تقرير دولي يكشف عن معاناة عمال مونديال قطر 2022
كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، معاناة عمال وموظفين في مشاريع تتعلق بكأس العالم الذي ستستضيفه قطر في 2022، من تأخر أجورهم لأشهر، وقد اعتبرت بأن السلطات القطرية مهتمة بالترويج لقوانين حماية العمال الوافدين لديها أكثر من إنجاحها.
وقد جاء في التقرير بأن السلطات القطرية لم تحل مشكلة تأخير دفع أجور الموظفين من قبل أحد أصحاب العمل، بالرغم من أن نظام حماية الأجور لعام 2015، قد أنشئ لضمان دفع أصحاب العمل أجور موظفيهم في الوقت المحدد وبالكامل.
ويفترض بأن يسمح نظام حماية الأجور الحكومي، الذي صمم لضمان حصول العمال على رواتبهم عن طريق التحويل المصرفي المباشر في اليوم السابع من كل شهر، للحكومة بمراقبة مدفوعات الأجور، ولوزير العمل بفرض عقوبات على الشركات وأصحاب العمل الذين لا يمتثلون.
غير أن صاحب عمل قطري لم يدفع رواتب موظفيه الإداريين لمدة 5 أشهر، وعماله لمدة شهرين، ليحتج العمال على هذا الوضع بشكل علني. وقد قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، مايكل بيج: سنت قطر بعض القوانين لحماية العمال الوافدين، لكن يبدو أن السلطات مهتمة بالترويج لهذه الإصلاحات الطفيفة في وسائل الإعلام أكثر من إنجاحها. ينبغي للفيفا والحكومة القطرية ضمان أن يدفع أصحاب العمل الأجور المتأخرة فورا ويغرموا حسب الاقتضاء.
حيث أن صاحب العمل يشغل أكثر من 6 آلاف عامل، ولديه أيضا أكثر من 25 مشروعا حاليا في قطر، من بينها ملعبا في الدوحة سيستضيف مباريات كأس العالم 2022، إلى جانب الشوارع المحيطة بالملعب، ومشروع بناء طريق يربط مناطق وسط الدوحة بعدة ملاعب ستستضيف المونديال.
وقد تبنت اللجنة العليا للمشاريع والإرث شبه الحكومية التي تنظم كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر تدابير لحماية العمال في ورش بناء كأس العالم، ووضع قواعد صارمة للمتعاقدين. كما تتطلب القواعد إنشاء لجان رعاية للعمال للإبلاغ عن الانتهاكات في هذه المواقع.
ورغم ذلك فإن العديد من الموظفين الإداريين لدى صاحب العمل هذا قد تلقوا أجور 5 أشهر مستحقة في 13 فبراير، في حين يتوقع من لم يتلقوها بعد، أن يحصلوا عليها في 16 فبراير.
وقد تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 11 عاملا لدى صاحب العمل هذا (7 إداريين و3 عمال وإداري سابق)، حيث تلقوا أجورا مستحقة عن شهرين في 7 فبراير. كما استعرضت المنظمة الوثائق ذات الصلة، بما فيها 5 مذكرات رسمية تطلب من موظفي الإدارة مواصلة العمل للحفاظ على سمعة صاحب العمل.
وقد قال من جانبهم موظفو الإدارة السبعة جميعهم بأن صاحب العمل قد تخلّف عن دفع أجور ما لا يقل عن 500 من الموظفين الإداريين، مثل المهندسين والمسّاحين والمشرفين منذ سبتمبر 2019، وقد اعتبرت المنظمة بأنه رغم أن هذه المشكلات تتعلق بصاحب عمل واحد، غير أنها تكشف عن عيوب منهجية تؤثر على جميع أصحاب العمل العاملين في قطر.
تهديد للعمل دون أجر
ويتضمن أيضا تقرير المنظمة الدولية، بأن موظفي الإدارة قد أكدوا بأنهم استمروا في العمل دون أجر تحت تهديد الخصم، حتى قرر العديد من الموظفين التوقف عن العمل حتى يتلقوا أجورهم.
وقد وجه صاحب العمل وإدارته العليا تهديدات لإبقاء العمال يعملون طوال شهري ديسمبر ويناير. وقد بقي العمال في أماكن سكنهم التي يوفرها صاحب العمل، وحصلوا على وجبات منتظمة، بينما يرتب موظفو الإدارة شؤون سكنهم بأنفسهم.
وقد قال أحد المسّاحين (32 عاما) وقد حصل على راتب 4 أشهر في 13 فبراير: كنت بائسا جدا، وزوجتي ستنجب طفلا قريبا. كان من المفترض أن نذهب إلى الهند لولادتها، بدلا من ذلك، لم يكن لدي أي أموال لأعيش فيها في قطر، وأنا مدين بآلاف الريالات، وهناك حظر سفر محتمل عليّ [بسبب التخلف عن سداد قرض بنكي]. كيف حدث هذا لي؟، مضيفا: سأذهب الآن وأسدد شهورا من المستحقات للبنك ومالك العقار وصاحب محل البقالة الذي يمنحنا الخضروات بالدَين.
هذا ويحظر على العمال الوافدين بموجب القانون القطري، الانضمام إلى النقابات والمشاركة في الإضرابات، وبذلك فإن العمال الذين لم يتلقوا أجورا واحتجوا على ذلك، عرضوا أنفسهم لخطر الاعتقال.
وقال من جانبه عامل هندي يعمل في مشروع بناء الطرق مقابل الحد الأدنى للأجور (206 دولارات أميركية في الشهر): كنا خائفين من التوقف عن العمل والاحتجاج، لكن عائلاتنا في الوطن كانت تتضور جوعا، لذا أغلقنا الطريق الرئيسي قرب سكننا.
وقد احتج الموظفون الإداريون خارج أحد مكاتب مشاريع صاحب العمل الكثيرة في الدوحة، في 9 فبراير، حيث ذكر بعضهم لهيومان رايتس ووتش بأن مسؤولي الحكومة والشرطة قد تدخلوا، ووعدوا شفهيا بسداد الأجور الفوري، كما أعادوا المتظاهرين إلى منازلهم، وقد أُرسلت أجور سبتمبر إلى حساباتهم المصرفية في ذلك اليوم. وحسب اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبري (رقم 29)، يعتبر العمل قسريا أو جبريا، عندما يُجبر العمال على العمل تحت تهديد العقوبة أو حجب الأجور وعدم دفعها.
تقصير حكومي
إن الموظفين قد اتخذوا أيضا إجراءات رسمية سعيا للحصول على حقوقهم، إلا أن الأمر لم يأت بنتائج سريعة، مما زاد الأمر تعقيدا.
وقد قال الموظفون بأنهم قبل احتجاجاتهم على الطرق الرئيسية، تقدموا بشكاوى بشأن رواتبهم الناقصة لدى الشرطة المحلية في 30 يناير، وإلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في 4 فبراير، حيث أكدوا أنهم لم يتلقوا أي ردود مكتوبة على هذه الشكاوى.
وبالرغم من إضافة بعض الإصلاحات العمالية على مدار العامين الماضيين، فإن السلطات القطرية لم تلغ نظام الكفالة الاستغلالي الذي يؤجج الانتهاكات ويمنح أصحاب العمل سلطة مفرطة على موظفيهم. ولا تزال موافقة صاحب العمل ضرورية للعامل لتغيير عمله.
وقد أبلغت جهة العمل هذه في يناير 2020 موظفيها الإداريين بأنهم في حال لم يرغبوا في العمل دون أجر، فيمكنها إصدار شهادات عدم ممانعة تسمح لهم بالانتقال إلى وظائف جديدة، ومع ذلك، فقد قال الموظفون الذين قوبلوا بأنهم لا يريدون الاستقالة حتى يتلقوا أجورهم بالكامل عن العمل السابق لأن الموظفين الذين غادروا قبل عام ما زالوا ينتظرون رواتب ومكافآت مستحقة.
إن قانون العمل القطري ينص على أن يتلقى العمال الوافدون مكافأة سنوية يجب أن تصل إلى ثلاثة أسابيع على الأقل من الأجر الشهري. وقد قال موظف سابق من باكستان لهيومن رايتس ووتش بأنه استقال قبل عام، ولا تزال لديه مستحقات 20 ألف ريال قطري (حوالي 5,493 دولار). وينتهك هذا التأخير القانون القطري، الذي ينص على أنه في حالة إنهاء عمل العامل، إذ على صاحب العمل دفع أجوره وأي مبالغ مستحقة أخرى في غضون سبعة أيام من آخر يوم عمل.
وقد كشف مؤخرا تقرير مشترك صدر عن منظمة العمل الدولية ووزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، عن سلسلة من المشاكل في نظام حماية الأجور تعيق فعاليته، وتثقل كاهله في عدة حالات.
وقد ذكر التقرير بأنه في نوفمبر 2018، كان موظفو نظام حماية الأجور يتعاملون مع قضايا تعود إلى يناير 2018. حيث قيل بأن التهديد بفرض عقوبات على الانتهاكات لم يكن على الفور. وتشمل العقوبات السجن لمدة أقصاها شهر واحد، ودفع غرامة بين ألفين إلى 6 آلاف ريال قطري (حوالي 550 إلى 1,648 دولار) أو كليهما.
وذكرت أيضا هيومن رايتس ووتش بأنه بالرغم من أن النظام يمكنه الإبلاغ عن عدم الدفع، لكن الأمر بيد إدارة حماية الأجور لتطبيق القانون على المدفوعات الكاملة وفي الوقت المناسب.
وقد قال بيج: هذه الحالة لمئات الأجور المتأخرة تؤكد مجددا أن نظام حماية الأجور وإدارة حماية الأجور ليسا كافيين لضمان حصول العمال الوافدين في قطر على رواتبهم، في الوقت المناسب وبالكامل.