تونس.. الإخوان سم داخل أجهزة الدولة
لا تزال أذرع إخوان تونس وخلاياهم تسمم القضاء وأجهزة الدولة في محاولة لوأد أدلة إدانتهم باغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد قبل سنوات.
تطورات جديدة في قضية تشير جميع المعطيات المتوفرة إلى أن التنظيم الإرهابي بات مسكونا برعب إدانته عقب سقوط الغطاء عنه باستبعاده من الحكم وشن حملة على أذنابه المنتثرين بمختلف المؤسسات والوزارات السيادية.
لكن، يبدو أن أذرع الإخوان لا تزال قادرة على التسلل إلى أكثر الأماكن حصانة وسرية في المحاكم، لتعبث بالأدلة وتسرقها منعا من فضح دورها أو تورطها في الاغتيالات السياسية التي زلزلت تونس في 2013.
تحقيق
والجمعة، شهدت الجلسة القضائية للنظر في قضية اغتيال بلعيد إعلان ممثل النيابة العامة عن قرارها فتح تحقيق للكشف عن ملابسات اختفاء حوالي 27 قرصا ليزريا خاصا بالمتهم (القاتل) كمال القضقاضي، من غرفة المحجوزات التابعة للمحكمة.
كما طالب عضو فريق الدفاع عن شكري بلعيد، رضا الرداوي، بالتحقيق مع عناصر فرقة مكافحة الإرهاب الذين داهموا منزل الإرهابي رضا السبتاوي بمنطقة وادي الليل في عام 2013.
وسبق أن قال الرداوي إن المدعي العام الأسبق والمعزول البشير العكرمي دلس الحقائق خدمة لحركة النهضة الإخوانية، وأن الأخير كان الحامي لجرائمها.
وأوضح أنه لم تكن هناك إرادة واضحة لكشف حقيقة الاغتيال ومعرفة من خطط ودبر ونفذ للعملية ومحاسبة المتورطين، حيث تم تفكيك الملف إلى عدة ملفات فرعية لتشتيت حقيقة الاغتيال وعدم كشف المتورطين الذين ينتمون لحركة النهضة وعلى رأسهم زعيمها راشد الغنوشي.
وبحسب الرداوي، فإن حادثة اقتحام منزل الإرهابي رضا السبتاوي وقتل زوجته من قبل عناصر من فرقة مكافحة الإرهاب كانت مفتعلة، وتم خلالها تدليس الحقائق.
ولفت إلى أن العناصر الأمنية قالت إنها قتلت زوجة الإرهابي لأنها كانت تحمل سلاحا من نوع كلاشينكوف وأطلقت عليهم النار، والحال أنه حين تمت مداهمة المنزل ومعاينته من قبل حاكم التحقيق تبين أنه لا يوجد سوى سلاح كلاشينكوف معطل.
وأشار إلى أن الهدف من ذلك كان جر السلفيين وتحديدا تنظيم “أنصار الشريعة” لاغتيال شكري بلعيد.
وأكد أن كمال القضقاضي (القاتل) وأبو عياض (زعيم أنصار الشريعة المحظور) اجتمعا في 20 يناير/ كانون ثاني 2013 وقررا اغتيال بلعيد ثأرا لمقتل محرزية بن سعد زوجة رضا السبتاوي القيادي في التنظيم المسؤول عن إدخال الأسلحة من ليبيا إلى تونس.
وبعد نحو عام من اغتيال بلعيد، قتل القضقاضي خلال مواجهات مع الشرطة بمنطقة رواد قرب العاصمة تونس، في عملية لمكافحة الإرهاب، مع 6 إرهابيين آخرين.
ليست الأولى
وسرقة محجوز من المحكمة ليست الأولى من نوعها حيث سبق أن كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي (الأخير قيادي قومي اغتيل في 2013″، في فبراير/ شباط 2020، عن جملة من السرقات تعلقت بمحجوز (أدلة) يتعلق بالاغتيالات
وتتمثل أساسا في حاسوب الإرهابي أحمد الرويسي، بالإضافة إلى اختفاء محاضر وصور وقرص مضغوط يتعلّق بملف المتهم عامر البلعزي وتحديدا بمعاينة عملية البحث عن الأسلحة المستخدمة في اغتيال بلعيد والبراهمي، والتي اعترف البلعزي أنه تخلّص منها برميها في البحر.
والرويسي تونسي امتهن العِرافة وتجارة المخدرات، وبنى علاقات وطيدة مع بعض أركان النظام التونسي السابق، ثم ارتقى به الحال “أميرا” بداعش في ليبيا وتونس، وكان أهم المطلوبين للسلطات التونسية بوصفه “الصندوق الأسود للإرهاب”، إلى أن قتل في اشتباكات بليبيا 2015.
وعامر البلعزي الذي ورد اسمه في الأبحاث المتعلقة باغتيال بلعيد والبراهمي هو من ألقى في البحر المسدسين اللذين استعملا في عملية الاغتيال وذلك وفقا لاعترافاته.
وسبق أن أعرب الرئيس التونسي قيس سعيد، عن أسفه “لاختفاء ملفات ومؤيدات في أغابير المحاكم”، لافتا إلى أن “المحاكمات في بلادنا تستمر لعقود”.