سياسة

“ثورتنا سلمية والجزيرة إرهابية”.. رسالة الجزائريين لأبواق قطر


كعادتها دائما، تحاول أبواق قطر الإعلامية إشعال الأزمة السياسية في كل مكان، كذلك في الجزائر، سعت لتعميق الأزمة، إلا أن حدة الاستهجان والرفض الشعبي للحملة الإعلامية الخبيثة ضد بلادهم وتحديدا الجيش تصاعدت بالبلاد في الأسابيع الأخيرة.

وفي أحدث ردود الفعل الرافضة والفاضحة لما يقوم به إعلام تنظيم الحمدين من بث سموم الفرقة والفتنة تلك اللافتات التي حملها متظاهرون خلال الأسبوع الماضي ضد قناة الجزيرة، متهمين البوق الإعلامي القطري بـ الإرهاب ومحاولة التشويش على سلمية الحراك الشعبي، وكانت أبرز وأكبر لافتة حملها الجزائريون ثورتنا سلمية، الجزيرة إرهابية، الجزيرة قِدر الفتنة، أخي كن ذكياً أو تبقى فريسة للآخرين.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، استهجن المتابعون من الجزائريين الحملة الإعلامية المركزة لقناة الجزيرة القطرية ضد الجيش، مؤكدين أنها محاولة جديدة للعب الدور نفسه في تخريب بلدهم كما فعلت مع دول عربية أخرى مثل ليبيا وسوريا واليمن، أو كما حاولت مع مصر وتونس.

ومن جانبهم، حذر عدد من الأكاديميين في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مما وصفوه بتحالف خفي بين الإخوان وفرنسا عبر قطر والتنظيم العالمي الإرهابي للإخوان في كثير من الدول على رأسها الجزائر، مذكرين بتلاقي طروحات متطرفة وأجندات خفية لمن يسمونهم بعملاء فرنسا في الجزائر والفكر الإخواني، خاصة ما تعلق منها بالعداء للجيش الجزائري، مذكرين أيضا بتركيز قناة الجزيرة القطرية منذ أزمة التسعينيات على استضافة كل معارض للجيش الجزائري سواء من أتباع ما كان يعرف بـالجبهة الإسلامية للإنقاذ الإرهابية أو من العلمانيين.

وأظهرت منشورات وتعليقات الجزائريين حجم الوعي الشعبي من الحملة الإعلامية القطرية عبر أبواقها خاصة قناة الجزيرة، حيث قارنوا بين تأثير تلك القناة في مجرى الأحداث بالجزائر تسعينيات القرن الماضي التي شهدت قتالا دمويا بين متطرفين وقوات الجيش، فيما عرف بالعشرية الحمراء، وانكشاف ما يصفونه بأجندة الحقد على الجزائر وجيشها.

ونقلت العين الإخبارية عن عدد من المراقبين والمتابعين تأكيدهم أن قناة الجزيرة القطرية لا تزال تقتنص الفرص لتبث سموم الفتنة مجددا في الجزائر، وتكشف حقدها الدفين تجاه جيش هذا البلد العربي.

وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، ركزت أبواق قطر الإعلامية وبشكل ممنهج على انتقاء ضيوف تستضيفهم في الدوحة من المعارضة المتطرفة الجزائرية المحسوبة على أحد أجنحة ما يعرف بالدولة العميقة المتهمة بالعمالة لفرنسا التي تعرف بحزب فرنسا في الجزائر.

ضيوف استغلتهم القناة القطرية للهجوم على الجيش الجزائري واتهامه بقيادة انقلاب عسكري في البلاد، إضافة إلى دعوة بعض منهم صراحة إلى الانقلاب على قيادة الجيش الحالية.

ومع بدء الحراك الشعبي بالجزائر قبل 6 أشهر، حاولت قناة الجزيرة القطرية البحث عن مكان لها في الساحة الإعلامية الجزائرية، رغم غلق مكتبها وطرد العاملين فيه عام 2005.

وحاولت القناة القطرية، بحسب المتابعين، استغلال حالة الفراغ السياسي التي أعقبت استقالة عبد العزيز بوتفليقة في أبريل الماضي، وانشغال مؤسسات البلاد بالأزمة السياسية، لتعيد فتح مكتبها بالجزائر بطريقة غير قانونية ودون إبلاغ السلطات الجزائرية، قبل أن تتخذ الأخيرة قرارا بإعادة غلق مكتبها ومنع التعامل مع القناة خاصة فيما يتعلق بالبث المباشر.

ردة فعل الجزائريين الغاضبة من سلوك الأبواق الإعلامية القطرية الحاقدة على بلادهم كما يصفونها، لها ما يبررها أو كانت متوقعة بحسب قراءات محللين.

وأكد محللون أن الجزائريين على غرار بقية الشعوب العربية عرفوا حقيقة الأجندات الخفية لأبواق تنظيم الحمدين خلال ما عرف بـثورات الربيع العربي، بعدما كانت قناة الجزيرة تتخفى وراء شعارات رنانة مثل منبر من لا منبر له، والرأي والرأي والآخر.

وأثبتت الأحداث في تلك الدول العربية للجزائريين كما أظهرته ردود فعلهم عبر منصات التواصل بأن الجزيرة القطرية لم تكن إلا بوقا ينفخ في نار الخراب الذي حل على دول عربية ونجت أخرى منه، وكانت ناطقا رسميا لمختلف التيارات الإرهابية والمتطرقة ومدافعا عنها.

ومع انطلاق المظاهرات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام بوتفليقة، حاول الإعلام القطري تكرار السيناريو ذاته في الجزائر، وروجت قناة الجزيرة بمختلف منصاتها لأكاذيب سرعان ما فضحها الجزائريون.

وتعرضت القناة القطرية لحملات سخرية واسعة بعد أن تم كشف أن مصادر أخبارها لم تكن إلا بعض الصفحات الفيسبوك دون أن تكلف نفسها عناء التأكد من صحة الأخبار، بيد أن المتابعين أكدوا أن الهدف من وراء ذلك كان لزرع الفتنة، والترويج لصور نمطية مخادعة للرأي العام تحضيراً للسيناريو المفضل لها، وهو الفوضى والخراب.

وعلى مدار الأشهر الأخيرة، حاولت منصات الجزيرة الترويج لمزاعم القمع الأمني لمتظاهرين وتعميم لافتات شخصية أو لبعض المجموعات في العاصمة تنتقد أطرافا عدة على أنها تعبر عن موقف الجزائريين، خاصة تلك التي تحمل حقدا للجيش التي يقول مراقبون إن الدولة العميقة المتأثرة من سجن رموزها يقفون وراءها.

وشهدت الشهور الماضية إقالات وملاحقات قضائية لرجال أعمال وسجن شخصيات نافذة في نظام بوتفليقة، الذي أدار البلاد منذ عام 1999حتى 2019، وتأكيد الجيش مواصلة تطهير مؤسسات الدولة مما وصفها بـالعصابة.

وتتزامن حملة الفتنة مع ما كشفته مصادر أمنية مطلعة ما أسمته ملف التمويل المالي القطري لبعض التيارات الإخوانية في البلاد، موضحة أن الأجهزة الأمنية في الجزائر باشرت في الأسبوعين الأخيرين تحقيقات معمقة مع قيادات إخوانية جزائرية بارزة دون أن تفصح عن أسمائها، وفق ما نقلت العين الإخبارية.

ورجحت المصادر الأمنية أن يكون استهداف قناة الجزيرة القطرية للجيش الجزائري عبر ضيوفها من المعارضة المثيرين للجدل محاولة منها للضغط على البلاد كدعم لتلك التيارات الإخوانية، خاصة أن الأمر مرتبط بتمويل خارجي يصنفه الدستور في خانة الخيانة العظمى.

وفي تعليقه على الهجمة الإعلامية القطرية على الجزائر، ذكر الدكتور حسين قادري المحلل السياسي بأن قطر كانت تراهن على بعض المجموعات الإخوانية لتصدر المشهد في الأزمة السياسية وفي تشكيلة لجنة الحوار والوساطة ومسارها، غير أنها خسرت كل أوراقها بعد أن اتضحت تركيبة ومهمة هيئة الحوار، وهو ما يفسر إلى حد كبير الحملة الإعلامية القطرية على الجيش الجزائري المتحكم في الأزمة السياسية ومخرجاتها من الحلول المتوقعة.

وعن حقيقة التنسيق القطري – الفرنسي الخفي لاختراق الحراك والتدخل في الأزمة السياسية في البلاد كما ذكرت مصادر إعلامية جزائرية عدة، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر في تصريح للعين الإخبارية أن الملامح الأولى تؤكد أن هؤلاء سينهزمون في الأيام المقبلة خاصة إذا توصلت لجنة الحوار إلى حلول توافقية، تفرز رئيسا منتخبا لفترة انتقالية لمدة 5 أعوام.

وأوضح الأكاديمي الجزائري أن الفترة المقبلة التي ستعقب انتخاب رئيس جديد للجزائر ستكون مرحلة للإقلاع الحقيقي، الأمر الذي يثير مخاوف قطر وبعض الأطراف الأخرى الخارجية والداخلية.

كما كشف أن فرنسا لا يمكنها التدخل بسياسة مضادة لقيادة الجيش الجزائري، خاصة في ظل وجود حساسية شعبية تجاه فرنسا، لكنها لجأت إلى ذلك من خلال وكيل إعلامي (قناة الجزيرة) أو دولة أخرى (دولة قطر) لتنفيذ هذه المهمة.

وقال المحلل السياسي الجزائري سليمان أعراج: إن هناك محاولات غير بريئة من خلال استضافة شخصيات تستهدف المؤسسة العسكرية الجزائرية وذلك تحت مسميات عدة، ويبقى ذلك غير مقبول لأن الأمر يتعلق بمؤسسة (الجيش) صنعت الاستثناء وقدمت تجربة ونموذجا متميزا في إدارة الأزمات، حيث عكفت على حماية الحراك والإرادة الشعبية والدولة الجزائرية.

وأوضح الأكاديمي الجزائري أن هذه المسألة تحديداً لا تروق لهذه الأبواق الإعلامية ومختلف الفواعل التي تريد أن ترى الجزائر تسقط مرة أخرى فخ عدم الاستقرار، لكنها محاولات بائسة، وتؤكد فشلها في التأثير على مجرى الأحداث، مشيرا إلى وجود انتقائية في اختيار ضيوف الجزيرة ومواضيعها الخاصة بالجزائر، والهدف من ذلك محاولة الترويج لمغالطات معينة تخفي وراءها استهداف الجيش.

وعن مسألة دعم الأبواق الإعلامية القطرية العلني للتيارات الإخوانية والتنظيم العالمي الإرهابي، أكد المحلل السياسي أنه لا يمكن لأي بوق إعلامي أن يؤثر على الجزائر، لأنها دولة مؤسسات، كما لا يوجد للتيارات الإخوانية في البلاد أي شيء من القوة لتقلب المشهد السياسي، ويعود ذلك إلى حجمها المحدود جدا في الساحة.

وعن حقيقة المشروع الخفي الإخواني – الفرنسي ضد الجزائر، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر إن كل من يروج لطروحات معادية للجزائر فهو يتبنى ذلك الطرح، وهذا ما يقوله المنطق، وكل ما يروج لها فهو يتقاطع مع الأجندات التي تستهدف استقرار وأمن الجزائر.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى