سياسة

تونس.. خبراء يؤيدون دعوة السبسي لتغيير الدستور


لأول مرة منذ توليه الرئاسة 2014، طرح الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بخطاب صريح ومباشر، فكرة تعديل الدستور، في المواد المرتبطة بصلاحيات رئيس الدولة المتقلصة أمام صلاحيات رئيس الحكومة.

ويجد الدستور التونسي، الذي صدر في 27 يناير2014، انتقادات كثيرة من رجال القانون الدستوري حول مدى جدواه في تحديد المسؤوليات بين السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية)، وحول مدى قدرته على إنتاج حياة سياسية سليمة في تونس، حيث اعتبر خبراء أن الثقافة السياسية في البلاد منذ الاستقلال (1956) ارتكزت على النظام الرئاسي الذي يحدد بشكل واضح المسؤوليات السياسية، في حين أن النظام الحالي الشبه برلماني أسهم في تشتيت السلطة، ويولد باستمرار الصراعات بين السلطات الثلاث، وأضاع على البلاد سنوات من التقدم والتطور.

واستأثرت حركة النهضة الإخوانية في تونس من خلال أغلبية مقاعدها في المجلس التأسيسي (2011-2014) بصياغة الدستور، وعمل نوابها في تلك الفترة على ضرب مكانة رئاسة الجمهورية في معادلة السلطة وتحويل الحكم إلى قبة باردو (مقر البرلمان)، ما جعل من حزب نداء تونس (وسط ليبرالي) غير قادر على الحكم وحده بعد الانتخابات التشريعية عام 2014 رغم فوزه بـ89 مقعدا.

واضطر نداء تونس إلى التحالف مع الإخوان لتشكيل حكومة الحبيب الصيد (2016-2015)، وهو ما جعله يفقد شعبيته وتعاطف أغلبية التونسيين.

وفي هذا السياق، قالت سندس الغرايري، أستاذة القانون الدستوري في جامعة صفاقس، إن النظام السياسي في تونس (هجين)، واعتمد على المزج بين الرئاسي والبرلماني، مما خلق تداخلا بين دور رئيس الدولة ورئيس الحكومة، وفق ما نقلت العين الإخبارية.

وحصر النظام السياسي الحالي صلاحيات رئيس الجمهورية التونسية في السهر على الشؤون الخارجية والدفاع والأمن القومي فقط، في حين أعطى كل الصلاحيات الأخرى لرئيس الحكومة، مثل قطاعات النقل والصحة والتعليم والتجارة الخارجية والطاقة والنفط وغيرها من أركان الحكم.

وأضافت الغرايري أن النظام البرلماني من أكثر الأنظمة الخالقة للأزمات، مثل ما حدث في إيطاليا في تسعينيات القرن الماضي، وفي بلجيكا في السنوات الأخيرة، مشيرة إلى أنه من المهم مراجعة الدستور والعودة إلى النظام الرئاسي بوضع آليات رقابة على الرئيس حتى لا ينحرف إلى الدكتاتورية.

ودعت أطراف سياسية كثيرة لتعديل الدستور التونسي في الفترة الحالية، وتغيير النظام السياسي الحالي الفاقد للديناميكية والعاجز عن التطور بالحياة السياسية التي يسودها المثير من الاضطراب والصراعات الجانبية.

وفي هذا الصدد، قدمت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، مشروعا لدستور جديد، أسمته دستور الجمهورية الثالثة، مشيرة إلى أن مضامين دستور 2014 لا يخدم إلا مصالح حزب النهضة الإخوانية والأطراف المرتبطة بها، على غرار حزب الرئيس السابق منصف المرزوقي (حراك تونس الإرادة).

وانتقدت موسي منظومة ما بعد 2011، معتبرة أن حزب النهضة والمرزوقي خانا البلاد وسلماها للاستعمار الإخواني، الذين انتقموا من الأسس الحداثية التي وضعها الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة (1987-1956)، وهو الرئيس المعروف بسياسته في تحديث المجتمع بعيدا عن مقولات الإسلام السياسي.

وأكدت في اجتماع شعبي بمدينة بن قردان، أنه في حال وصولها للسلطة فإنها ستقوم بتغيير النظام السياسي وإعطاء منصب رئيس الجمهورية الصلاحيات الضرورية حتى لا يكون منصبه صوريا فقط.

ونقلت العين الإخبارية عن منذر العجيلي، الناشط السياسي في ائتلاف تونسيون ضد التمكين (ائتلاف يضم نشطاء مستقلين)، قوله إن السبسي تأخر في طرح مبادرة تعديل الدستور، مشيرا إلى أنه كان من الضروري أن يكون أول منشور منذ وصوله لقصر قرطاج في 2014، كما أوضح أن الدستور الحالي الذي كتبه الإخوان جعل من مؤسسات الدولة في حال صدام مستمر بسبب تداخل الصلاحيات، مؤكدا أنه من الصعب تحديد مسؤولية الحكم في الأنظمة البرلمانية.

وشدد على أن الشعب التونسي لم تنضج حتى الآن فكرة النظام البرلماني في ذهنه، لأنها غريبة عن إرثه السياسي وتتلاءم فقط مع الدول التي لها حياة سياسية صلبة.

وكان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي دعا في خطاب له، بمناسبة الذكرى الـ63 لاستقلال البلاد عن فرنسا، إلى ضرورة التفكير في تغيير الدستور، ليعطي صلاحيات واضحة لمنصب رئيس الدولة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى