حسم وميدان .. أذرع الإخوان لزعزعة الاستقرار من جديد

في محاولة جديدة للهروب من مأزق التآكل التنظيمي والرفض الشعبي. تعيد جماعة الإخوان إنتاج نفسها عبر واجهات بديلة ومسميات مستحدثة.
ومن أبرز هذه المحاولات ظهور حركة “ميدان” المنبثقة من رحم الجماعة. التي برزت مؤخرا في ظل الضعف والانقسامات المتزايدة داخل الإخوان، المدرجة على قوائم الإرهاب في عدد من الدول. لتعيد إحياء الخطاب ذاته عبر أدوات ووجوه جديدة.
ولادة “ميدان” من رحم الانقسام
رغم أن الحركة تشير في بياناتها ووثائقها إلى أن جذورها المبكرة نشأت في 2019. إلا أن عملها الفعلي لم يبرز إلا بعد نحو عامين من هذا التاريخ وتحديدا في 2021. حين فشلت مبادرة لم الشمل الإخواني التي تبناها القائم بأعمال مرشد الإخوان– جبهة لندن- إبراهيم منير (توفي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022).
وبعد أن انقسمت الجماعة مجددا إلى جبهات، واحدة في لندن والأخرى في إسطنبول، وثالثة (المكتب العام/ تيار التغيير)، حاول منير أن يستميل مجموعة المكتب العام، الذين كان من بينهم مؤسسو حركة ميدان يحيى موسى ومحمد منتصر ورضا فهمي. ليعزز صفوفه في مواجهة غريمه التقليدي محمود حسين، القائم بأعمال المرشد حاليا في جبهة إسطنبول.
-
مصر تعزز جهودها ضد بقايا الإخوان الفارين: تفاصيل الإجراءات الأمنية الجديدة
-
الإخوان تواصل نشر الشائعات لزعزعة استقرار مصر
ووفق ما كشفته مصادر مطلعة رفض قادة “المكتب العام”. الذي انبثقت منه “ميدان”، الانضمام إلى جبهة لندن دون الحصول على مناصبهم السابقة التي تركوا الجماعة عليها في 2016. ما أدى إلى انهيار مبادرة “لم الشمل”.
التنسيق مع جماعات أخرى
وإثر احتدام الخلاف، قررت حركة ميدان ومؤسسوها أن يعملوا بشكل منفصل وضموا إلى صفوفهم مجموعة من عناصر حركات الإسلام السياسي الأخرى بما في ذلك قيادات مما عُرف بـ”الجبهة السلفية”، كمحمد إلهامي وأحمد مولانا، وبعض الكوادر السابقين لحزب “مصر القوية”. الذي أسسه القيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح قبل سنوات، وآخرين.
-
الإخوان والشائعات.. تكتيك التضليل لزعزعة استقرار المجتمع المصري
-
جماعة الإخوان تبث الشائعات والأكاذيب لإثارة الرأي العام في مصر
دلالة الاسم
بحسب مصدر فإن اختيار الحركة اسم “ميدان” لم يأت عشوائيا وإنما بعد دراسة أجرتها جماعة الإخوان، ونصائح قدمتها أطراف أخرى.
وجاء اختيار الاسم في محاولة لاستثمار رمزية ميدان التحرير لدى المصريين. باعتباره رمزا لأحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011.
كما أن دراسات داخل الجماعة، أظهرت أن اسم “الإخوان” بات مرتبطًا بالإرهاب ويحمل دلالات سلبية لدى الرأي العام، ما دفع المؤسسين للبحث عن واجهة تبدو أكثر قبولا. وفق المصدر نفسه.
تقاطعات مع “حسم” وخلفية قيادية مشتركة
زاد من خطورة هذا الحراك عودة “سواعد مصر – حسم“، الذراع المسلح للإخوان، إلى الواجهة بعد سنوات من الخمول، مع تقاطعات واضحة بين قادة الحركتين.
فـ”حسم” يقودها بعض المؤسسين السابقين لحركة “ميدان” أبرزهم يحيى موسى ومحمد منتصر المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان. مما يعكس تشابك العلاقات بين هذه الفصائل وارتباطها الوثيق بجذور الجماعة،
وقد ركزت “ميدان” على بث رسائل دعائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. إضافة إلى إنتاج محتوى تحريضي، من خلال “بودكاست” يبثه مؤسسوها. سعيا لتجنيد المزيد من العناصر، وتحريضها ضد الدولة المصرية والدول العربية الأخرى.
وفي محاولة يائسة لإضفاء شرعية على مشروعها المنهار، أصدر رئيس حركة “ميدان” رضا فهمي، المنشق عن الإخوان، بيانا يدّعي فيه أن الحركة تضم كوادر إسلامية تسعى لتولي الحكم. ما يعكس تمسك الجماعة الأم برؤيتها المتطرفة رغم فقدانها لأي دعم شعبي أو سياسي حقيقي.
مسارٌ يؤكد محللون أنه يعكس بوضوح كيف أن حالة الانقسام داخل جماعة الإخوان أدت إلى ولادة حركات جديدة تحمل ذات الأهداف. لكنها تواجه صعوبات في استقطاب قاعدة شعبية أو كوادر فاعلة على الأرض، مكتفية بتعزيز وجودها عبر الفضاء الإلكتروني والتواصل الافتراضي.
-
أساليب الإخوان في الحرب النفسية ضد مصر: الأدوات والاستراتيجيات
-
هكذا تفتعل الجماعة الإخوانية الأزمات الاقتصادية في مصر؟
محاولات استقطاب يائسة
ووفق مصادر مطلعة عملت “ميدان” على عدة مشاريع تهدف لاستقطاب قطاعات متنوعة، من أبرزها:
تجنيد كوادر طلابية من داخل الإخوان بالتنسيق مع تيار التغيير.
مؤتمر “شباب التغيير” الذي عقدته في يناير/كانون الثاني باسطنبول.
مشروع السجناء الذي يركز على ملف المعتقلين الإخوان.
ومشروع المصريين في الخارج لتعبئة الجاليات ضد الدولة المصرية.
مشروع الرموز المجتمعية الذي يهدف لتلميع صورة شخصيات باعتبارها “نخبة بديلة”.
ورغم هذه المحاولات، لم تتمكن “ميدان” من إيجاد قاعدة حقيقية لها داخل مصر. وبقي نشاطها محدودا على منصات التواصل، عبر بث الرسائل والحلقات الدعائية التحريضية.
الإرهاب المادي والمعنوي
مع إعلان “حسم” عودتها للنشاط المسلح في يوليو/تموز الجاري. بدأت “ميدان” بتكثيف رسائل التهديد الموجهة للمصريين، وخصوصا العاملين في الأجهزة الأمنية، عبر بيانات نشرها رضا فهمي ويحيى موسى، تستدعي ذات الأسلوب الذي اتبعته الجماعة في سنوات ما بعد 2013.
ومع نشر هذه الدعاية الإرهابية، عاد كوادر حركة حسم الإرهابية للنشاط مجددا. لكن أجهزة الأمن المصرية استطاعت إجهاض مخطط يستهدف مؤسسات أمنية واقتصادية هامة.
إذ تمكنت أجهزة الأمن المصرية من إحباط مخطط إرهابي كبير كان يستهدف منشآت أمنية واقتصادية، في وقت كانت فيه “ميدان” تروج لدعوات تحريضية لحصار السفارات المصرية تحت ذريعة فتح معبر رفح. رغم أن الجانب الفلسطيني منه يخضع لسيطرة إسرائيلية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة تجديد الحراك الاحتجاجي الإخواني أمام المقرات الدبلوماسية من أجل الضغط على الدولة المصرية وإرباكها. كما كانت تفعل الجماعة بعد الإطاحة بها من الحكم في 2013.
-
الإخوان وتغييرات الإعلام: كيف تتعامل الجماعة مع الإيجابيات في مصر؟
-
الإخوان يواصلون التحريض ضد مصر.. التفاصيل
واجهة جديدة للجماعة الأم
يرى باحثون أن “ميدان” ليست سوى نسخة جديدة أكثر تشددا من جماعة الإخوان.
وفي هذا الإطار، يؤكد الباحث في شؤون الإسلام السياسي محمد يسري أن الحركة تسعى لتقديم نفسها ككيان منفصل. بينما هي في حقيقتها امتداد مباشر للجماعة الإرهابية، وتضم عناصر مطلوبة أمنيا ومدانة في قضايا عنف داخل مصر وخارجها.
ويقول يسري إن هذه الحركات، وعلى رأسها “ميدان”. لا تملك قاعدة جماهيرية حقيقية في مصر، لأن الشارع لفظ الجماعة وأدرك أهدافها الحقيقية، ولم تعد ألاعيبها تنطلي عليه كما في السابق.
ويخلص يسري إلى أن هذه الحركات، وعلى رأسها “ميدان”. لا تملك قاعدة جماهيرية حقيقية في مصر، لأن الشارع لفظ الجماعة وأدرك أهدافها الحقيقية، ولم تعد ألاعيبها تنطلي عليه كما في السابق.