تسعى فرنسا إلى طيّ صفحة التوتر مع المغرب وإعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين .التي شهدت خلال الآونة الأخيرة بداية الخروج من مربع الجمود مع تعيين الرباط لسفيرة لدى فرنسا .بعد أيام من تسلّم العاهل المغربي الملك محمد السادس لأوراق اعتماد السفير الفرنسي بالمغرب. فيما يؤشر التحوّل في الموقف الفرنسي إلى اقتناع باريس بأهمّية التعاون مع المملكة. التي تعدّ شريكا موثوقا للاتحاد الأوروبي بالنظر إلى الدور الوازن الذي تلعبه في المنطقة .وهو ما يدفع فرنسا إلى إنهاء ترددها بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء على غرار العديد من الدول.
وأشار تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية بعنوان “العلاقات بين المغرب .وفرنسا تخرج من مرحلة الجمود” إلى أن “باريس راجعت الكثير من تصرفاتها تجاه المملكة إلى درجة الشعور .بالندم على أشكال “العنجهية”. التي تم التعامل بها مع المملكة. وهو ما يدور صداها حاليا داخل سفارة فرنسا بالرباط. وسط قناعة بأنه لم يعد من الممكن التعامل مع المغرب بالمنطق القديم”. وفق موقع “الصحيفة” المغربي.
وكشفت أن “ذوبان الجليد الذي تراكم على العلاقات الدبلوماسية بين المغرب .وفرنسا ينتظر أن يكون بطيئا وتدريجيا”. لافتة إلى أن “العمل على ذلك من طرف دبلوماسية باريس .يتم بحذر دون أي شعور بالانتصار ومع الحفاظ على التواضع”.
وبات الدبلوماسيون الفرنسيون على اقتناع تام .بأن باريس مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتدارك سوء التقدير .الذي أدى إلى توتر العلاقات مع المغرب ومن بينها التصرّف الذي صدر عن الرئيس. إيمانويل ماكرون بمخاطبته للشعب المغربي إثر زلزال الحوز في خرق واضح للأعراف الدبلوماسية. مثيرا انتقادات دولية واستياء .وتنديدا واسعين في صفوف المغاربة الذين رفضوا ما اعتبروه “استعلاء” .وحنينا إلى الفترة الاستعمارية.
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني أكد السفير الفرنسي بالمغرب .كريستوف لوكورتيي في تصريح إذاعي أن “بلاده حليف دائم ووفي ومبدع وديناميكي للمغرب”. معلنا “رفع جميع القيود التي سبق أن فرضتها باريس على إصدار التأشيرات لصالح المغاربة”.
وينظر المغرب إلى باريس على أنها أساءت التقدير بعدم إعلانها عن موقف واضح من مغربية الصحراء .مثل العديد من الدول الأوروبة. ومن بينها مدريد وألمانيا وهولندا التي أيدت مقترح الرباط للحكم الذاتي تحت سيادة المملكة لحل النزاع المفتعل.
وتسبب تردد باريس في الاعتراف بمغربية الصحراء .تفاديا لغضب الجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية وتوفر الغطاء السياسي لأنشطتها العدائية في تأزيم العلاقات مع الرباط. بينما انتقد دبلوماسيون فرنسيون سابقون في وقت سابق تذبذب سياسات ماكرون في التعاطي مع الشركاء .وفي مقدمتهم الشريك المغري. الذي يحظى بثقة واسعة من الفاعلين الدوليين.
وتعيش فرنسا حالة من العزلة في أفريقيا وتسعى إلى تغيير سياساتها في المنطقة في ظل تنامي موجة العداء تجاهها. فيما خسرت نفوذها في منطقة الساحل وغرب أفريقيا. بعد أن قررت المجالس العسكرية التي تشكلت في مالي والنيجر وبوركينا فاسو .والغابون تعليق أو إلغاء الاتفاقيات العسكرية مع باريس ودعوتها لسحب قواتها.