سياسة

حركة النهضة تضع شرطا بارزا للقبول بالمشاركة


قامت حركة النهضة بوضع شرط بارز للقبول بالمشاركة، وسط مخاوف من تعثر التجربة السياسية من جراء الانقسام، وذلك بعد أيام قليلة من بدء رئيس الحكومة التونسي المكلف، الحبيب الجملي، مشاوراته مع الأحزاب في البلاد لتشكيل الحكومة.

وقد أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، يوم الجمعة الماضي تكليف الجملي، بتشكيل الحكومة، وذلك بناء على نتائج الانتخابات التشريعية التي بوأت الصدارة لحركة النهضة، بـ52 مقعدا في البرلمان من أصل 217، غير أن الحركة لم تنجح في الفوز بأغلبية، فأصبحت مضطرة للدخول في ائتلاف لبلوغ النصاب القانوني.

ومن جانبه، فقد ذكر رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، وهو رئيس البرلمان الجديد، بأن إببأنن تنظيمه السياسي لن يشارك في أي حكومة إلى جانب حزب قلب تونس الذي يرأسه نبيل القروي. ونبيل القروي، هو المرشح السابق لرئاسة تونس، وقد خاض الجولة الثانية من الاقتراع أمام الرئيس الحالي، قيس سعيد، غير أن زعيم قلب تونس، اعتقل قبل الانتخابات بسبب تهم فساد، ولم يفرج عنه إلا قبل فترة قصيرة من الاستحقاق الرئاسي، ثم انهزم بفارق كبير.

توجه حركة النهضة، الاتهام لحزب قلب تونس بالفساد، غير أن التنظيمين السياسيين قد تحالفا بعد الانتخابات التشريعية التي تم إجراءها في 6 أكتوبر الماضي، وقد منح هذا التحالف رئاسة البرلمان للغنوشي.

أما القروي فينفي الاتهامات التي وجهت إليه، ويعتبرها مجرد مؤامرة سياسية، وقد استطاع حزب قلب تونس، أن يحل ثانيا في الانتخابات البرلمانية، بعدما حصل على 38 مقعدا.

في حين قد قال الغنوشي، بعد اجتماعه بالجملي يوم الأربعاء، بأن اللقاء الأولي قد كان إيجابيا، وقد أشار أنه لم يناقش مسألة الحقائب، بينما ناقش التوجهات العامة للحكومة وأولوياتها خلال هذه المرحلة.

أما إذا تمسكت حركة النهضة باستبعاد حزب قلب التونس، فإن ذلك قد ينذر بولادة عسيرة للحكومة التونسية الجديدة، فيما يراهن الشارع على استقرار للوضع السياسي، من أجل معالجة الملفات الحارقة، وعلى رأسها البطالة والفقر.

خصومة صورية

في حين يرى الصحفي والناشط التونسي، نزار الجليدي، بأن الغنوشي لم يضع هذا الشرط من تلقاء نفسه، وإنما بسبب تعرضه لضغوط من مجلس الشورى في حركة النهضة، كما أضاف أن هذه الضغوط هي التي أجبرت أيضا على القبول بترشح عبد الفتاح مورو لرئاسة تونس، بالرغم من كونه خصما للغنوشي.

وفي حديث مع موقع سكاي نيوز عربية، أضاف أيضا الجليدي بأن ولادة عسيرة تلوح أمام تشكيل الحكومة الحالية، أما في حال جرى تشكيلها، فإنها ستكون ضعيفة ومعرضة للسقوط في أي لحظة.

غير أن الباحث يشك في أن تكون حركة النهضة جادة في استبعاد حزب قلب تونس، نظرا لأن الأمر يتعلق بخصومة صورية وفق ما قاله، والوارد هو أن حزب القروي قد يشارك ويحصل على حقيبتين غير مؤثرتين مثل الثقافة والشباب.

وأشار أيضا الجليدي، إلى أن حزب قلب تونس يبحث عن مشاركة حكومية تحميه، بسبب الاتهامات القضائية التي تلاحق قيادته وعددا من النواب، ومنه فإن الارتماء في حضن النهضة هو الذي يستطيع أن يقدم هذه الضمانات.

كما يعتبر الباحث بأن تصويت حزب قلب تونس لأجل إيصال الغنوشي إلى رئاسة البرلمان التونسي، دليلا على هذا التحالف القائم خلف الكواليس، من أجل غايات قضائية ومصلحة مشتركة بين الطرفين. مضيفا بأن حرب الملفات القضائية هي التي جعلت أحد نواب حزب قلب تونس يقول بأنه صوت للغنوشي والدموع في العين، وهذا الأمر يكشف ترتيبا بين التنظيمين السياسيين، لأجل مقايضة الضمانات القضائية بالدعم السياسي، حتى، وإن كان التصريحات العلنية تقول غير ذلك.

نُذُرُ حكومة ضعيفة

بينما يرى الكاتب والباحث السياسي، جمال العرفاوي، بأن الفيتو التي وضعه رئيس حركة النهضة، مجرد مناورة، من أجل إضعاف حزب قلب تونس وإجباره على الدخول إلى بيت الطاعة. موضحا في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية، بأن الغنوشي يرفض حزب قلب تونس، حتى يجري تصوير رئيس الحكومة المكلف، بمثابة شخص مستقل يتشاور مع كل حزب على حدة.

وقد أضاف أيضا بأن حركة النهضة تظهر هذا الرفض، غير أنها قد تخرج في وقت لاحق، وقد قبلت المشاركة في حكومة واحدة مع حزب القروي، وستقول حينها بأن رئيس الحكومة هو الذي ارتأى اختياره، لأنه هو المكلف من قبل رئيس الجمهورية. وقال بأن حركة النهضة، لن تجد شريكا أضعف من حزب قلب تونس حتى تشكل الحكومة، وهذا الضعف سيتيح لهم أن يمرروا ما يريدون في المرحلة المقبلة، وهذا الأمر قد لا يتأتى مع شريك قوي في الحكم.

وأشار أيضا العرفاوي إلى أن حزب القروي يلهث أيضا وراء النهضة، نظرا لأنه يدرك جيدا كونه منبوذا في الوسط السياسي، كما يعي حجم ما يلاحقه أمام القضاء، ومنه فإن حزب قلب تونس حريص أشد الحرص على أن يدخل إلى الحكومة.

وعندما سئل الباحث بخصوص ما إذا كانت حركة النهضة ستخشى أن تتحالف مع حزب قلب تونس، لأن ناخبيها سيمتعضون من هذا الأمر وقد يعاقبون حركة النهضة في محطة انتخابية مقبلة، فقد قال العرفاوي بأن النهضة تريد أن تبقى في السلطة بأي ثمن، كما أنها لا تريد الذهاب إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.

كما أضاف بأن حركة النهضة تخشى سيناريو إعادة الانتخابات، نظرا لأنها تدرك أن الخطوة ستكون كارثية، ولأنها ستُمنى بمزيد من التراجع في صناديق الاقتراع، لا سيما أنهم خسروا جزءا مهما من كتلتهم الناخبة، في أكتوبر الماضي، رغم حلولهم في المرتبة الأولى. بينما لا يراهن الباحث على الحكومة المقبلة، بشكل كبير، حيث استبعد أن تكون حكومة قوية وقادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها الشارع، تحت وطأة الأزمة الاقتصادية، ومطالبة المؤسسات الدولية الداعمة بتنفيذ عدة التزامات.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى