تحقيقات

توقيف خلية تابعة لحماس في ألمانيا.. والتحقيقات تكشف جذور الفكر الإخواني وراء التطرف


في تطور أمني لافت، أعلنت السلطات الألمانية اليوم عن توقيف ثلاثة أشخاص يشتبه في ارتباطهم بحركة حماس، بعد أن كشفت التحقيقات عن قيامهم بمحاولات شراء أسلحة وذخائر بهدف تنفيذ عمليات ضد مؤسسات يهودية وإسرائيلية داخل الأراضي الألمانية.

النيابة العامة الألمانية أوضحت في بيانها أن الموقوفين كانوا على تواصل مباشر مع عناصر من الحركة خارج ألمانيا، وأنهم سعوا للحصول على معدات عسكرية لاستخدامها في “عمليات انتقامية” تم التخطيط لها منذ أسابيع. التحقيقات ما زالت جارية لمعرفة ما إذا كانت هذه الخلية تعمل بشكل مستقل أو ضمن شبكة أوسع مرتبطة بتنظيمات متطرفة أخرى.

الخبر أثار قلق الأوساط السياسية والأمنية في برلين، إذ يأتي في ظل تزايد التحذيرات من نشاط الجماعات الإسلامية المتشددة على الأراضي الأوروبية، وعلى رأسها التنظيمات التي تحمل فكر الإخوان المسلمين، والتي يرى خبراء أنها تمثل الحاضنة الأيديولوجية لحركات مثل حماس.

ويشير مراقبون إلى أن حركة حماس، التي تأسست في أواخر الثمانينيات كفرع فلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، لا تتحرك بمعزل عن التوجهات الفكرية والسياسية للتنظيم الأم. فالعلاقة بين الطرفين ليست مجرد تعاون سياسي، بل ارتباط أيديولوجي وثيق يقوم على فكرة “الجهاد” كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، وتوظيف الدين لتبرير العنف.

التقارير الاستخباراتية الأوروبية لطالما حذّرت من أن الخطاب الديني المتشدد الذي تنشره بعض الجمعيات والمراكز التابعة للإخوان في أوروبا يساهم في خلق بيئة فكرية تغذي التطرف، وتفتح الباب أمام تجنيد الشباب في أنشطة عنيفة. ويقول خبراء أمنيون إن حماس تستفيد من هذا المناخ لتوسيع شبكاتها، وجمع التمويل، ونشر دعايتها السياسية تحت غطاء النشاط الخيري أو الدعوي.

السلطات الألمانية، من جانبها، شددت على أنها لن تتهاون مع أي نشاط يهدد أمن الدولة أو يعكر السلم الاجتماعي، مؤكدة أن حرية المعتقد لا تعني التساهل مع أي فكر يدعو للعنف أو يحرض على الكراهية.
وفي هذا السياق، دعت وزيرة الداخلية الألمانية إلى تعزيز الرقابة على الجمعيات الدينية التي تتلقى تمويلًا من الخارج، مشيرة إلى أن “ألمانيا دولة حريات، لكنها لن تسمح بأن تُستغل تلك الحريات لتقويض أمنها”.

سياسيون ألمان اعتبروا أن هذه الحادثة تؤكد مجددًا الحاجة إلى مراجعة شاملة للخطاب الديني الإسلامي داخل أوروبا، والعمل على دعم الأصوات المعتدلة التي تدعو إلى التعايش والمواطنة، في مقابل الجماعات التي تسعى لزرع الانقسام واستيراد الصراعات من الشرق الأوسط إلى الداخل الأوروبي.

ويرى محللون أن حماس تحاول، من خلال شبكاتها الخارجية، نقل الصراع من الشرق الأوسط إلى أوروبا، مستفيدة من التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية، لكنها في الوقت نفسه تخلط بين المقاومة المشروعة والعمل الإرهابي. فاستهداف المدنيين أو المؤسسات الدينية اليهودية، بحسب المراقبين، لا يمكن أن يُبرر بأي شكل من الأشكال، بل يضر بصورة الفلسطينيين أنفسهم ويمنح المتطرفين في الجانب الآخر ذرائع لمزيد من العنف.

وفي قراءة أوسع، يرى الخبراء أن أوروبا تواجه اليوم تحديًا معقدًا: كيف يمكنها أن تحافظ على قيمها الديمقراطية وحرية المعتقد، وفي الوقت نفسه تتصدى لخطاب الكراهية الذي ينشره تنظيم الإخوان المسلمين وحلفاؤه؟ فالمشكلة، كما يقول المتخصصون، ليست في الإسلام كدين، بل في توظيف الدين لخدمة مشاريع سياسية تتعارض مع قيم الديمقراطية والتعايش.

المشهد الألماني، إذًا، ليس حادثًا معزولًا، بل جزء من صورة أوسع تتكرر في عدد من الدول الأوروبية، حيث تعمل بعض الجماعات ذات التوجه الإخواني على إنشاء شبكات نفوذ دينية وسياسية، تحت غطاء من الشرعية القانونية، لكنها في الواقع تسعى إلى تشكيل مجتمعات موازية داخل أوروبا.

وفي ختام هذا التقرير، يرى مراقبون أن حادثة توقيف الخلية المشتبه بانتمائها لحماس تشكل جرس إنذار جديدًا للحكومات الأوروبية بضرورة التحرك الحازم ضد كل من يحاول استخدام الدين كأداة سياسية أو غطاء للإرهاب. فمواجهة التطرف لا تكون فقط عبر الأمن، بل أيضًا عبر تفكيك الفكر الذي يغذيه، ووقف التمويلات الخارجية، ودعم الأئمة والمراكز الدينية التي تروج لخطاب الاعتدال والتسامح.

بهذا الحدث، تعود حركة حماس إلى دائرة الضوء الأوروبية، لا من بوابة السياسة، بل من باب الإرهاب الذي لا يميز بين الأديان ولا بين الدول.
ألمانيا اليوم تفتح ملفًا حساسًا، وأوروبا كلها تراقب: هل ستنجح في كبح تمدد التطرف الإخواني – الحمساوي، أم أن القارة ستواجه موجة جديدة من العنف الممول فكريًا من الشرق الأوسط؟

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى