سياسة

تونس تعيش حالة استنفار أمني بسبب مرتزقة تركيا في ليبيا


بوجود آلاف المرتزقة المتدفقين من سوريا إلى الأراضي الليبية، فإن دول الجوار، ومن ضمنها تونس، تعيش حالة استنفار أمني، وذلك خشية تسرب عدد منهم إلى داخل حدودها.

وكشف من جهته المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير جديد تم نشره يوم السبت، عن وصول 10 ألاف مقاتل، بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية.

وأشار إلى وصول دفعة جديدة من الفصائل التابعة لأنقرة تضم مئات المقاتلين من حملة الجنسية السورية، فضلا عن  وصول عدد آخر من المتطرفين الأجانب.

وحسب إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، ترتفع إلى نحو 17000 مرتزق من الجنسية السورية، من بينهم 350 طفلاً.

ووفق ما جاء في تقارير المرصد، فإن الحكومة التركية لم تكتف فقط بإرسال مقاتلين لديهم الجنسية السورية للمشاركة في القتال في صفوف حكومة الوفاق الليبية، بل قامت أيضا بإرسال أعدادا كبيرة من المقاتلين الأجانب والذين قاتلوا في سوريا خلال السنوات الماضية إلى جانب الجماعات الإرهابية، ومن بينهم المئات من حاملي الجنسية التونسية.

هذا ويعتقد الكاتب ومدير بوابة إفريقيا الإخبارية الليبية، محمد بالطيب، في تصريحات له لسكاي نيوز عربية بأن هؤلاء المرتزقة الذين ينتمون لتنظيمات متطرفة، تحاول تركيا تصريفهم من الجبهة السوريّة، وإخراجهم من مناطقها الأمنية القريبة، وإبعادهم إلى الساحة الليبية لعدّة أسباب: أوّلها، أنها لا تريد إرسال جنودا أتراك للحرب الليبية، وثانيها، هي التخلص من هذه العناصر الخطيرة التي تمثّل قلقا إقليميا كبيرا وتهديدا خطيرا للأمن التركي نفسه، أما ثالثها، فهو مد أذرع عسكريّة في شمال إفريقيا وجنوب المتوسّط، مما يجعلها لاعبا إقليميا مؤثرا في المنطقة، وتوظيف كل ذلك في مصالح سياسية واقتصاديّة.

تهديد حدودي

وكان وزير الدفاع التونسي عماد الحزقي قد أعلن بأن بلاده قامت بمضاعفة الحيطة والحذر، وذلك بعد أن تم رصد تزايد في وتيرة محاولات التسلل من ليبيا، وفي تصريحات صحافية في 18 يوليو المنصرم، قال الحزقي بأن المخاوف التي تثار بخصوص الحدود التونسية مردها الوضع الخطير والاستثنائي في ليبيا التي توجد بها حرب وتدفق كبير للمرتزقة والسلاح، كما أوضح بأن هذا الوضع جعل تونس تضاعف من الحذر والحيطة بانتشار الجيش الوطني على طول الحدود.

وفي هذا الشأن يقول محمد بالطيب: قد لا يبدو خطر هذه الجماعات واضحا بشكل كبير حاليا على كل من تونس والجزائر، لكن مع أي عودة للمعارك وأي تقدّم محتمل للجيش الليبي، ستضيق المساحة بهؤلاء الآلاف من المرتزقة المتطرفين، ولن يجدوا من منافذ غير الحدود التونسية والجزائريّة.

مضيفا: الخطر الأكبر لهذه الجماعات المتطرفة والتي لا يمكنها العودة إلى سوريا ولا الذهاب إلى مكان آخر، يستهدف تونس بالأساس. فوجودهم في منطقة الغرب وفي منطقة نفوذ حكومة الوفاق وميليشياتها يمثل تهديدا كبيرا للأمن القومي التونسي واستنزافا كبيرا للوحدات الأمنية والعسكرية في سعيها المتواصل لحماية الحدود من الاختراقات.

إلى ذلك، فإن ملف المقاتلين التونسيين في سوريا والعراق وليبيا، وطريقة التعامل مع عودتهم، أثار جدلا واسعا خلال السنوات الماضية، في حين يكشف تقرير فريق خبراء الأمم المتّحدة بشأن استخدام المرتزقة، المنشور في يوليوز 2015، عن وجود أكثر من 5000 تونسيّ في ساحات الحرب المختلفة.

ورقة ضغط

وبدوره، يعتقد الباحث التونسي في شؤون الجماعات الإسلامية، هادي يحمد، في تصريحات لسكاي نيوز عربية بأن وجود المقاتلين الأجانب ولاسيما التونسيين منهم والذين جرى نقلهم من شمال سوريا إلى طرابلس سيشكل على المدى المتوسط و القريب مشكلا أمنيا بالنسبة لتونس.

وتابع يحمد حديثه: كل التجارب السابقة التي عاشها التونسيون كمقاتلين أجانب أثبتت أنهم يمثلون مصدر خطر كبير على الأمن القومي التونسي. كل العمليات التي عاشتها تونس ما بعد الثورة وخاصة عملية فندق إمبريال سوسة في صيف 2015، فضلا عن عملية بنقردان الشهيرة، في مارس 2016، أثبتت أن عودة المقاتلين التونسيين للقيام بعمليات إرهابية في بلدهم أمر متوقع .

ويظهر بأن ما تقوم به تركيا من إغراق ليبيا بالمقاتلين الأجانب، ليس هدفه فقط دعم قوات حكومة الوفاق في مواجهة الجيش الوطني الليبي، وإنما هناك أبعاد استراتيجية وراء ذلك.

ويضيف محمد بالطيب: هذه الجماعات يمكن أن تكون أدوات ابتزاز تركية لتونس، وحتى للجزائر وأوروبا. فوجود هذه الآلاف من المقاتلين المدرّبين والمتطرفين والموالين لتركيا بشكل كامل، يعتبر من أهم الأسلحة التي يمكن أن توظفها تركيا في حساباتها الاستراتيجية في المنطقة، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق عملية عسكريّة في المتوسّط تحت مسمى إيريني بهدف محاولة إيقاف الخرق التركي لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا وإرسال المقاتلين.

كما يعتقد هادي يحمد بأن الأمر رهين انفلات الوضع الأمني الداخلي في تونس والموقف السياسي الرسمي التونسي إزاء الصراع المسلح في ليبيا. فلن تتوانى حكومة طرابلس في رأيي في استعمال ورقة المقاتلين التونسيين الذين يقاتلون في صفوفهم في اَي ازمة محتملة مع تونس. الحدود الطويلة بين البلدين و هشاشة الوضع الداخلي في تونس يشيران فعلا أننا نعيش اليوم في سفح بركان مرشح لإطلاق حممه في أي وقت .

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى