سياسة

جماعات الإسلام السياسي تواجه معضلة كبيرة في العلاقة مع إسرائيل


يرغبون في المحافظة على صورة نقية رافضة لوجود إسرائيل والتطبيع معها، وبراغماتيون من الدرجة الأولى عندما يتعلق الأمر بالسياسة والسلطة والعلاقات الدولية، لا عجب في هذا التناقض أو ازدواجية المواقف، فنحن نتحدث عن جماعات الإسلام السياسي والإسلاميون عموما.

ونستحضر هنا موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخليفة المزعوم وداعم التيارات الإسلامية في كل مكان، الذي لطالما خرج في خطاباته الرنانة بصريحات وانتقادات لاذعة لإسرائيل، إلا أن آخرها كان بنبرة مغايرة تماما، حيث أعلن في 25 ديسمبر 2020، أن بلاده تريد علاقات أفضل مع إسرائيل، رغم أنه لا يوافق على سياستها تجاه الفلسطينيين. كما أشار إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية على المستوى الاستخباراتي مستمرة ولم تتوقف.

وهذا التصريح اندرج ضمن خطوات عديدة اتخذتها تركيا مؤخرا لإصلاح علاقاتها مع إسرائيل. فقد أعلنت نيتها إرسال سفير جديد إلى تل أبيب بعد سنتين على سحبه، كما أجرى رئيس المخابرات التركية محادثات في إسرائيل في نوفمبر الماضي، وهذا كله معطوفا على استمرار العلاقات الاقتصادية التي لم تتأثر بأي حال من الأحوال بين البلدين.
 
تصريح أردوغان إذا لم يكن زيادة على الهامش. بل كان في صلب الموضوع. أما الاتيان على مسألة سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين التي لا يوافق عليها، فذلك لذر الرماد في العيون فقط، ولكي يقول بأن تحسين هذه العلاقات ليس على حساب الفلسطينيين، وهو الأمر نفسه الذي قالته الحكومات العربية لدى توقيعها اتفاقيات سلام مع إسرائيل، مع الفارق أننا في الحالة التركية نتحدث عن علاقات قائمة وليست جديدة.

الغريب في الأمر، أن العلاقات التركية الإسرائيلية، تحظى بالقبول والتفهم الكامل من جانب الإسلاميين، وهناك من يتبرع بالدفاع عنها وإضفاء المشروعية عليها، بل ثمة مع يضعها في سياق مختلف عن العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، رغم أنها في المحصلة وكما يعرف الجميع تقوم على نفس الأساس وهو الاعتراف بوجود إسرائيل كدولة والتعامل الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي معها، وبالتالي فمهما حاول الإسلاميون أن يجدوا تبريرا لما تقوم به تركيا، فالتناقض في موقفهم واضح والثقوب تملأ خطابهم.

لكن ما يجعل مهمتهم صعبة ومحرجة في آن واحد، هي أنهم يبالغون تماما في مواقفهم المعادية للتطبيع مع إسرائيل، إذ هم يستخدمون الدين والإرث القومجي الديماغوجي في تخوين خصومهم وتكفيرهم. فهم كمن يصعد أعلى غصن في الشجرة، ثم يجد صعوبة في النزول منه، حينما يفرض عليه الأمر ذلك.

ولو أنهم اتبعوا المرونة والتفهم لربما وجدوا العذر للعثماني كما وجدوا العذر من قبل للرئيس المصري السابق محمود مرسي في تعامله مع إسرائيل، ولما اضطروا للدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه (من وجهة النظر الإسلامية) في علاقة تركيا وقطر مثلا مع إسرائيل! لكنها حسابات الدنيا هنا وليست حسابات الآخرة. والإسلاميون بالذات متمرسون في اللعب على هذه الحبال.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى