جنرالات الجزائر تعدم صِّحافي كشف فضائح فساد في ‘سوناطراك’
الإعدام لصِّحافي فضح طرق متاجرة الجنرالات بالكوكايين والمخدرات والانقسامات والفساد والصفقات مع روسيا وإيران
قضت محكمة جزائرية بالإعدام بحق صحافي جزائري يقيم حاليا في سويسرا بتهم تتعلق بالتخابر وتسريب معلومات ذات طابع سري في ما يتعلق بصفقات ضخمة في عملاق صناعة النفط ‘سوناطراك’ يحاكم فيها حاليا مسؤولون كبار، فيما يعتبر الحكم سابقة قضائية.
والقضية التي حوكم فيها الصحافي محمد عبدالرحمن سمار المعروف إعلاميا بـ”عبدو سمار” وهو مدير موقع “ألجيري بارت”. من أكبر قضايا الفساد التي تنظر فيها محاكم جزائرية.
وتشمل شبهات فساد في صفقات عمومية عقدها مسؤولون ووزراء سابقون في عهد الرئيس الأسبق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة مع شركات نفط دولية.
ويقول خبراء اقتصاد ومحللون إن ما حدث في سوناطراك بمثابة الشجرة التي تخفي غابة الفساد في الجزائر وأن تفكيك منظومة الفساد عموما مهمة معقدة. مشيرين إلى مسار قضائي طويل.
ويعتبر هؤلاء أن سقوط نظام بوتفليقة نزع إلى حدّ ما الغطاء السياسي الذي كانت تتمتع به لوبيات الفساد. لكن المثير في مجمل هذا الملف هو أن المحاكمات شملت مدير موقع “ألجيري بارت” الذي دفع ببراءته وعبر عن استغرابه من عدم محاسبة الفاسدين وملاحقته هو شخصيا لكشفه ملفات فساد قائلا إن “لصحافي يعاقب فقط لأنه نشر معلومات صحيحة حول طريقة اشتغال مجموعة سوناطراك”، منددا بما وصفها بـ”حملة التشويه التي يتعرض لها من طرف الصحف المقربة من جنرالات الجزائر”.
ويشير الحكم الذي نددت به منظمات حقوقية تعنى بحرية الإعلام، إلى محاولة تعتيم على حالة الفساد التي يعتقد أنها لها ارتباط بجنرالات في الجيش وهو أمر لا يمكن تأكيده أو نفيه في ظل هيمنة الجيش على مؤسسات الدولة رغم الواجهة السياسية للحكم.
وفي مقطع فيديو نشره على قناته بيوتيوب مؤخرا وعلى موقعه “الجيريا بارت” قال عبدو سمار “أمر محزن أن تتم إدانتي بحكم قضائي غير مسبوق في التاريخ، ألا وهو عقوبة الإعدام التي لم يعاقب بها حتى كبار المجرمين بالعالم”.
ووصفة لائحة الاتهام بأنها “جنونية”، متسائلا “في أي بلد نعيش؟ هل بالإمكان إصدار هذه العقوبة الجنونية في حق صحافي جزائري في القرن 21؟”.
واعتبر أن المعلومات التي نشرها و”تقول المحكمة إنها سرية قد أزعجت جنرالات العسكر لأنها صحيحة مائة بالمائة”، معبرا عن استغرابه كيف أن “الوزراء السابقين المتورطين في جرائم مالية يحصلون على عقوبات مخففة، بينما أحصل على عقوبة الإعدام”.
وقال “لم يحصل أي مسؤول حكومي تتابعه الدولة على عقوبة الإعدام، علما أنهم تورطوا في اختلاسات مالية ضخمة بشهادة رئيس الدولة نفسه”. متسائلا “من هو عدو البلد لكي يتم اتهامي بهذه التهمة الخطيرة؟ أنا صحافي جزائري أحب بلدي وليست لي أي جنسية أجنبية. وأكتب في صحيفة جزائرية، كيف تتم معاقبتي بتهمة مجنونة وغير معقولة”.
وشدد في مقطع الفيديو على أن “الصحافي مهمته التحقق من المعطيات الرسمية في إطار قالب التحقيقات المعروف لدى الصحافيين”، مضيفا أن “الدولة أفرجت عن مسؤولين تورطوا في قتل الجزائريين، بينما يتم الحكم على صحافي بالإعدام لأنه كتب بضع مقالات فقط”.
وجاء الحكم الذي أصدرته غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الدار البيضاء في الضاحية الشرقية للجزائر. بينما لم تبح قضية الصفقات التي عقدت على مدار السنوات الماضية بكل أسرارها نظرا لحالة التشابك والتداخل السياسي والنفوذ الذي يرخي بظلاله على محاسبة من يصفهم الجزائريون بـ”حيتان الفساد”.
وتقول ناشطة تدعى تليلي الرازي معلقة في تغريدة على حسابها بتويتر “حكمت محكمة بالجزائر بالإعدام على الصحفي عبدو سمار و10 سنوات لإطار بسوناطراك بتهمة التخابر مع العدو(المغرب) وإفشاء الأسرار وتحطيم معنويات الجيش. والحقيقة أن عبدو سمار قام بالكتابة وفضح طرق متاجرة الجنرالات بالكوكايين والمخدرات والانقسامات والفساد والصفقات مع روسيا وإيران”.
وكانت محكمة الجنايات قد بررت حكمها بالقول إن عبدو سمار متورط في “التخابر وتسريب معلومات تحمل طابع السرية في ما يتعلق بصفقات شركة سوناطراك.
وفي فبراير الماضي قضت محكمة جزائرية في حكم غيابي بالسجن 20 عاما بحق وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل وتغريمه بما قدره 15 ألف دولار مع اصدار بطاقة جلب دولية في قضية الفساد بمجمع سوناطراك وتتعلق بفضيحة إنجاز مركب الغاز الطبيعي المسال بأرزيو بولاية وهران الذي أوكل للشركة الإيطالية ‘سايبام’ بأمر من خليل على حساب الشركة الإماراتية ‘بيروفاك’.
وأصدرت كذلك أحكاما سجنية بحق نائبه السابق وعدّة مسؤولين آخرين في القضية نفسها.
وحكم في القضية ذاتها على المدير العام الأسبق لسوناطراك محمد مزيان بالسجن خمس سنوات نافذة و”غرامة نافذة بجنحة إبرام صفقات مخالفة للتشريع”. كما حكم على نائب الرئيس المدير العام السابق لعملاق النفط الجزائري فغولي عبدالحفيظ بالسجن 6 سنوات بتهم إبرام صفقة مخالفة للتشريع وتبديد المال العام.
كما قضت المحكمة غيابيا بالسجن خمس سنوات بحق كل من جيلبرتو بولاطو وماسيمو ستيلا، الممثلين عن المجموعة الإيطالية ‘سايبام’ وبغرامة مالية لكل منهما قدرها 6250 يورو، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية في حينه.