سياسة

حسابات خاطئة أم واقع ميدانِي؟ تعثر استراتيجية حزب الله يضع إسرائيل في انقسام


كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن انقسام داخل إسرائيل بشأن مستوى وطبيعة التصعيد الواجب ضد حزب الله، وسط تزايد الضربات الجوية على جنوب لبنان.

وأفادت الصحيفة في تقريرها الذي جاء بعنوان “مأزق إسرائيل: متى ستضرب حزب الله؟” نقلا عن مصادر عسكرية، لم تسمها، بأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشهد تباينا بين من يطالب بتكثيف الهجمات لشل قدرات الحزب، ومن يدعو إلى الاكتفاء بعمليات محدودة.

ووفق المصادر، هناك انقسام داخل إسرائيل بين من يدعون إلى الحفاظ على وتيرة العمليات الحالية لتجنب تصعيد واسع مع حزب الله والحفاظ على دعم المجتمع الدولي، ومن يطالبون بتوجيه ضربة قاصمة للحزب بهدف إنهاء تهديده المتنامي.

وذكر التقرير أن الحزب “كثف في الأسابيع الأخيرة جهوده لإعادة بناء بنيته العسكرية والاقتصادية بعد الخسائر التي مني بها خلال الحرب السابقة، ما أثار قلقا متزايدا لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية”، دون تعليق فوري من الحزب.

وأفاد بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية “رصدت عمليات تدريب ونقل أسلحة وإعادة تأهيل” لشبكات الحزب في الجنوب اللبناني، مشيرا إلى “عجز الدولة اللبنانية عن فرض رقابة فاعلة، رغم التحذيرات الإسرائيلية المتكررة”، دون تعليق فوري من السلطات في بيروت.

وتحت ضغوط إسرائيلية أميركية أقرت الحكومة اللبنانية في 5 أغسطس الماضي حصر السلاح بيد الدولة، بما يشمل حزب الله.

والخميس، شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات على عدة بلدات جنوبية في لبنان، عقب إنذاره مواطنين بالإخلاء في أوسع إنذار منذ سريان الاتفاق، وضمن تصعيد لافت تشهده الحدود منذ أسابيع.

وذكرت “يديعوت أحرنوت” أن الجيش الإسرائيلي شن خلال الشهر الأخير عشرات الغارات على مواقع تابعة للحزب، بينها مستودعات أسلحة ومنشآت إنتاج صواريخ قرب مدينة صور جنوبي لبنان.

ونقلت عن مسؤول عسكري كبير قوله إن “حزب الله لم يعد بالقوة التي كان عليها سابقا، وفقد جزءا كبيرا من قياداته الميدانية، لكن خطر الصواريخ ما زال قائما”، مؤكدا أن إسرائيل “تحتل مواقع داخل الأراضي اللبنانية”.

كما نقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها إن إسرائيل “أعدّت خطة شاملة لتوجيه ضربة قوية لحزب الله، لكنها في انتظار قرار سياسي” بهذا الخصوص.

وأشارت المصادر إلى أن “أي رد من الحزب قد يشعل جولة قتال جديدة على الحدود الشمالية” لإسرائيل، ما يفسر التردد في إعطاء الضوء الأخضر للضربة القاصمة.

وفي السياق، وجه حزب الله الخميس، كتابا إلى الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، أكد فيه حقه ‏المشروع في “مقاومة الاحتلال والعدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة ‏بلدنا.

وقال الحزب الموالي لإيران إن الدفاع عن لبنان “ليس قرار حرب أو سلم، بل حق مشروع وواجب وطني في وجه عدو يفرض الحرب ويواصل العدوان”.

جاء رد رئيس الحكومة اللبنانية سريعا رفضا لموقف الحزب، حيث أكد سلام، خلال قمّة لبنان للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي التي عقدت في بيروت الجمعة، أن قرار الحرب والسلم قرار تملكه الحكومة، مؤكدا عدم وجود “رأي لأي طرف” في هذا الملف.

ووصف سلام التصعيد الإسرائيلي الجاري في جنوب لبنان بـ”الخطير جدا”، مشيرا إلى أن لبنان “يواصل تحشيد كل ما يمكن من دعم سياسي ودبلوماسي عربي ودولي، لوضع حدّ لهذا التصعيد، وتأمين الانسحاب الإسرائيلي الكامل من أرضنا، ووقف العمليات العدائية والإفراج عن الأسرى.”

وانتقلت الجبهة الجنوبية إلى مستوى جديد من التوتر الذي كان ينحصر في هجمات متقطعة وانتقائية، منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر 2024، والذي أنهى مواجهة بين حزب الله وإسرائيل في أكتوبر 2023 تحولت إلى حرب شاملة في سبتمبر 2024، وخلفت أكثر من 4 آلاف قتيل وما يزيد عن 17 ألف جريح.

وتواصل إسرائيل احتلال 5 تلال لبنانية في الجنوب سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى