سياسة

جنين: مركز المقاومة في الضفة الغربية


يطلق عليها لقب “جنين القسام”، وجنين هي منذ عقود عاصمة المسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية بفلسطين.

وسميت جنين القسام لأنها كانت محطة مهمة في حياة الشيخ عز الدين القسام (1883-1935) الذي دفن في بلدة يعبد في محافظة جنين. بعد أن قاد مجموعات مسلحة ضد الانتداب البريطاني لفلسطين.

وينظر إلى مخيم جنين على أنه غزة المصغرة. حيث كثيرا ما يحاصره الجيش الإسرائيلي ويقتحمه ويحدث فيه دمارا كبيرا.

ولا يلبث الجيش الإسرائيلي أن يخرج من جنين حتى يعود إليها. ودائما تحت المبرر ذاته وهو القضاء على المسلحين في المدينة ومخيمها.

ولكن العمليات العسكرية المنطلقة من جنين لا تتوقف أيضا. وليس ثمة توقعات بأنها ستتوقف حتى بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية هناك.

وتقع محافظة جنين في شمالي الضفة الغربية على أرض مساحتها 583 كيلومترا مربعا، ويبلغ عدد سكانها نحو 356 ألف نسمة.

ولكن الجيش الإسرائيلي يركز أساسا على مخيم جنين الواقع على أرض مساحتها 473 دونما، وهو ثاني أكبر المخيمات في الضفة الغربية، ويسكنه نحو 24 ألف نسمة.

وبحسب معطيات وكالة الأمم المتحدة لغوث .وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” تقدر الكثافة السكانية في المخيم بـ56 نسمة لكل كيلومتر مربع.

وقالت “تأسس مخيم جنين في عام 1953 بعد تدمير المخيم الأصلي في المنطقة في عاصفة ثلجية. كما تأثر بشدة بالانتفاضة الثانية”.

وأضافت “في عام 2002 احتل الجيش الإسرائيلي المخيم بعد عشرة أيام من القتال العنيف.ودمر أكثر من 400 منزل، وألحق أضرارا جسيمة بمئات أخرى. وشرد أكثر من ربع سكان المخيم”.

وتابعت: “واليوم، لا تزال قضايا الحماية تشكل الشاغل الرئيسي لسكان مخيم جنين. وتقوم القوات الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء بعمليات منتظمة في المخيم غالبا ما تؤدي إلى اشتباكات وأعمال عنف”.

ولفتت إلى أنه “كان للعنف تأثير كبير على الرفاه العاطفي .والنفسي الاجتماعي للأطفال الصغار على وجه الخصوص”.

وقالت: “يشهد مخيم جنين أيضا واحدا من أعلى معدلات البطالة والفقر بين مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية البالغ عددها 19 مخيما”.

وأضافت: “وكان العديد من السكان يعتمدون في السابق على العمل في إسرائيل، الأمر الذي تم تقليصه بشدة منذ بناء الجدار العازل وتنفيذ نظام التصاريح”.

وتابعت الأونروا “لقد أثرت البطالة والفقر على الشباب بشكل خاص. مما أدى إلى انتشار عدم الرضا والإحباط على نطاق واسع، وأسهم في ارتفاع معدلات التسرب من المدارس بين الأطفال الأصغر سنا”.

وفي المخيم 4 مدارس تابعة للأونروا تخدم نحو 2000 طالب وطالبة.

ويقدم مركز صحي واحد الرعاية الصحية الأولية التي تشمل الصحة الإنجابية ورعاية الأطفال والرضع والتطعيم .والكشف والفحوصات الطبية والمعالجة.

غارات متتالية

ومنذ الانتفاضة الثانية في عام 2000 كان المخيم بشكل خاص وجنين بشكل عام عرضة لاقتحامات عسكرية إسرائيلية متتالية. كان أضخمها وأكثرها قسوة في عام 2002.

فقد اقتحم الجيش الإسرائيلي المخيم في أبريل/نيسان 2002. وأعلن عنه منطقة عسكرية مغلقة ومنع الدخول أو الخروج منه.

وتخلل الاقتحام -الذي استمر 10 أيام- عمليات تدمير واسعة. ما فجر مواجهات مع السكان كان حصيلتها مقتل 52 فلسطينيا نصفهم من المدنيين.

وقتل خلال العملية الإسرائيلية هذه 23 جنديا إسرائيليا.

وإضافة إلى تخريب واسع للبنى التحتية في المخيم فقد دمر الجيش الإسرائيلي ما يقارب من 150 بناية، جعلت 435 عائلة بلا مأوى.

وفي خلال العامين الماضيين اقتحم الجيش الإسرائيلي جنين ومخيمها عشرات المرات. كان آخرها في 5 يوليو/تموز الماضي واستمرت يومين، وأدت إلى مقتل 12 فلسطينيا. بينهم 5 فتية وإصابة 140 بينهم 30 إصابة حرجة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وفي حينه تسببت العملية بنزوح نحو 3000 من المخيم تم استيعابهم في المدارس ودور العبادة في جنين.

دعم لا يتوقف من الإمارات

وفي مسعى لتقديم يد العون للسكان المنكوبين فقد تبرعت جمعية الهلال الأحمر الإماراتية في يوليو/تموز بـ27 مليون دولار لإعادة بناء وإصلاح مخيم جنين.

وقالت الأونروا في حينه “سيتم استخدام المبلغ لإعادة بناء وإصلاح بيوت اللاجئين والبنية التحتية والمرافق العامة التي تدمرت أو تضررت خلال القتال الذي جرى في شهر أبريل/نيسان”.

ولم يكن هذا هو العون الأول من الإمارات للمخيم، فقد قالت الأونروا -في بيان 7 يوليو/تموز 2023- إن الإمارات ستسهم بمبلغ 15 مليون دولار لـ”تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا” في مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية.

وفي حينه قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، في البيان، إن “الأموال ستسمح للوكالة بإجراء أعمال إعادة تأهيل وإصلاح فورية داخل المخيم، بما في ذلك المركز الصحي التابع للوكالة والمنازل التي دمرت أو تضررت بشدة”.

عاصمة المسلحين

وينظر إلى جنين ومخيمها على أنها عاصمة المسلحين ومنفذي الهجمات.

ففي الانتفاضة الأولى في نهاية الثمانينيات برزت مجموعة “الفهد الأسود” التابعة لحركة “فتح” ومجموعة “النسر الأحمر” التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و”القسام” التابعة لحركة “حماس” و”عشاق الشهادة” التابعة للجهاد الإسلامي.

ونفذت هذه المجموعات مئات العمليات ضد الأهداف الإسرائيلية خاصة الجيش والمستوطنين.

ويقول عضو المجلس الثوري لحركة “فتح” جمال حويل في كتابه “معركة مخيم جنين الكبرى 2002: التاريخ الحي”: “لقد جاءت بدايات الفهد الأسود في محافظتيّ نابلس وجنين عفويّة وتلقائيّة، فكانت الانطلاقة بشبكات محدودة وخلايا منفردة متناثرة في كلّ أرجاء الضفّة الغربيّة، وكانت هذه المجموعات تفتقر إلى التنظيم والإدارة والمستلزمات الكفيلة لإطلاق عمل عسكريّ منظّم ومستمرّ، الأمر الّذي أدّى إلى إيقاع ضربات قاسية في حقّ الخلايا الأولى لمجموعات الفهد الأسود في محافظة جنين، حيث انتشرت المجموعات بصورة متدرّجة، في المخيّم والمدينة، وفي العديد من قرى المحافظة مثل قباطية وبرقين ورمّانة واليامون وسيريس وعرّابة وسيلة الحارثيّة ومسلية وغيرها”.

وفي الانتفاضة الثانية ظهرت في جنين، شأنها شأن العديد من المدن والمخيمات في الضفة الغربية، كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح إلى جانب مجموعات مسلحة من حماس والجهاد الإسلامي.

وفي السنوات الأخيرة ظهرت خلايا مسلحة تعمل مع بعضها بعضا بغض النظر عن انتمائها، وتسمى كتيبة جنين أو كتيبة طولكرم وغيرها.

ولا تكاد الاعتقالات الإسرائيلية تتوقف في جنين ومخيمها، ومع ذلك فإن العمليات المنطلقة من المنطقة لا تتوقف أيضا.

وبحسب المصدر الأمني الإسرائيلي فإن مخيم جنين تحول في السنوات الأخيرة إلى ملجأ للمسلحين الراغبين بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

ويقول المسلحون إن عملياتهم هي رد فعل على الاقتحامات والاغتيالات الإسرائيلية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى