سياسة

تونس تحيي الذكرى الـ20 لوفاة مؤسس الجمهورية الحبيب بورقيبة


يحيي التونسيون، اليوم الإثنين، الذكرى الـ20 لوفاة مؤسس الجمهورية الحبيب بورقيبة، الذي اعتلى رئاسة الدولة عام 1957 بعد أن حررها من الاستعمار الفرنسي، ويرون أن هذه الذكرى مناسبة لاستحضار تاريخ بناء دولة الحداثة ضد المنطق الرجعي والقوى الإخوانية الظلامية.

ورغم غيابه عن المشهد السياسي منذ العام 1987، فإن ذكرى الرجل ما زالت تؤثر في المعطى السياسي التونسي وتقسم مكوناته بين معارضين وحلفاء.

ومن بين المؤيدين المؤرخ التونسي الصغير بن مسعود، الذي قال عن بورقيبة (1903- 2000) في وصف مجازي، إنه الوحيد الذي ما زال يحارب الإخوان من قبره عبر منجزاته الثورية كالتعليم والصحة والإصلاح الزراعي وتجفيف منابع الإرهاب.

وقال بن مسعود إن إصدار الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة لـ مجلة الأحوال الشخصية مثّل ثورة في البنية التقليدية للمجتمع التونسي والإرث القبلي لتقسيم المجتمع، مضيفا أن هذه المجلة المنظمة للحياة الاجتماعية ما زالت تمثل دستورا صغيرا للتونسيين رغم محاولات التيارات الدينية إلغاءها بعد سنة 2011، ورغم محاولة نواب حركة النهضة الإخوانية إلغاءها في دستور 2014، وفق ما نقلت العين الإخبارية.

وكانت أحداث ما سمي الربيع العربي في أواخر عام 2010 الشرارة التي أطلقت الأفكار الإخوانية المتشددة في تونس والقاهرة وعدد من الأقطار العربية الأخرى، قبل أن تعود وتنحسر بعد انفضاح أجندتهم التسلطية.

وقد أقرت مجلة الأحوال الشخصية، التي عارضها رجال دين في ذلك الوقت، تنظيم العلاقات الأسرية على أساس القانون وضمان الحقوق الأساسية للمرأة في مختلف مراحل الحياة.

وأكد بن مسعود أن الإرث البورقيبي سيبقى الرافعة الحداثية والمضاد الحيوي ضد بكتيريا الأخونة التي تهدد الدولة، على حد وصفه.

ويرى العديد من المراقبين أنه في ذروة الانتشار الإخواني سنة 2011، استذكرت العديد من القوى السياسية بتونس ضرورة الاستنجاد بالفكر البورقيبي لوقف النزيف وإفشال كل مشاريع التمكين التي حاول زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي نشرها.

والحزب الدستوري الحر، الذي تتزعمه عبير موسى، يعد امتدادا للفكر السياسي البورقيبي، حيث يرفع الشعارات البورقيبية في قلب البرلمان وفي وجه رئيسه الغنوشي، في محاولة منه للتذكير بأن بورقيبة لا يزال حاضرا في مؤسسات الدولة وبين مختلف أركانها.

ونقلت العين الإخبارية عن جيهان العلوي الناشطة بالحزب، أن روح بورقيبة ذات التوجه التحرري والحداثي أصبحت عقيدة وسلاحا في يد التونسيين لمجابهة الخطر الإرهابي والأفكار الظلامية التي حاربها الزعيم التونسي طيلة مسيرته.

وأضافت أن بورقيبة معروف بمعارضته للتعليم التقليدي، حيث ألغى التعليم “الزيتوني” (نسبة إلى جامع الزيتونة الذي اقتصر على التعليم الديني) والاستعاضة عنه بكلية الشريعة وأصول الدين، كما ألغى نظام الأوقاف وفصل الدين عن السياسة وخصص نصف ميزانية الدولة لدعم التعليم العصري وجعله إلزاميا على كل التونسيين.

كل هذه الخطوات في اتجاه الدولة العصرية صنعت الحامض النووي للذهنية التونسية والتي عجزت حركة النهضة عن تغييرها أو تحويل وجهتها، بحسب رأيها.

وخاض الزعيم التونسي صراعات متعددة مع الكيانات التقليدية والدينية طيلة فترة حكمه، حيث كان يعتبر الإسلام السياسي عبارة عن مجموعة من المخربين للدولة وللحضارة العربية الإسلامية، وكان يصفهم بالجراثيم الهدامة في العديد من خطاباته.

كما خاض إخوان تونس، لمحو تأثيره بعد سنة 2011، محاكمة رمزية للرجل، إلا أن قوة الفكرة والعقلانية السياسية التي رسخها جعلت مشروعه السياسي مستمرا عبر الأحزاب الدستورية في تونس.

ويعتبر العديد من المتابعين أن الحل في استدامة الفكر السياسي البورقيبي هو توحيد الأحزاب الدستورية (نسبةً إلى الحزب الدستوري الحر الذي تأسس سنة 1934) وتجاوز الخلافات الداخلية وكسب معركة النور ضد ظلامية الإرهابيين واستراتيجيات الإخوان الماكرة.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى