سياسة

توتر في العلاقات الفرنسية-الجزائرية.. اليمين الفرنسي يفاقم الأزمة الدبلوماسية


 صادق البرلمان الفرنسي اليوم الخميس على مشروع قانون لإسقاط اتفاقية الهجرة مع الجزائر لعام 1968، في خطوة تأتي مدفوعة بشكل أساسي من قبل أحزاب اليمين واليمين المتطرف الفرنسية، التي تعتبر الاتفاقية امتيازًا مكلفًا للجزائريين في فرنسا. وينذر هذا التطور بدخول الأزمة الدبلوماسية بين البلدين نفقاً مظلماً يصعب الخروج منه.

وصوت 185 نائباً لصالح المقترح الذي قدمه حزب التجمع الوطني، وحظي بمساندة من نواب حزبي “الجمهوريون” وحزب “آفاق”، في حين عارضته أحزاب اليسار والأغلبية الرئاسية والحكومة.

مزايا الاتفاقية ومبررات الإلغاء

وتمنح الاتفاقية المهاجرين الجزائريين امتيازات خاصة مقارنة بمهاجري الجنسيات الأخرى، ومن أبرزها: تصريح إقامة قد يصل إلى عشر سنوات يُمنح بشروط مُيسرة، تسهيل إجراءات جمع شمل العائلة والإقامة، وإمكانية تأسيس نشاط تجاري أو ممارسة مهنة حرة.

ويرى اليمين المتطرف، وجزء من اليمين التقليدي، أن الاتفاقية تمثل “عبئاً اجتماعياً وإدارياً” و “إرثاً استعمارياً” يجب إنهاؤه، مستغلين ملف الهجرة لأغراض سياسية داخلية.

وفي المقابل، يشير بعض المحللين والمسؤولين الفرنسيين، بمن فيهم شخصيات في المعسكر الرئاسي، إلى أن إنهاء الاتفاقية هو محاولة من اليمين الفرنسي للاستفزاز، ويرفضون فكرة الإلغاء الشامل محذرين من تداعياته السلبية على مصالح البلدين.

تداعيات منتظرة 

ويُنتظر أن ترد الجزائر بإجراءات تصعيدية في إطار المعاملة بالمثل بما يشمل إلغاء اتفاقيات وبروتوكولات مع فرنسا، أو حتى اللجوء إلى خيارات أشد مثل قطع العلاقات الدبلوماسية.

وعلى امتداد الأعوام الماضية، لم تغادر العلاقات الفرنسية الجزائرية مربع التوتر بسبب عدة ملفات شائكة، من بينها ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية وقضية الهجرة، حيث تتهم باريس السلطات الجزائرية بعدم التعاون في قبول عودة رعاياها الذين صدرت بحقهم أوامر بالترحيل، سواء كانوا مهاجرين غير نظاميين أو متهمين بجرائم. وترد الجزائر بالاحتجاج على ما تصفه بأنه “لجوء مفرط وتعسفي” للترحيل.

وتتشابك أزمة الهجرة مع ملفات أخرى، مثل قضية بوعلام صنصال الكاتب الفرنسي من أصل جزائري الذي يقضي عقوبة سجنية إثر اتهامه بالمساس بوحدة الوطن على خلفية تصريحاته التي أكد فيها مغربية أراض انتزعت من المملكة تحت الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.

وترفض السلطات الجزائرية ما تعتبره “تدخلاً” فرنسياً في شؤونها، مثل احتضان باريس لحركات تطالب بالانفصال ومن بينها حركة تقرير مصير منطقة القبائل “الماك”، المصنفة إرهابية في الجزائر، حيث يرى المحللون أن هذا يُستخدم عمداً لـتعطيل أي مسعى للتهدئة.

آفاق الحل والتسوية

وبالرغم من التصعيد العلني، هناك دعوات لاستئناف الحوار المباشر بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وعبدالمجيد تبون، ربما على هامش القمم الدولية مثل قمة العشرين المقبلة، وهو ما يُعتبر السيناريو الأكثر واقعية لمعالجة الأزمة.

ويقرّ مسؤولون فرنسيون سابقون، مثل دومينيك دو فيلبان، رئيس الوزراء الأسبق، بوجود “أمل كبير” في الأوساط الفرنسية بخصوص تسوية الأزمة والعمل على بناء شراكة في مجالات حيوية مثل النمو والاستقرار في أفريقيا.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى