، لكنها لن تكون بمستوى الأزمة المالية العالمية، بل قد تكون قريبة من الأزمة التي تعرضت لها الأسواق المالية، بعد ظهور نتائج استفتاء بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016.
في ذلك الوقت، فقدت القيمة السوقية لأسواق المال قرابة 3 تريليونات دولار حول العالم، قبل أن تستعيد عافيتها تدريجيا بعد شهور قليلة من نتائج الاستفتاء.
الثابت، أن فرضية انهيار سوق العملات الافتراضية قائمة، طالما أن أزمة ما تزال تفاصيلها حاضرة لليوم، ممثلة بالأزمة المالية العالمية، القائمة على أصول مادية معروفة ومستندة إلى جهات رقابية وتنظيمية وقانونية.