سياسة

حين زرت مسبار الأمل


يصل مسبار الأمل غداً الثلاثاء -بإذن الله- إلى مدار كوكب المريخ، بعد رحلة امتدت لـ493.5 مليون كيلومتر.

 حيث أطلق المسبار قبل 7 أشهر نحو الكوكب الأحمر، سابراً الفضاء من أجل فهم أعمق لطبيعة الكوكب الشقيق وتحليل ظواهر مهمة في غلافه الجوي، والإجابة عن أسئلة علمية تهم العالم أجمع.

ولم يكن المسبار تكراراً لإنجازات الآخرين من مهمات اتجهت إلى الفضاء، بل جاء فريداً من نوعه في مدار علمي غير مسبوق، قريب من خط الاستواء للكوكب الأحمر، ما يمكّنه من تحليل قدر أكبر من المعلومات في بقعة جغرافية أوسع وفي توقيت متواصل خلال السنة المريخية “سنتين أرضيتين” التي سيعمل فيها.

ورغم صعوبة مرحلة الدخول إلى مدار المريخ، فإن المسبار حقق جزءاً كبيراً من أهدافه التي أنشئ من أجلها، ومنها البحث والتطوير، وبناء كادر وطني قادر على المنافسة، والنجاح في الإنجاز في التخطيط، إضافة إلى صناعة الإلهام لجيل كامل من الشباب وإعادة الأمل حقاً إلى الأمة العربية التي عاشت إحباطات متتالية وفرصاً ضائعة على مرّ العقود –أو ربما القرون- الماضية حتى فقد الكثيرون الأمل في النهضة العربية، وشككوا في قدرة العرب على العودة إلى أمجادهم العلمية التاريخية.

إن بعثة الإمارات لاستكشاف المريخ هي فخر لكل عربي متفائل يستطيع أن يرى بحياد قدرة العزيمة الصلبة والتخطيط السليم على صناعة المستقبل، وبناء الإنجاز وهزيمة التحديات، من دون أن “تعميه” مواقفه من رؤية النجاحات والتعلم منها، بدل محاربتها والتشكيك في مصداقيتها، حيث إن المنافسة تكمن في العمل والتقدم العلمي.

وقد أتيحت لنا زيارة مركز محمد بن راشد للفضاء في مقره في دبي، لنتعرف عن قرب إلى الشباب الطموح من فريق العمل المواطن، والذي شرح بدقة أهداف المسبار العلمية، وطريقة عمله وكيفية إنتاجه من دون تكلف أو ادعاء، مقرين بنقل المعرفة والاستفادة من الخبرات السابقة، ليبدؤوا من حيث انتهى الآخرون، في مشهد فخر واعتزاز بالشباب العربي الذي استطاع عبر الاهتمام والدعم أن يكون كتفاً إلى كتف مع العلماء الأجانب الذين اعتدنا على مشاهدتهم وهم يرتدون حلة رواد الفضاء.

نعم.. فالفضاء لم يعد روسياً أو أمريكياً أو أوروبياً فحسب، بل أصبح عربياً أيضاً بمهمة الإمارات لاستكشاف المريخ التي كسرت حاجز احتكار العلوم وتجارب الفضاء، حتى أقر العالم أجمع أهمية “مسبار الأمل”، وأبدت جميع المراكز البحثية المعتبرة اهتمامها بالنتائج التي ستصدر منه عما قريب.. ولعل المهمة لن تكون الأخيرة فقد وضع المشروع لبنة لمشاريع أكبر مستقبلاً يكون فيها العرب أصحاب ريادة وسبق في الفضاء.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى