ثروة المرشد الإيراني تتسبب في أزمة متعددة الأطراف والدوافع
تسبب الكشف عن الصندوق الأسود لثروة المرشد الإيراني علي خامنئي، في حدوث أزمة متعددة الأطراف والدوافع، في حين التزمت إيران الصمت تجاه أخطر تقرير يطال فساد رأس نظامها، دافعت عنه الحكومة العراقية وبعض الساسة العراقيين ، لكن النيران التي وجهوها إلى واشنطن طالت أيضا وبدون سبب مملكة البحرين.
وقد نشرت السفارة الأميركية في بغداد مساء الخميس الماضي منشورا تطرق إلى حجم الفساد الهائل المستشري داخل أروقة النظام الإيراني، ولا سيما مرشده، علي خامنئي.
وكتبت أيضا السفارة على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك : يستشري الفساد في جميع مفاصل النظام الإيراني، بدءا من القمة فممتلكات مرشد النظام علي خامنئي وحده تقدر بـ 200 مليار دولار، بينما يرزح كثير من أبناء الشعب تحت وطأة الفقر بسبب الوضع الإقتصادي المزري الذي وصلت إليه إيران بعد أربعين عاما من حكم الملالي.
إضافة إلى أن السفارة أرفقت التعليق بصورة المرشد خامئني، وحملت عنوان وجوه النظام الإيراني الفاسد.
تغريدة السفارة الأميركية تضرب على الوتر الحساس في إيران التي يتداول مواطنوها وبعض الساسة الغاضبون هناك معلومات تشير إلى أرقام تقترب مما أعلنته السفارة فيما يخص ثروة المرشد الذي طالما يقدم نفسه كزعيم زاهد.
لكن بدلا من أن يخرج رد رسمي من طهران على ما أعلنته واشنطن عبر سفارتها في بغداد، جاء الرد من المنطقة الخضراء عندما أصدرت وزارة الخارجية العراقية بيانا احتجاجيا وصفت فيه منشور السفارة بأنه يمثل تجاوزا للأعراف الدبلوماسية، والقواعد الدولية التي تحكم عمل البعثات في الدول المضيفة، وطالبت بحذفه.
إلى جانب أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خرج ببيان دعا فيه إلى إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، وهدد باستهدافها في حال أصبح العراق عالقا فيما وصفه بالصراع الأميركي الإيراني.
إضافة إلى أنه زج بمملكة البحرين وقيادتها في الأمر، مما دفع وزارة الخارجية البحرينية إلى استدعاء القائم بأعمال سفارة العراق لديها، معربةً عن استنكارها واعتراضها الشديدين لهذا البيان، محملةً الحكومة العراقية مسؤولية أي تدهور للعلاقات بين البلدين.
ومن جانبه، قال وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، في تغريدة له على تويتر إن الصدر بدلا من أن يضع أصبعه على جرح العراق بتوجيه كلامه للنظام الإيراني الذي يسيطر على بلده، اختار طريق السلامة ووجه كلامه للبحرين.
تشتيت الانتباه
ويرى أن الجدل المندلع بين أطراف لا ناقة لها ولا جمل في ثروة المرشد الإيراني، ما هو إلا محاولة لتشتيت الأنظار عن الحقائق التي لم تعد خفية على الشعب الإيراني الذي أكمل 40 عاما عجافا عاش فيها الفقر والقمع تحت حكم الملالي.
ويقترب تقدير السفارة الأميركية بشأن ثروة خامنئي، مما قاله موقع دولت بهار المقرب من أحمدي نجاد الذي كان ينظر إليه في وقت من الأوقات على أنه ابن المرشد من شدة قربه منه.
وكشف الموقع في مارس 2018، أن حجم ثروة المرشد علي خامنئي والمؤسسات التي يسيطر عليها يصل إلى 190 مليار دولار أميركي.
متهما المرشد بنهب أموال الإيرانيين، ومواصلة القمع لإسكات المنتقدين، الذين خرجوا في تظاهرات منددة بالأوضاع الاقتصادية المتردية بين عامي 2017 و2018.
وقد قدرت دراسة أجرتها مؤسسة بورغن العالمية المعنية بمكافحة الفقر، ثروة المرشد بحوالي 95 مليار دولار.
وتكشف هذه الأرقام على تباينها، زيف الصورة التي طالما سوقها النظام الإيراني لزعيمه بأنه شخص زاهد بسيط، يعيش حياة متواضعة.
ووفق مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإن خامنئي يسيطر عمليا على أهم ثلاث مؤسسات اقتصادية في البلاد، التي يعاني شعبها البطالة والفقر، لأسباب كثيرة، أبرزها الفساد واحتكار الثروة.
سلطة مطلقة
نظام الحكم في إيران يكفل صلاحيات مطلقة للمرشد الأعلى، تجعل له السلطة العليا واليد الطولى في السيطرة على الحياة السياسية والدينية في البلاد، في مقابل أدوار محدودة للرئيس والحكومة وباقي المسؤولين، لكن يبدو أن خامنئي يتمتع بما هو أكثر من ذلك بكثير، خاصة في المجالات الاقتصادية.
وقد سلط تحقيق سابق أجرته وكالة رويترز، الضوء على أنشطة متشعبة لمؤسسة عملاقة يسيطر عليها المرشد الأعلى، تعرف باسم هيئة تنفيذ أوامر الإمام أو اختصارا ستاد، وهي هيئة لمصادرة العقارات والأراضي دون وجه حق، تضع تحت تصرفه الشخصي ما يقترب من 100 مليار دولار بين ثروة في حسابات سرية، وأصول غير خاضعة للرقابة تقريبا.
تم إنشاء ستاد عام 1989 قبيل وفاة المرشد الأعلى السابق الخميني، وفي عهد خامنئي استولت الهيئة على آلاف العقارات والأفدنة، التي تخص مواطنين إيرانيين من أقليات دينية تنكيلا بهم، أو من يعيشون في الخارج بحجة أنها مهجورة، من خلال ادعاءات كاذبة في معظم الأحيان.
وتلجأ الهيئة تحت سيطرة خامنئي، إلى بيع العقارات المستولى عليها في مزادات علنية والاحتفاظ بقيمتها في حسابات سرية، أو تساوم أصحابها من أجل ابتزازهم والحصول منهم على أكبر قدر ممكن من المال، وأحيانا ما تحتفظ بملكيتها للعقارات.
وقد تحولت ستاد في السنوات الأخيرة، إلى إمبراطورية اقتصادية عملاقة يسيطر عليها شخص واحد هو خامنئي، وبلغت قيمة أصولها على الأقل 95 مليار دولار، وفقا لحسابات أجرتها رويترز.