تمويل الإرهاب في أفريقيا.. كيف تزدهر شبكات داعش والقاعدة على ضفاف نهر العطش؟
يعتمد تنظيما القاعدة وداعش الإرهابيان على أفقر قارات العالم؛ أفريقيا، في تمويل شبكة واسعة من عناصرهما، على ما أظهرت بيانات أممية.
وبات الصومال، الدولة الفقيرة، مصدرًا رئيسيًا لأغنى فروع تنظيم القاعدة الإرهابي، حركة “الشباب“. كما أن مكتب “الكرار” التابع لـ”داعش” في الصومال هو الأكثر إدرارًا للمال.
واحتفظ التنظيمان الإرهابيان بـ”القدرة على الوصول إلى روافد متينة للإيرادات”، على الرغم من قيود مكافحة الإرهاب، وذلك وفقًا لتقرير أممي أعده فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات بشأن “داعش” و”القاعدة”، وعُرض على مجلس الأمن الشهر الماضي، واطلعت “العين الإخبارية” على نسخة منه.
-
تصاعد خطر هروب الإرهابيين من سجون غرب أفريقيا.. الأسباب والتداعيات
-
أفريقيا… بين الجماعات الإرهابية والأطماع الدولية
وفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات يتبع لجنة أنشأها مجلس الأمن الدولي، مهمتها تنفيذ القرارات المتخذة بشأن تنظيمي “داعش” و”القاعدة” وما يرتبط بهما من أفراد وكيانات ومؤسسات وجماعات.
وأورد التقرير الأممي عدة مصادر لتمويل التنظيمات الإرهابية، أبرزها الابتزاز، والتجارة غير المشروعة، والنهب، والتبرعات، كما حدّد بالأرقام الإيرادات المحتملة لعدد من الجماعات الإرهابية، وأعلاها، حسبما ورد فيه، حركة “الشباب” في الصومال.
ولم يوضح التقرير مدى الارتباط المالي بين فروع التنظيمين في مختلف مناطق العالم، فقد أشار إلى الحظوة التي بات يتمتع بها فرع “داعش“، خصوصًا في الصومال، بقيادة المشرف على “مكتب الكرار”، عبدالقادر مؤمن، مما يوحي باستخدام المال للحصول على تلك الحظوة.
-
امتداد الإرهاب في أفريقيا… أسباب الانتشار وطرق المواجهة
-
ارتفاع عدد العمليات الإرهابية في غرب أفريقيا.. التفاصيل؟
القدرات المالية لـ”داعش“
وفقًا للتقرير، احتفظ تنظيم “داعش” بالقدرة على الوصول إلى نحو 10 ملايين دولار في سوريا والعراق، (لم يحدد التقرير المدى الزمني لجمع هذا المبلغ).
وأفاد بأن بعض المكاتب الإقليمية لديها نحو مليون دولار من الاحتياطات، علمًا بأن التنظيم أمر الجماعات المنتسبة إليه بالاعتماد على مصادر إيراداتها الخاصة.
وفي مقابل فقدان الاحتياطيات والقدرة على توليد الأموال في العراق وسوريا، صعدت الفروع الأفريقية، لا سيما تلك الموجودة في الصومال ومنطقة الساحل.
-
تزايد نشاط الإرهاب في أفريقيا.. ما التداعيات وما الحلول؟
-
هل يشكل عام 2025 نقطة تحول في مواجهة الإرهاب الذكي
القدرات المالية لـ”القاعدة“
حسب التقرير، يواجه تنظيم “القاعدة” صعوبات مالية فاقمت من تأخره في دفع الرواتب، خصوصًا في معاقله التقليدية وفي اليمن. لكن، في المقابل، زادت تقديرات الإيرادات السنوية لحركة “الشباب” في الصومال، حيث تراوحت بين 100 مليون و200 مليون دولار سنويًا.
ولاحظت عدة دول أن حركة “الشباب” ربما تكون قد جمعت قدرًا أقل من الأموال من مقديشو بسبب تزايد الرقابة المالية التي تمارسها حكومة الصومال، لكن ذلك لم يؤثر على قدرتها على تحصيل الإيرادات في أماكن أخرى.
وتشير التقديرات إلى أن الحركة تنفق نحو 70% من إيراداتها على العمليات، وحوالي 30% على الاستثمارات.
-
مجلس الأمن يناقش أزمة أفريقيا.. مخاوف من عودة «الإبادة الجماعية»
-
اختفاء في «مثلث الموت» بغرب أفريقيا: تزايد تهديدات الإرهاب في المنطقة
مصادر التمويل
أولا: الابتزاز والنهب
وفقا للتقرير، شكلت الأساليب التقليدية لجمع الأموال مثل الاختطاف طلبًا للفدية والابتزاز وفرض الإتاوات على المجتمعات المحلية واستغلال الموارد الطبيعية .والسرقة أجزاءً كبيرة من إيرادات تنظيمي “داعش” و “القاعدة”، ومن أمثلة ذلك:
- “القاعدة” في اليمن يعتمد بشكل أساسي على الاختطاف طلبًا للفدية.
- حركة الشباب بالصومال قامت بعمليات قرصنة على طول سواحل خليج عدن وقبالة سواحل الصومال، كما اعتمدت على إصدار لوحات السيارات والتسجيل في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
- وفي جنوب الصومال، تفرض “الشباب” إتاوات على الرعاة. وتستولي على جمل واحد مقابل كل 20 بعيرا يملكونها، كما تفرض إتاوات على متاجر الجملة تتراوح بين 120 و160 دولارًا شهريًا، وعلى محلات البيع بالتجزئة تتراوح بين 60 و100 دولار، ومن كل شاحنة صغيرة 180 دولارًا ومن كل شاحنة كبيرة 260 دولارًا، مقابل اجتياز نقاط تفتيشها.
- كما تطالب الحركة شيوخ العشائر بدفع إتاوة تتراوح بين 15 و20 ألف دولار شهريًا. فضلًا عن مبالغ تستولي عليها من الشركات ورواد الأعمال.
- أما “داعش” في اليمن، فقد أصبح يعتمد بشكل متزايد على الابتزاز.حيث يستهدف أصحاب المصانع والرعاة في المناطق النائية، مطالبًا إياهم بدفع إتاوة مقدارها 400 دولار عن كل 100 رأس ماشية.
-
شلالات الدم في نيجيريا: 81 قتيلاً تكشف بصمات الإرهاب المتجدد
-
آثار الإرهاب على المجتمع: بين الخوف والتفكك الاجتماعي
- ويلجأ “داعش” إلى سرقة الماشية في حوض بحيرة تشاد وبيعها في الأسواق المحلية.
- أما جماعة “بوكو حرام” (التابعة لـ”داعش”). فتجمع إتاوات تتراوح بين 4 و5 أبقار عن كل 120 بقرة، كما تُجبر الرعاة على دفع مبالغ تتراوح بين 5 آلاف و30 ألف نيرة لكل قطيع من البقر، ومن ألفين إلى 10 آلاف نيرة لكل قطيع من الغنم أو الماعز للوصول إلى المراعي، علمًا بأن هذه الرسوم ليست ثابتة، بل يمكن تعديلها حسب الحاجة إلى الأموال. كما باعت “بوكو حرام” خردة معدنية، من بينها طن من خردة الحديد بمبلغ 450 ألف نيرة، وخردة الألمنيوم بمبلغ 650 ألف نيرة للطن الواحد.
- وتعد جماعة “بوكو حرام” تنظيمًا إرهابيًا ينشط في نيجيريا خصوصًا، وقد نشأ كفرع للقاعدة. ثم بايع “داعش”، قبل أن ينشق منه مسلحون بايعوا القاعدة، لكن التقرير تحدث عن فرع “داعش”.
- وفي سوريا، يستهدف “داعش” العديد من شاحنات الوقود في محافظة دير الزور لجمع الأموال عن طريق ابتزاز تجار النفط.
-
التجنيد الإلكتروني: كيف تجذب الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة الذئاب المنفردة
-
خبير يوضح: كيف يهدد تصاعد الإرهاب في أفريقيا أمن أوروبا؟
- وفي موزمبيق، أقدم تنظيم “أهل السنة والجماعة” (المرتبط بـ”داعش” ويقوده التنزاني “أولانغا”، الملقب بـ”أبوزينب”، بينما يقود عملياته رجل يُدعى فريد سليمان هاروني) على عمليات سطو ونهب بسبب ما تعانيه عناصره من الجوع. وأكدت عدة دول أنه منذ يوليو/تموز الماضي. نفّذ التنظيم “غارات عنيفة وأعمال نهب مفرطة” استهدفت إمدادات الأغذية في مناطق نفوذه.
ثانيا: التجارة غير المشروعة والتهريب
رصد التقرير تعاون “داعش” و”القاعدة” مع شبكات الجريمة المنظمة أو استخدام أساليبها، ومن أمثلة ذلك الآتي:
-
لماذا تتزايد مخاطر الإرهاب في القارة الإفريقية؟
-
مرور عام على انقلاب النيجر: السيادة ومواجهة الإرهاب في المقدمة
- فرع “القاعدة” في اليمن لجأ في الآونة الأخيرة إلى تأسيس مشاريع تجارية في مجالات العقارات وتجارة السيارات، فضلًا عن الاتجار بالأسلحة والتزوير.
- وفي ليبيا، يمارس فرع “القاعدة” الاتجار غير المشروع بالموارد.
- قامت شبكة تهريب مرتبطة بـ”داعش” بدور رئيسي في عمليات تهريب البشر، إذ قدّمت المساعدة اللوجستية لأفراد في تركيا، بتوجيه من ميسّر لـ”داعش” يُدعى آدم خميرزاييف.
- أما فرع “داعش” في ليبيا، الذي يتألف من 100 إلى 200 عنصر منتشرين في خلايا صغيرة بمنطقة فزان في جنوب البلاد، فهو أحد “الجهات الفاعلة في جرائم تهريب الأسلحة والمخدرات والوقود واستغلال مناجم الذهب”، وفقًا للتقرير.
- وتستخدم “داعش” و”القاعدة” دور صرف العملات الأجنبية في حوض بحيرة تشاد لغسل الأموال.
- كما لاحظت عدة دول أن الجماعات الإرهابية تستغل التراث الثقافي والأثري. لا لبيعه فحسب، بل أيضًا لتحصيل إتاوات مقابل منح إذن بالتنقيب.
-
الولايات المتحدة تعاني من الفشل مع انتشار الإرهاب في غرب أفريقيا
-
تطبيق “تندر”.. نسخة داعشية مسمومة تمول الإرهاب بأفريقيا
ثالثا: التبرعات
تلقت الجماعات المنتسبة إلى “داعش” و “القاعدة” تبرعات من مانحين أثرياء وأرباب أعمال تجارية، من أمثلة ذلك:
- في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ألقت أجهزة الأمن الليبية القبض على مواطنين تونسيين حولوا أموالاً إلى تنظيم “داعش” في سوريا، لتسهيل نقل المقاتلين من هناك إلى مالي عبر ليبيا.
- أُلقي القبض على أبو بكر صوالح، في زامبيا وهو ممول رئيسي لـ”القوات الديمقراطية المتحالفة” (مرتبطة بداعش)، وسُلِّم إلى أوغندا، وُجِّهت إليه تهمتا “تمويل الإرهاب” و”تقديم الدعم لتنظيم إرهابي”.
- كان صوالح حول أموالا استخدمت في التفجيرات الانتحارية الثلاثية التي وقعت في كامبالا في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
-
سوريا والعراق الأكثر تضررا من الإرهاب حسب المؤشرات العالمية
-
كيف استغلت الجماعات الإرهابية النساء؟.. أبرز العوامل والتكتيكات
- في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فككت أجهزة الأمن التركية شبكة في أنقرة وإسطنبول وإزمير، كانت تقدم الدعم المالي لتنظيم “داعش”.
- اعتمد تنظيم داعش في جنوب آسيا وآسيا الوسطى وأفغانستان بشكل متزايد على جمع التبرعات باستخدام العملات المشفرة.
- أدار أفغاني يُدعى قاري رفيع الله الشؤون المالية للتنظيم في أفغانستان، ولوحظ أنه استخدم نفس رموز الاستجابة السريعة (QR) والعناوين الافتراضية بشكل متكرر. مما يدل على سهولة استخدام التنظيم للعملات المشفرة.
-
الشرق الأوسط يشهد تنامي غير مسبوق للنشاط الإرهابي
-
من كابول إلى موسكو: رحلة الإرهابي الأول التي هزّت العالم
تحديات تجفيف مصادر التمويل
حدد التقرير تحديات عدة تقف حجر عثرة أمام تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، ومنها:
- تزايد استخدام العملات المشفَّرة من قبل داعش والقاعدة. ولا سيما التي تحسن إخفاء الهوية، لذا اتخذت عدة دول إجراءات صارمة ضد المعاملات التي تتم بها. وفي عام 2024، نفذت تركيا عمليات أسفرت عن اعتقال أكثر من 80 شخصًا ومصادرة أكثر من 680 ألف دولار، بينها محافظ افتراضية غير متصلة بالإنترنت.
- عدم كفاية التقارير المقدمة من الدول إلى اللجنة التابعة لمجلس الأمن المعنية بتنفيذ قراراته بشأن التنظيمين.
- على الرغم من تشجيع مجلس الأمن جميع الدول على تزويده بطلبات لإدراج أسماء الأفراد والكيانات الذين يقدمون الدعم إلى التنظيمين في قائمة الجزاءات. تلقت اللجنة 6 طلبات فقط للإدراج بالقائمة خلال الفترة من بداية يوليو/تموز وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضيين.
- عدم تبادل الدول المعلومات الخاصة بعناوين المحافظ الرقمية ذات الصلة بالكيانات المدرجة في قائمة الجزاءات.
- عدة دول أعربت عن قلقها من انعدام العناصر المحددة للهوية. واحتمال وجود أخطاء في كتابة أسماء عناصر داعش والقاعدة، وإحجام بعض الدول عن تبادل المعلومات بشأن الأفراد المدرجين في قائمة الجزاءات.
-
جهود الصومال بمساعدة الإمارات في مواجهة الإرهاب
-
ذئاب الإرهاب في أمريكا: من هم وما هي أنشطتهم؟
-
داعش والقاعدة بأفريقيا.. ما الجديد؟